أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


الزميلة جمانة أبو حليمة تكتب في " الدستور" : أرضُ فلسطين تَغلي على نار غزّة

30-03-2024 01:42 PM
كل الاردن -

تأتي ذكرى «يوم الأرض» الفلسطيني لهذا العام والحزن يخيّم على كل فلسطين والعالم العربي والاسلامي أجمع لما يحل بأهلنا في قطاع غزة من مجازر لم يشهد مثلها تاريخ فلسطين منذ بداية الاحتلال الصهيوني الغاشم حتى هذه اللحظة، فمع وقوع أحداث السابع من اكتوبر الماضي في مستوطنات غلاف غزة؛ اذ وجّه مقاتلو حركة حماس صفعة قوية للأمن والمستوطنات الاسرائيلية فجاء الرد الاسرائيلي بوحشية غير مسبوقة ولا متناهية وبلا رحمة بطفل او شيخ او امراة ولا حتى الحيوانات، منذ ذلك اليوم وتشن قوات الاحتلال وآلياته على أهل القطاع غارات ابادة جماعية ضاربة بجميع الاعراف السياسية والأخلاقية والمنظمات الدولية عرض الحائط، ناهيك عما ترتكبه حكومة الاحتلال بكافة مؤسساتها وأذرعها العسكرية ومنذ احتلال فلسطين في العام 1948 من انتهاكات وحملات مسعورة على الأرض الفلسطينية، من استيلاء ومصادرة وهدم بيوت وتهجير للمواطنين، بالاضافة الى المشاريع الاستيطانية الآخذة بالتوسع بصورة مريعة.
ويعتبر يوم الأرض حدثًا مهمًا في تاريخ الفلسطينيين، فللمرة الأولى منذ النكبة تنتفض هذه الجماهير الفلسطينية ضد قرارات السلطة الإسرائيلية المجحفة وتحاول الغاءها بواسطة النضال الشعبي مستمدين القوة من وحدتهم وكان له اثر كبير على علاقتهم بالسلطة وتأثير عظيم على وعيهم السياسي. وحتى اليوم يقوم الفلسطينيون (اينما كانوا) باحياء ذكرى يوم الأرض، يتم الاحتفال بها أيضا في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس الشرقية ومخيمات اللاجئين وفلسطيني الشتات في جميع أنحاء العالم، ويعتبرونه رمزا من رمز الصمود الفلسطيني.
وتعود أحداث يوم الأرض الفلسطيني الذي يحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كلّ سنة ذكرى يوم الأرض الخالد، لآذار 1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع تقع ضمن مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة مطلقة، في الجليل وعرابة، على اثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربيّة بالدّاخل الفلسطينيّ بإعلان الإضراب الشّامل، متحدّية ولأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السّلطات الإسرائيليّة، وكان الرّدّ الإسرائيليّ عسكريّ شديد إذ دخلت قوّات معزّزة من الجيش الإسرائيليّ مدعومة بالدّبّابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة(عرابة) وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل.
لقد صادرت قوات الجيش الإسرائيلي من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل الأوسط منها عرّابة وسخنين ودير حنا (وهي القرى التي تدعى اليوم مثلّث يوم الأرض) وذلك في نطاق مخطّط تهويد الجليل. فقام فلسطينيو 1948 أو من يسمون فلسطينيو الداخل بإعلان إضراب عام وقامت مظاهرات عديدة في القرى والمدن العربية وحدثت صدامات بين الجماهير المتظاهرة وقوى الشرطة والجيش الإسرائيلي فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص 4 منهم قتلوا برصاص الجيش واثنان برصاص الشرطة. ورغم مطالبة الجماهير العربية السلطات الإسرائيلية بإقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش والشرطة بقتل مواطنين عُزَّل يحملون الجنسيّة الإسرائيليّة إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التّام بادعاء أن الجيش واجه قوى معادية.
فكان يوم الأرض أول هبة جماعية للجماهير العربية في فلسطين وأعلنتها صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد ، فقد تصرفت فيها بشكل جماعي ومنظم، حركها إحساسها بالخطر، ووجّه وعيها لسياسات المصادرة والاقتلاع في الجليل، خصوصا في منطقة البطوف ،عرابة، دير حنا وسخنين، وفي المثلث والنقب ومحاولات اقتلاع أهلنا هناك ومصادرة أراضيهم. في هذا اليوم، الذي يعتبر تحولا هاما في تاريخ الفلسطيني على أرضه ووطنه، سقط شهداء الأرض.
وما ميّز يوم الأرض هو خروج الجماهير لوحدها إلى الشوارع دونما تخطيط، لقد قادت الجماهير نفسها إلى الصدام مع المؤسسة الرسمية، حيث بلغ وعي الخطر الداهم على الأرض أوجه في يوم الأرض، وقد اقتربت الجماهير الفلسطينية في الثلاثين من آذار إلى إطار العصيان المدني الجماعي، فتصرفت لأول مرة كشعب منظم، استوعبت فيه أبعاد قضيتها الأساسية، ألا وهي قضية الأرض، فأعلنت الجماهير العربية، ممثلة بلجنة الدفاع عن الأراضي العربية الإضراب الاحتجاجي في منطقة المل - (منطقة رقم 9)تقع هذه الأرض ضمن مساحات القرى، سخنين وعرابة ودير حنا، وتبلغ مساحتها 60 الف دونم. استخدمت هذه المنطقة بين السنوات 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لاصحاب الأرض- ضد قرارات اسرائيلية للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية وذلك في تاريخ 30.3.1976.
احداث يوم الارض لم تنته في الثلاثين من آذار من العام 1976، بل هي مستمرة حتى هذه اللحظة مع ارتفاع درجة الظلم والوحشية، فلا تزال سياسات المصادرة والاقتلاع والتهجير والمخططات المختلفة تحاول خنق الفلسطينيين والتضييق عليهم، وازدادت ايضا التوجهات العنصرية التي تسعى إلى نزع شرعيتهم السياسية وشرعية وجودهم، وليس فقط مصادرة أرضهم. وفي احياء الفلسطينيون لذكرى يوم أرضهم لهذا العام فان أرض فلسطين من شمالها الى جنوبها كمرجل يغلي على نار غزة التي ما زالت الحرب فيها مستعرة للشهر السادس على التوالي حيث تم تدمير البنى التحية في غالبية مناطق القطاع والمدارس والمصانع والمؤسسات التعليمية، لقد وصلت الأوضاع الإنسانية فى القطاع إلى مراحل كارثية، حيث قالت وزارة الصحة فى قطاع غزة إن أجزاء كبيرة من القطاع بلا ماء للشرب أو للنظافة الشخصية، وبلا طعام وبلا كهرباء وبلا مقومات علاجية. وبلغ عدد شهداء العدوان على غزة حتى الآن 32,623 شهيدا وأكثر من 75 ألف مصاب، وما زال الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه عليها لليوم 176 على التوالي.
هذا وقد اشتعلت الأوضاع في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة منذ بداية الحرب على غزة أكثر وأكثر عما قبل وتصاعدت وتيرة الاقتحامات والاعتقالات والتنكيل بالمدنيين الفلسطينيين في عدة مناطق فيها، و قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تتوقف عن تنفيذ الاقتحامات لعدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية، كما وكثفت من وجودها العسكري فى محيط القرى والبلدات الفلسطينية، ونصبت كمائن بين كروم الزيتون، وضاعفت وحشيتها أضعافاً كثيرة بالاضافة الى استمرار سياسة مصادرة الاراضي وتدمير المحاصيل وتهجير أصحابها.

جمانة أبو حليمة'قسم الشؤون الفلسطينية' - الدستور
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012