أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


مشكلة "قصر نظر"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
27-05-2012 12:16 AM
يبدو الرهان الرسمي واضحاً على محدودية الحراك السياسي وضعفه، وربما اللغة الأكثر تداولاً على لسان المسؤولين هي 'لن نسمح لألفي شخص أن يفرضوا أجندتهم على الدولة'!، بالطبع يتمادى آخرون في البناء على فرضية انهيار الحراك وتبدّده، للتساؤل: إذا كان الشعب لا يريد قانون انتخاب يؤدي إلى برلمان سياسي حقيقي، وحكومة برلمانية معارضة، وإذا كانت الحركة الإسلامية عملياً هي الطرف والوحيد المتحرك وتكاد لا تجمع بضعة آلاف بصعوبة شديدة في مسيرة الجمعة، يضاف إليهم عشرات في الطفيلة ومحافظات أخرى، لماذا إذن نسلّم لحانا للجماعة بقانون انتخاب يمنحهم وزناً سياسياً كبيراً على حساب الأغلبية التي ربما لا تقف مع الجماعة ولا تؤيدها؟!ومن رحم هذه الفرضيات والتساؤلات تناسلت مجموعة من الفرضيات الأخرى؛ مثل أنّ الأساس في الحراك اقتصادي، وليس سياسياً، والخشية ليست من هذه القوى التي تطلق الشعارات وترفع وتيرة المطالبة بالإصلاحات وتتجاوز في سقوفها الخطوط الحمراء، إنّما من 'ثورة الفقراء والمحرومين'، وهي تتطلب مقاربة أخرى ذات طابع اقتصادي. الخ.مشكلة هذه الفرضيات، بل المشكلة الأساسية في السياسات الأردنية، عموماً، أنّها تتعامل مع استحقاقات تاريخية واستراتيجية بعقلية القطعة والمياومة، فبين ليلة وضحاها يمكن أن تنقلب الرهانات وتتبدل الفرضيات، وننتقل من خط سياسي إلى آخر! فلو قبلنا جدلاً أنّ الحراك بصيغته الحالية انتهى أو ذوت شعلته، فإنّ ذلك لأنّ هذه الصيغة استنفدت أهدافها، وهناك اليوم مؤشرات واضحة وفاعلة، لمن لا يعانون قصر النظر، تؤكّد أنّ المزاج الشعبي الساخط يعيد هيكلة الحراك والانتقال به إلى مرحلة جديدة أكثر حضوراً وقوة، وأنّ هنالك شرائح اجتماعية جديدة في المدن، وتحديداً من أبناء الطبقة الوسطى، تتأهب للانضمام إلى موجة الاحتجاجات، بدأت إرهاصات ذلك في العالم الافتراضي. يمكن أن نلحظ هذا المزاج في الشارع بسهولة، ليس حصراً في مكان دون الآخر، وإن كانت أدوات وأساليب التعبير عنه تختلف، ما بين اختراق للسقوف، أو تهامس في المنازل وتعبير عن خيبة الأمل والانزعاج. وإذا كانت الظروف الاقتصادية هي المحرّك الأساسي لشريحة واسعة، فإنّ شريحة أخرى تبدو صامتة اليوم، لكنها غاضبة ومحتقنة، وتقرأ الرسائل المقلقة صباح مساء، مطالبها سياسية وإصلاحية. ما هو أهم من ذلك في هذه اللحظة أنّ الفصل بين الجوانب الاقتصادية والسياسية غير ممكن، فسرعان ما تتحول احتجاجات أو احتقانات على خلفية اقتصادية إلى خطاب سياسي، يأخذ بعداً أكثر قوة وفعالية من خطابات الأحزاب والقوى السياسية المعارضة التقليدية، التي تحفظ درسها غيباً مع السلطة، فالخشية ليس منها، لكن ممن يصمت حتى ينفجر! جوهر العبقرية الرسمية الأردنية! أنّنا نهرب من الحلول الأكثر سهولة وإمكانية إلى الحلول الأكثر صعوبة، فبدلاً من محاولة تنفيس الأزمة الاقتصادية عبر الإصلاحات السياسية، واسترضاء الجمهور بقانون انتخاب وبرلمان يعيدهم من الشارع إلى مشاهدة 'مداولات القبة'، نصرّ على الذهاب نحو الأزمة الاقتصادية مباشرة، وهي الأكثر خطورة، والتي لا نملك معها فعل شيء كثير.الرهان، هنا، هو على 'المساعدات الشقيقة'، وأسفرت الأيام الماضية عن وعود بمساعدات سخية، لكنها مرتبطة بقرارات أردنية تؤكد على وقف الهدر، وفي مقدمتها رفع الأسعار، يعني أنّ المعادلة الاقتصادية الحالية لا يمكن أن تستمر، وأنّنا سنبقى أمام شبح الفقر والبطالة ويدين مقيدتين من الدولة!جملة القول: أنّ الفرصة ما تزال قائمة للعبور نحو إصلاح سياسي جوهري يخفف من الاحتقانات الشعبية ويشتت تداعيات الأزمة الاقتصادية. لم يفت القطار بعد.m.aburumman@alghad.jo

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-05-2012 10:37 AM

معك حق في بعض استنتاجاتك. فالخلفية التي صاغت مواقف الحراك لبعض الشرائح والفئات الاجتماعية كانت على اساس الثقافة التي سادت عبر العقود الطويلة الماضية من عداء للاحزاب والحراكات السياسية ووضع من يحمل رأي سياسي او ثقافة حزبية بعيدا عن المطالب الشعبية الان اعتقد اننا قد تجاوزنا المرحلة واقتنع من لك يكن ان المطالب الاقتصادية والاجتماعية في جوهرها سياسية ومع حالة النضوج هذه ترتفع السقوف ولن تهبط مهما كانت التراجعات الحقيقية او المزيفة التي تقوم بها الجهات المتنفذة والذكية المشار اليها في المقال اعلاه لان ما يحدث يحفر على صخر الوعي وليس على رماله فسيبقى وينتقل الى الاجيال وتصبح بطولات المعارضة في الخمسينيات امجاد ومن كان في الموقع المقابل نذالة وجبن

2) تعليق بواسطة :
27-05-2012 04:35 PM

(لان ما يحدث يحفر على صخر الوعي وليس على رماله)



كم هذة العبارة معبرة وجميله

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012