مناضلو تحرير فلسطين الجدد

الإثنين , 06 أيار/مايو 2024

مناضلو تحرير فلسطين الجدد

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
28-02-2024 06:01 PM

ابتدأ حديثه بالتعريف عن نفسه، اسمه آرون بوشنل، وما زال يعمل في القوات الجوية الأمريكية، وقال بأنه سيقوم باعتراض متطرف، على سياسة حرب الإبادة التي تشنها دولته ضد الفلسطينيين، ولن يكون اعتراضه أكثر تطرفا من سياسة امريكا تجاه الفلسطينيين.
موقف «فيديو» شاهده كل العرب، وقلة قليلة من الأمريكيين والشعوب الأخرى، بسبب سياسة تكميم الأفواه وحجب الحقائق، التي تطبقها حكومات الدول الداعمة لحرب الإبادة والتطهير ضد الشعب بل الوجود الفسطيني، لكن الفيديو متداول بين العرب «الأشاوس»، سيتناقله بعضهم كما «الحمار يحمل أسفارا»، ولن نلمس منهم سوى «النهيق»، ولا يمكن ان يندى لهم جبين، او يتملكهم ادنى شعور بالدونية، مقارنة بمواطني العالم الأحرار..
طيار أمريكي، يخبرنا بالحقيقة، ويعلن عن توقفه عن المشاركة في قتل وحرق وتجويع الناس الأبرياء، الذين يقاومون كل شر العالم، لتحرير وطنهم، وصون كرامتهم وأموالهم وأعراضهم، والتمتع بحقوقهم الطبيعية في الحياة.. يعلن الطيار الأمريكي آرول بأنه سيتوقف عن المشاركة في هذه الجريمة، ويحرق نفسه وهو يهتف «الحرية لفلسطين»، عبارة ستكون بعد هذه الحرب جريمة تعاقب عليها بعض القوانين العربية، وسوف يتم تجريم من يذكر فلسطين او يعبر عن أية رمزية تشير إليها، فهي باختصار أعمال تذكر المجرمين بجريمتهم، وتنادي بمحاكمتهم و «حرقهم»، وتحرير فلسطين..
هل سمعتم آخر مرة هتف الطيار بالحرية لفلسطين وهو يحترق؟ .. هذه العبارة وحدها هي التي ترعب المجرم الذي يشارك بقتل فلسطين وشعبها، هل تخيلتم حجم الألم الذي كان يعيشه الطيار الأمريكي «التائب» عن قتل الفلسطينيين، والرافض لهذه الجريمة، والذي يشهق أنفاسه الأخيرة ويعاني أفظع ألم، ويطالب بالحرية لفلسطين؟.
كم يختلف حال وموقف وإيمان وثبات الطيار الأمريكي على موقفه عن حال بعض العرب، الذين ندرك بأننا على ميزان المجرمين وعملائهم، مجرد نسخة أخرى من الفلسطينيين، بل إن قتلنا وحرقنا وإبادتنا، نحن العرب، هو الهدف المعلن حتى في مناهج وأناشيد أطفالهم الذين هم جنودهم في المستقبل؟ موقف هذا الطيار الامريكي «التائب»، يشبه في صدقه وصلابته موقف أهل غزة، أطفالهم وشبابهم وشيوخهم، نساء ورجالا ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، جوعى كانوا أم مرضى أم مقاتلين، يتربصون بالعدو ويحرصون على قتله والانتقام منه، ويريدون التحرير لفلسطين وشعبها ومقدساتها من الصهيونية النجسة..
هذا الطيار، وغيره كثيرون، من دون العرب، ولا علاقة وطنية فعلية تربطهم بفلسطين، هم مقاتلو تحرير فلسطين الحقيقيون، من بين كل المخلوقات الموجودة خارج حدود فلسطين المحتلة، والذي يبحث عن دليل لإثبات هذه الحقيقة فلن يطول انتظاره، إن لم يكتف بمشهد وموقف الطيار الأمريكي، الذي ربما كان في إجازة من معسكره في فلسطين أو حولها، وشارك في قتل الفلسطينيين في طلعات القوات الجوية الأمريكية المستمرة لإبادة الفلسطينيين.
هذا هو الموقف الحقيقي للمواطن الحر حول العالم، وهذا هو النمط القتالي النضالي الذي توقعته بعد انكشاف حجم الجريمة التي تدور في غزة، وسيكون هؤلاء الأحرار، هم مشكلة أمريكا وأوروبا، وهم سيهتفون ويقاتلون جيوشهم وحكوماتهم الصهيونية، لتحرير فلسطين والعالم.
فالعطب الذي اصاب الشخصية العربية كبير، لا ينفع معه أي دواء، مع تمام علمي ويقيني بأن العرب لو «استفاقوا» من غفلتهم، وتحرروا من قبضة العملاء لتبخرت الصهيونية وافكارها وقواها الغاشمة.
اسأل الله ان يرحم روح الطيار آرون بوشنل، فهي جديرة بها أكثر من ارواح كثير من المسلمين والعرب من الذين قضوا استسلاما تحت بساطير أعدائهم، والذين ينتظرون المصير ذاته.

الدستور