أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


« فرح».. ليس لها من اسمها نصيب !

بقلم : رشاد ابو داود
25-03-2024 01:05 AM

طفلة في السابعة من عمرها، شقراء كان وجهها ناصع البياض قبل أن يعلوه غبار الفقر. تمد يدها للسيارات على اشارة المرور. سألتها ما اسمك ؟ قالت فرح. طلبت منها أن تعيد اسمها، كأنني لا أصدق ما سمعت. كيف يكون لهذا الشقاء مثل هذا الاسم الباسم. كررته، أعطيتها النصيب. ابتسمت فرح، وأنا حزنت و مضيت.
فتحت اشارة المرور لأصحاب السيارات الملونة، لكن فرح ظلت واقفة. الاشارة الحمراء تفتح لها باب الرزق لتجمع ثمن وجبة لعائلتها وربما ثمن دواء لأمها أو أبيها المقعد أو العاطل عن العمل.
مهلاً...لا تقل إن المتسولين على الاشارات كاذبون. ولا تقل إنهم قبضوا على امرأة متسولة ليكتشفوا أن سيارة فاخرة تأتي في المساء لتنقلها الى بيت فخم، أو ذاك المتسول الذي اكتشفوا أن لديه حسابات في ثلاثة بنوك.
نعم، بعضهم من امتهن التسول ليريح نفسه من تعب العمل. لكن ليس كلهم.
ما ذنب فرح أن تتسول وتتوسل من أجل مبلغ، أي مبلغ تجود به نفسك؟ ألا تحب أن تكون في بيتها تراجع دروسها، تنعم بالدفء، بحضن أمها وحنان أبيها. وفي وقت الفراغ تفرح مع ألعابها وتنام على سرير ناعم وتحلم مع الملائكة.
صحيح أن النوم على وسادة ناعمة لا يجلب الأحلام السعيدة، لكن الأحلام السعيدة لا تأتي لمن يمضي نهاره متسولاً. ينظر اليه الناس كما لو أنه أصابه مرض معدٍ. يتنازل أو تتنازل عن كرامتها، تشعر بدونية لكأنها ليست من هؤلاء البشر.
ما الذي يجبر أبا أو أما على إرسال طفلهم أو طفلتهم لتتسول ؟
الفقر، انه الفقر الذي قال فيه الامام علي «لو كان رجلاً لقتلته «.
تحكي سيدة محترمة عن قصتها مع طفلة حكايتها تشبه حكاية فرح تبيع المحارم على اشارة المرور. رأتها تمسك دفتراً وتكتب. قالت لها : أراك كل يوم تكتبين، ماذا تفعلين ؟
قالت الطفلة : أحل واجباتي المدرسية. وهل تذهبين الى المدرسة ؟ نعم أنا في الصف الثاني. ولماذا تتسولين، أين أمك، قالت : انها تعمل خادمة في بيوت قريبة من هنا. وأبوك ؟ قالت متوفى. إخوتك؟ قالت : الكبير- وهو ليس كبيراً عمره عشر سنوات فقط - يعمل في كراج للسيارات. والآخر يمسح السيارات وهو في الصف الرابع.
تأثرت السيدة بحالة الطفلة، تابعتها وعرفت أنها تدرس في مدرسة بالحي. تقول : ذهبت الى المدرسة، سألت عن الطفلة فعلمت أنها في الصف الثالث. قالت لها مديرة المدرسة إنها متفوقة في الدراسة لكنها دائماً وحيدة لا صديقات لها، ملابسها قديمة وزميلاتها يبتعدن عنها.
تقول : أعطيت المديرة بعض الهدايا وقلت لها : هل بالامكان أن تكرمي الطفلة أمام زميلاتها في الطابور الصباحي باعتبارها التلميذة المثالية ؟ فرحت المديرة وقالت : طبعاً طبعاً بكل سرور. انها ذكية و مجتهدة وأنا أعرف وضع عائلتها وأنها تبيع المحارم على اشارة المرور.
ثم التقت أم الطفلة وقالت لها سأخصص مبلغاً بسيطاً من مصروف البيت لابنتك لكن لا تخبريها بذلك. فرحت الأم. تقول السيدة بقيت أتابع الطفلة التي صارت صبية وحياة عائلتها من خلال الأم المكافحة وعلى علم بتفوق البنت لأفاجأ بها تجلس في الصف الأول بكلية الطب.
الأهم، تقسم السيدة أن ابواب الرزق فتحت على آخرها عليها وعلى زوجها و عائلتها منذ ان خصصت للطفلة ذلك المبلغ البسيط.
كم منا لفرح مثل تلك السيدة في مجتمعنا ؟؟
الصدقات ليست في رمضان فقط أيها المؤمنون!!

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012