أضف إلى المفضلة
الخميس , 23 أيار/مايو 2024
الخميس , 23 أيار/مايو 2024


الغاء مديرية التربية والتعليم الخاص تخبط قرارات ؟أم تصفية حسابات؟

بقلم : الدكتور شفيق علقم
17-11-2012 11:03 AM
انطلقت مسيرة التعليم الخاص في الاردن مع باكورة تأسيس الامارة ، وتحديدا عام 1924 ، فكان الاردن من أول الدول التي فتحت ذراعيها لمؤسسات التعليم الخاص ، وساعدت على ظهورها وانتشارها ، وذلك بفضل اهتمام السياسات التربوية بمسيرة التعليم الخاص ، وتوالت هذه المؤسسات بالانتشار والنمو تحت مظلة ورعاية وزارة التربية والتعليم . أما مديرية التربية والتعليم الخاص بكيانها المستقل الحالي؛ فقد تم تأسيسها عام 1989 ، ومن الجدير بالذكر ؛ أن الذي قرر تشكيلها وتبني وجودها ، هو دولة رئيس الوزراء الحالي ، الدكتور عبد الله النسور ، الذي كان وقتئذ وزيرا للتربية والتعليم ؛ حيث استشعر أهميتها ، واقتنع بضرورة وجودها للاشراف ومتابعة ورعاية مؤسسات التعليم الخاص ،التي أخذت تتكاثر وتزداد وتنتشر على اتساع رقعة الوطن بسرعة ، ولقناعته بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتق الوزارة حينئذ ؛ والتخفيف عنها ، وقد كان قرارا صائبا وحكيما ، يعلي من شأن اللامركزية ،ويعزز المشاركة المجتمعية في تحمل مسؤولية التعليم ؛ باعتبار ان التربية والتعليم مسؤولية وطنية مشتركة ؛ تساهم في خدمتها المؤسسات المجتمعية ، ولضمان مساهمة الافراد في بناء اقتصاد متجدد ، وبناء شراكات حقيقية فاعلة،وفتح فرص امكانية المنافسة في مجتمع الاقتصاد المعرفي ، وتحقيقا للتوجه نحو تحقيق الاستقلال الذاتي للمؤسسات التعليمية.
هذا وقد تمثلت المديرية الناشئة - خلال عقدين من الزمن- دورها بكل جدارة واخلاص، وأثبتت وجودها وفاعليتها ،فنما التعليم الخاص بسرعة ، كما وكيفا،واتسع نطاق الاستثمار في هذا القطاع ،وتحركت رؤوس الاموال وتنوعت ، وتنامى هذا التعليم في هذا القطاع وتنوعت مؤسساته ،من مدارس ورياض اطفال ومراكز ثقافية وشمل جميع المراحل الدراسية ،وضربت مديرية التربية التعليم الخاص مثلا يحتذى في العطاء والاخلاص وتحقيق الاهداف في أيامها الاخيرة ، وبرزت كأفضل مديرية في خدمة العملية التعليمية والتربوية ، وتحمل مسؤوليتها ، ومشاركتها الحقيقية مع مؤسسات المجتمع التعليمية التي انضوت تحت مسؤوليتها في دفع مسيرة التعليم والنهوض بها ؛حيث كانت تخدم ما نسبته 14, 31 % من الطلبة، ضمن حوالي 500 مدرسة و800 روضة أطفال و300 مركز ثقافي، واشتملت في أواخر عهدها على 19 قسما فاعلا، يتولى كل منها مهاما خاصة ، فغطت خدماتها جميع مناطق وألوية محافظة العاصمة.
لقد كانت ازدحمت برامجها بالمهام والأنشطة والفعاليات والمسؤوليات ، ووصلت أوج فاعليتها في خدمة المؤسسات المجتمعية والمواطنين والوطن بعامة ،حتى جاء يوم عصفت فيه الشكوك والوساوس،وتداعت التربصات والنزعات بصاحب القرار، وبضربة سريعة ،وبقرار جائر متسرع، أثار جدلا عميقا في أنحاء المجتمع ، وأصاب التربويين والمؤسسات الخاصة بنوع من الحيرة والدهشة المريبة ، تم فيه الغاء المديرية واهدار دمها النقي القاني ، وتوزيع موظفيها وكوادرها على مديريات التعليم الاخرى ؛فكانت هجرة منتسبيها اليها قسرية ، وبنوع من التخجيل والحياء ،ليختاروا مراكزهم الجديدة بقرار غير مدروس.
ومع ذلك، ولبيان الحقيقة ، دعونا نناقش ونستفسر هل كان هذا القرار حقيقة متسرعا وبدون دراسة ؟ ام كان عكس ذلك ؟ وما دواعي دمج هذه المديرية في المديريات الاخرى ؟ وبكل موضوعية نحاول مناقشة ذلك كما يلي:-
فاذا كان سبب الالغاء هو حجم العمل الكبير وصعوبة الاشراف عليه كما يشاع ؛ فان العمل الكبيركما تقول النظريات الادارية الحديثة ، يؤدي إلى الابداع ،ويولد الذكاء بين الاداريين ،ويؤدي إلى كبرياء الاعتزاز بالعمل وانجاز اهدافه ، كما أن نطاق الاشراف المناسب يعتمد على طبيعة العمل ، فاتساع نطاق الاشراف أثبت نجاعة أكبر في العمل ، وكفاءة في التنظيم؛ لان تفويض السلطة التي يمنحها المدير أو المشرف للمرؤوسين تساهم في رفع روحهم المعنوية، وتحسين انتاجهم، فتحمل السلطة المناسبة وتحمل المسؤولية للمرؤوسين يحفز شعورهم ،ويخولهم أداء مهامهم وواجباتهم بكفاءة عالية،ويخلق لديهم الابداعات ،كما أن اللامركزية تزداد كلما اتسع نطاق الاشراف، فيسمح بالمستويات الادنى باتخاذ القرارات التي ضمن نطاقه.
ان مفاهيم منح السلطة ،والشعور بالمسؤولية واللامركزية في اتخاذ القرارات، وتفويض السلطة، ونطاق الاشراف الاوسع، تؤدي كلها إلى تحسين القدرة في اأداء العمل، وبالتالي في مردود انتاجي أفضل ،كما تؤدي إلى الابداع ،وهذه تكون في العمل الكبير، ولا تكون في العمل الصغير ؛حيث ظل رقابة شديدة، وتضييق الخناق بتضييق نطاق الاشراف.
اما اذا كان سبب الالغاء وكما يشاع أيضا ، في وجود شللية وبؤر فساد في المديرية المقصودة ، فذلك ممكن !! لأن ظاهرة الفساد – وللأسف - أصبحت تستشري وتتغلغل في كل مفاصل حياة مجتمعاتنا ؛ وان كان ذلك كذلك ؛ فان معالجة الفساد - ان كان حقا قد وجد – لا يكون بنشره وتعميمه لئلا ينقل العدوى إلى جميع مديريات التربية والتعليم ، وانما تكون المعالجة بتحديده ومحاصرته ، والوقوف على أسباب استشرائه وتجنب عدواه، وتحديد الخطوات والاجراءات لتطويقه وكشفه والقضاء عليه، فالفساد ينمو وينتشر في ظل ضعف الضوابط الادارية ،وغياب المراقبة والمتابعة والمساءلة ،والركون إلى التفويض السائب المترهل ،وضعف السلطة او الدولة بشكل عام ؛ ففي الدولة ، بسبب توجها نحو اقتصاد السوق ، وخصخصة المؤسسات والمشاريع العامة .
كما أن من أخطر أنواع الفساد ذاك الذي يظهر بسبب تغييب تكافؤ الفرص في المناصب العليا ، واحتكارها لشريحة محدودة من المسؤولين ضعيفي القدرة الادارية والفنية وغير المتخصصين ، وهذا ما يحصل في بعض مؤسساتنا .ومع ذلك يترقون بسرعة إلى مناصب أعلى فيتكرر فشلهم في كل امورهم الوظيفية ، وهذا ما يشكل بيئة ملائمة للفساد.
وعلى أية حال فالسؤال المهم هو متى ظهر هذا الفساد المزعوم في مديرية التعليم الخاص ؟ هل هو حديث العهد ام قديمه ؟ و في أية فترة ؛ كي يسهل تحديده ومعالجته ؟ فقد قيل أن صاحب القرار كان شغل مديرا لهذه المديرية ،واشتم رائحة فساد ، فالشم يكون عن قرب ، أوهي شبهة فساد تحوم حول شخوص بعينهم ،والشبهة تكون بالتحسس والتلمس ،وهذا يكون عن قرب ايضا، فلماذا لم يتحرك لمعالجته والقضاء عليه حينئذ ، وهو قريب منه ، يشمه ويتحسسه؟؟!!
ان مديرية التربية والتعليم الخاص لها خصوصيتها في التعامل مع مؤسساتها و مراجعيها ومنتسبيها وابناءالمجتمع عامة ، تختلف عن باقي المديريات الاخرى ،لذلك لن تكون نتائج الدمج في مصلحة التعليم والعمل ، ولا هي في مصلحة المجتمع ولا في مصلحة معينة عامة ، فقد أثمرت تداعيات قرار الغائها وتوزيع أو تشتيت كوادرها على مديريات التعليم الاخرى تذمرات وشكاوى جمة ، أخذت تنهال على وسائل الاعلام والمؤسسات المسؤولة ، فهلا سمعتم للطلبة وذويهم ، وللمعلمين وشكاويهم ، وللنقابات المعنية ومحاولاتها وقلة حيلتها!!؟؟

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012