أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


موازين القوى إلى أين؟

بقلم : أحمد حمد الحسبان
21-02-2024 02:17 AM

بينما يجمع المحللون العسكريون، والسياسيون على ثبات تقريبي لموازين القوى في حرب غزة يتوقف المراقبون عند محاولات إسرائيلية لتزوير الصورة والادعاء بأن جيش الاحتلال يسجل تقدما في المواجهات ويلحق ضررا جسيما بالمقدرات البشرية واللوجستية للمقاومة وأن الموازين تميل لصالحه محاولا استغلال الحالة في تهدئة الشارع، وكسب ود القوى الداعمة. فالادعاءات التي يدلي بها الناطق باسم جيش الاحتلال وكبار المسؤولين العسكريين والسياسيين تشير إلى مقتل الآلاف من عناصر المقاومة، وتدمير ما يصل إلى سبعين بالمائة من أنفاقها وقوتها العسكرية، وتطهير شمال القطاع، وتكرار السيطرة على أجهزة ومعدات قتالية ومعلوماتية يمكن استغلالها في فك الغاز كانت مستعصية.

غير أن العمليات التي تنفذها المقاومة تكذب تلك الادعاءات، حيث تتواصل عمليات القصف من المناطق التي يدعي الجيش أنها حررت وتأكيدات بأن المقاومة ما تزال في مستوى عال من الجاهزية والقوة والقدرة على إدارة المواجهة. و' كنتيجة' هناك شبه إجماع على أن الحرب مهما طالت لن تفضي إلى تحقيق ما تسعى حكومة الاحتلال إلى تحقيقه من أهداف أبرزها القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى. وأن ما تمارسه من ضغط وقتل للسكان وتدمير للمساكن لن يفضي إلى تلك النتيجة.

غير أن حكومة الاحتلال تتصرف وكأن موازين القوى قد تغيرت لصالحها. حيث يحاول قادتها الظهور بمظهر المنتصر قبل أن يقع الكثير منهم في المحظور والاعتراف ضمنا بغير ذلك ولو من قبيل التأكيد بأن تحقيق الأهداف المعلنة ' يحتاج إلى وقت' والادعاء بأن 'النصر مؤكد'. وأن استعادة الرهائن من خلال الحرب أو الضغط أمر مؤكد. فبدءا من مشروع باريس الذي صاغته عدة أجهزة أمنية، ولاقى قبولا سياسيا، وما تبعه من مداولات أفضت إلى مواقف متقاطعة، وليس انتهاء بتراخي الرئيس الأميركي جو بايدن عن بعض مواقفه بخصوص العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعملية رفح المنتظرة، وتعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي وبعض رموز حكومة الحرب في مواقفهم، تتقاطع القراءات بخصوص موازين القوى، تتبعها تقاطعات ما تزال تعطل مشاريع التوافقات التي كانت وشيكة حول الخطوة التالية فيما يتعلق بالعدوان وتفاعلاته. فقد انقلبت أجواء التفاؤل بإمكانية التوافق التي كانت سائدة عقب الإعلان عن نجاح أجهزة استخباراتية اجتمعت في إعداد وثيقة الهدنة، رأسا على عقب، وكانت نقطة الصفر لذلك الانقلاب رفض إسرائيل للشروط التي وضعتها حركة حماس كتعديلات على المسودة المقترحة.
وفي تحليل المشهد جاء الرفض الإسرائيلي من مكتب رئيس الحكومة متزامنا مع ما وصفه نتنياهو بأنه' عملية تحرير اثنين من الأسرى المحتجزين لدى المقاومة. وفي أعقاب اتصال أجراه مع بايدن حول مشروع إخلاء منطقة رفح من اللاجئين. حيث أعطى بايدن الضوء الأخضر لإطلاق عملية الاقتحام للمنطقة واشترط' ضمان أمن السكان'. وهي العملية التي يعتقد نتنياهو أنه يمكنه استخدامها كورقة ضغط على المقاومة للتنازل عن مطالبها.
المستجد في ذلك الاتصال، نجاح نتنياهو في إقناع بايدن بأن عملية تحرير الأسرى ممكنة، وأنها قيد التنفيذ، كجزء من' قدرة قوة خاصة من الجيش الإسرائيلي في القيام بتلك المهمة' وستتبعها عمليات أخرى، مع أن المعلومات المتسربة تؤكد أن متعاونين مع أجهزة استخباراتية غربية أرشدتها ـ مقابل المال ـ إلى مكان الأسيرين المحتجزين لدى إحدى العائلات. وأنها ليست عملية بطولية كما يدعي الاحتلال. والنقطة الأخرى التي أدخلها نتنياهو في عقل بايدن، تتمثل بإمكانية استخدام ملف رفح كورقة ضغط على المقاومة من أجل التراجع عن بعض مطالبها التي وصف الموافقة عليها بأنه إعلان عن هزيمة إسرائيل وما يتبع ذلك من تفكك على مستوى الدولة، ومن تراجع في' هيبتها' على مستوى العالم عموما، والغرب الذي اعتبرها قاعدة متقدمة له خصوصا واستغلال قرب حلول شهر رمضان في تلك الضغوط.
ويبدو أن نتنياهو استغل كما من المعطيات وغالبيتها غير واقعية في التمسك بموقعه السياسي أولا، وبموقفه المتشدد ثانيا، وبعنجهيته التي يدير بها الملف ثالثا. متجاهلا الكثير من المستجدات وموظفا كل ما يمكن توظيفه في تلك المهمة بغض النظر عن مدى صدقه أو كذبه.
وإمعانا في العنجهية، فقد أعلن رفضه لحل الدولتين بشكل قاطع، وتمسك هو وبايدن بمشروع' الدولة اليهودية' والسيطرة الكاملة على قطاع غزة والضفة الغربية. ووافق على تعليمات مشددة قدمها' بن غافير' تمنع الشباب من الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان. ووافق على بناء حي استيطاني في المدينة المقدسة، وواصل عمليات التحرش بحزب الله في جنوب لبنان. وصمّ أذنيه عن رسائل بعث بها حزب الله اللبناني بأنه يمتلك صواريخ دقيقة وموجهة قادرة على قصف كل نقطة من مواقع إسرائيل بما في ذلك إيلات. وقدم الحزب إثباتا على ذلك بقصف معسكر في مدينة صفد بتلك الصواريخ رافضا إجراء أي مباحثات مع الاحتلال قبل أن تتوقف الحرب في غزة.
كل ذلك يؤشر على أن حكومة الحرب تواصل الادعاء بقوة موقفها، وتوظف ادعاءاتها في عمليات التأزيم وسط تساؤلات حول الاتجاه والمدى الذي يسعى اليه والذي يفهم منه أنه يرفض أي حل للقضية الفلسطينية ويتصرف وكأن الشعب الفلسطيني غبر موجود، وأنه لا توجد قضية أصلا.. ويبقى الجواب في علم الغيب استنادا إلى تمسك نتنياهو بموقفه وموقعه الأمر الذي يزيد من أزمة الداخل ومن اتساع دائرة الرفض العالمي ويطرح التساؤلات حول الموقف الأميركي الداعم لتلك العنجهية.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012