أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 01 أيار/مايو 2024
الأربعاء , 01 أيار/مايو 2024


يوم التقينا صدام

بقلم : رشاد ابو داود
11-09-2023 12:32 AM

حين التقيناه لم يكن الرجل مهيباً بمعنى مخيفاً مع أنه حمل لقب 'المهيب' . ولم يكن فظاً مقطب الجبين بل بادرنا باتسامة موزونة . وحين بدأ الترحيب ب 'الأخوة الاعلاميين العرب' حدث خللاً في الميكروفون فلم يعد صوته مسموعاً . ضحك وقال بعد أن ركض الفنيون و أصلحوا الخلل ، ما تواخذونا حنا لسة من دول العالم الثالث' فضجت القاعة بالضحك .
كان ذلك في النصف الاول من الثمانينات حيث كانت ما سميت حرب الخليج الاولى التي بدأت في ايلول سبتمبر 1980 وتوقفت في 20 آب اغسطس 1988 ، ما تزال مستعرة والنار تحرق الأخضر والحجر والبشر من كلا الطرفين الجارين المسلمين .
أما 'الأخوة الاعلاميين العرب' فكنا وفوداً من الصحف ووسائل الاعلام العربية . وكنت من ضمن الوفد الاعلامي الكويتي ممثلاً لجريدتي آنذاك 'الأنباء' . وأتذكر أن من ضمن الوفد الزميل الكاتب محمود الريماوي و كنا ننزل في نفس الفندق وما أن نرى بعضنا حتى اليوم حتى يبادر أحدنا بالقول للآخر ضاحكاً ' وين الدياي 'الدجاج' باللهجة الخليجية ، وين المشاريب ، وين وين ' التي نادى بها أحد أعضاء الوفد الكبير في السن على نادل الفندق . وتلك حكاية أخرى . ومن الوفد الأردني أو رئيسه كان المرحوم عميد 'الرأي' محمود الكايد أبو عزمي الذي تعرفت عليه وقتها لأول مرة .
في اليوم المحدد للقاء الرئيس انطلقت بنا سيارات الرئاسة قبل موعد اللقاء بساعتين على الأقل . ودارت بنا دون أن نعرف مكان اللقاء . فالبلد في حالة حرب والاجراءات الأمنية طبيعي أن تكون مشددة خاصة عندما يتعلق الأمر بالرئيس .
تحدث صدام عن الأمة العربية الواحدة والعدو المشترك والبوابة الشرقية للوطن العربي ، وعن التصدي لسياسة تصدير الثورة التي انتهجتها الجمهورية الاسلامية الايرانية بزعامة الامام الخميني . كان صدام يتحدث ونحن نصفق بملء عواطفنا العربية . وهذا هو مبدأ الانسان العربي منذ القدم ' أنا وأخوي على ابن عمي وأنا و ابن عمي على الغريب '.
لم نكن نعلم وقتها أن أميركا كانت تصب الزيت على نار الحرب بوسائل مباشرة و غير مباشرة . وأنها كانت تنفذ سياسة 'الاحتواء المزدوج' لأقوى دولتين في المنطقة ، ايران الثورية و العراق القومي العربي . وهما كلاهما خطر على مدللتها وقاعدتها الأهم في المنطقة 'اسرائيل '.
ثمان سنوات والنار تلتهم البلدين شعوباً و ثروات ، حاضراً ومستقبلاً . وهذه الأخيرة 'مستقبلاً' هي الأهم وهي ما كانت تهدف اليه أميركا و حلفاؤها . ومن ينظر الى واقع العراق و ايران يرى ما نقول . فقد ورطوا صدام باحتلال الكويت الشقيقة العربية بعد انتصاره على ايران ثم استفردوا به واحتلوا العراق وسلموه لايران ثم.. اغتالوه .
نتخيل ماذا لو لم تنشب حرب الثمان سنوات بين الجارين المسلمين و توحدت ثرواتهما وجهودهما ، ولو لم تنجح سياسة 'الاحتواء المزدوج ' الأميركية ؟!!

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012