31-03-2012 07:49 AM
كل الاردن -
عواد النواصرة
رئيس ملتقى غور المزرعة الثقافي
ما زالت عشتار تسافر في تراتيل الذاكرة المنسية، وتستعطف حادي العيس أن يترفق بها، فهي ما تزال أنثى رغم انقضاء السنوات العجاف، ورغم بطولتها لمسرحية نخب عشتار، وما زال تموز يحلم بالأزلية والخلود رغم مشاركته في بطولة المسرحية، وخروجه عن النص طمعا بمغنم النجاة من سم الأفعى، وتأنيب الضمير. طافت المسرحية في البلاد العجيبة، وصورت لنا حروب الجاهلية وبرزت أبطال تلو أبطال، وأجيال تسامر أجيال حتى وصلت إلى عصرنا الحاضر، وعرضت في ساحات المدارس والجامعات رغم السبات الطويل الأبطال المسرحية، وبرزت عشتار بثوب البطولة بجميع الألوان وبكل المقاسات تصور لنا عصور غابرة، وحاضر يكتنفه الغموض. وتستمر المسرحية بكل الملامح العربية ودارت الكؤوس بكل ما لذ وطاب، وجاءت ارشكجال من مملكة الظلام وعرضت ثوبها البراق في عيون الصبية، فاشتعلت الصالات وعمت الأفراح، عندها صرخة عشتار صرختها المعهودة بلون الغيرة وطمعا بالنجومية العصرية: بكل اكتمالي أتجلى وأعطي النبوءات للبشر، أنا اينانا معذبة تموز،إلهة الحب والجمال، هلموا إلي معشر الشباب القادرين على العطاء، لنقيم المعبد ونعيد عصر عشتار، فضاقت القاعة بالتصفيق والهتافات وتمايل الجميع مع ترتيل عشتار، وصفق الصبية في المدارس والجامعات وأرباب الشوارع، ورددوه عشتار عشتار، وبعدها غادر الجميع القاعة ورؤوسهم موسومة بوسم عشتار وتعاهدوا على إباحة ألا مباح بالدرهم والدينار.
من يا ترى اخترع خصر عشتار والبسها ثوب العصور الحاضرة وأنهضها من مرقد طويل الأجل؟ لتظهر بكل الألوان وبكل اللغات، ولم تفرق بين غني وفقير صغير أو كبير، فظهرت في قصائد الأطفال، ومناهج الكبار، إنها منهاج خفي يسير في شوارع المدنية، وتسري في أوصال الشباب كما سرت من قبل في جسد تموز وأرغمته على الانحدار إلى مملكة الظلام السرمدية، لتلحق به نقشا قرمزيا عصي عن التعديل، ولحنا عصريا لا يقبل التبديل، هل ما زالت عشتار تعبد وتموز يرعى الغنم؟
awad_naws@yahoo.com