أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


إنهم يستبيحون الوطن !! فهل يحطمون الدولة ؟

بقلم : الدكتور سالم عبدالمجيد الحياري
06-05-2013 09:39 AM


عندما افتتحت شركة الهند الشرقية \' التجارية\' البريطانية أول مكتب لها في شبه القارة الهندية في القرن السابع عشر، بعد حصولها على الترخيص من ملكة بريطانيا اليزابيث الأولى للمتاجرة \'ظاهرياً\' بالحريروالشاي والأفيون والقطن والتوابل ، بدأت أول ما بدأت برمي بذور الفرقة والتناحر بين السلطنات والممالك الإسلامية، ثم أحضرت جنوداً من بريطانيا بحجة الحماية من الاعتداءات عليها من\'اللصوص\' من أهل البلاد، وهكذا بدأت تتقاطر على الهند قطعات من الجيش البريطاني دفعة وراء دفعة، يساعدهم تسهيلات وخيانة بعض الملوك في المنطقة، إلى أن تم استعمار كافة شبه القارة الهندية (الهند، باكستان، بنغلادش وسيرلنكا حالياً ) التي أصبحت تابعة للتاج البريطاني الذي أخذ أولاً بطرد وسجن عملائه من الملوك والسلاطين المحليين، وبأحسن حال إجبارهم على الإقامة في قصورهم مع إعطاء الفتات لهم ليعتاشوا من مكرماتهم التي هي أصلاً من خيرات البلاد المُستعمرة !! ثم أخذ الإنكليز بإذلال شعوب المنطقة حتى حُررت نتيجة الهبّات والثورات على المحتل وعملائه المحليين بالقرن الماضي. ولا شك أن هذه عبرة تاريخية لمن يستقدم الأجنبي بحجة الاستثمار والشراكة .
في أوائل العقد الأول من هذا القرن بُدِءَ بتنفيذ مخطط تحطيم حلقات الدولة الأردنية فاستُحضر البهلوان من \'المجهول\'، فوَضع برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي \'المدرسة البهلوانية\' لتحطيم الحلقة الأولى وهي اقتصاد الوطن، فبيعت مؤسسات القطاع العام بحجة الخصخصة للأجنبي والغريب( الاتصالات والمطارالدولي والإسمنت للفرنسي مثالاَ) والميناء الوحيد للبلاد، شركة أمنية وشركات التعدين(الفوسفات والبوتاس لمجهول والكندي مثالاَ اخر) ووُزعت أراضي الخزينة على الأقارب والأنسباء والأشقاء والأخوال والمتنفذين و التي بيعت عن طريق بعض وسطاء العقار بأسعار السوق، الذين أصبح منهم نواباً، واختُرعت أكثر من55 مؤسسة موازية للوزارات لتحييدها وجعلها ديكورات دولة ولتنفيع بعض الاشخاص المتسلقين وبعضاً من أبناء العشائر ومحظيين النظام، واستُنزفت بها أموال الخزينة، واقتُرحت مشاريع وهمية \' لطشت\' ما بقي من أموال المنح والمساعدات والقروض التي حُملت على كاهل الشعب بعد أن حُولت للخارج لشراء القصور واليخوت والطائرات الخاصة والجُزر، ولرفاهية شراء المجوهرات والفساتين والمقامرة ومنافسة عروض الأزياء العالمية، واستُحدثت مبادرات سخيفة بحجة مساعدة الريف والبادية ومدارس المناطق الفقيرة ، وانتفخت جيوب وكروش وسطاء وسماسرة \'البرنامج\'، وهكذا حقق برنامج التحطيم الاقتصادي والاجتماعي هدفه الأول للانتقال لتحطيم الحلقة الثانية وهي الاجتماعية التي هي نتيجة حتمية للهدف الاول وهي زيادة البطالة إلى نسبة 30% عملياً، وزادت نسبة الفقراء مع تحطيم الطبقة الوسطى- وهي عماد أي دولة - وهُمّشت الأطراف والمحافظات، فاختل التوازن الاجتماعي، تبعه الاختلال الأخلاقي من خلال تشجيع النظام للنوادي الليلية وتسهيل دخول بنات الهوى للبلاد وسهولة ترخيص نوادي ومقرات المخالفين للقيم والعقيدة واحتفالاتهم الماجنة، وبمشاركة بعض أبناء وبنات بعض\' الذوات\'، زادت الجريمة التي تكاد أن تصبح منظمة، وأصبح الاعتداء على أفراد المؤسسات الأمنية وكأنه غاية للبعض واستغلال أي تصرف فردي لمهاجمتها وحتى من أعلى المستويات!! وبالتالي حقق برنامج التحطيم الاقتصادي والاجتماعي الهدف الثاني وهو تحطيم الحلقة الاجتماعية الأخلاقية الثقافية للوطن الأردني، مما سهل اختراقه من القوى الكارهة للأردن من الخارج وبعض الساكن بيننا . بالموازي وعلى المستوى السياسي وهو الحلقة الرئيسية للوطن فقد أصبح لا يختلف عن أكثر الدول بالتخلف السياسي لإدارة الدولة. وبتحطيم الحلقة السياسة يتحقق الهدف لإنهاك الدولة الاردنية .
بعد أن سلخت عدوة الشعوب بريطانيا البلاد الأردنية من جسمها، أي سوريا الطبيعية (سايكس-بيكو) وانهيار الدولة العثمانية، تكونت حكومات محلية في السلط وعجلون والكرك وغيرها، عقدت الزعامات الوطنية للأرادنة مؤتمر\' أم البساتين\' في أوائل 1923 لتوحيد البلاد، وأدركت بريطانيا التوجه الوطني والقومي والوحدوي للأردنيين، وخاصة بعد استشهاد بعضهم على أرض فلسطين وهجومهم على معسكرات الإنكليز وبؤر المستعمرات اليهودية فيها (مثالاً الشيخ كايد مفلح العبيدات)، ولإجهاض توجههم وحُكم أنفسهم بأنفسهم ولتنفيذ وعد بلفور(1917) واتفاقية فيصل- وايزمان(1919)، أقر تشرشل وزير المستعمرات آنذاك إنشاء إمارة شرق الاردن (اتفاقية ونستون تشرشل-عبدالله بن الحسين 26/3/1921 في القدس). منذ ذلك التاريخ تؤخَذ القرارات السياسية و\'السيادية\' المصيرية بشكل فردي أو من خلال مجموعة من الأشخاص تحيط بالملك، ودون الرجوع إلى الشعب (عبر ممثلين حقيقيين له) ويوافق عليها من قبل مؤسسات ديكورية لتجميل القرار السياسي أمام القوى الغريبة التي هي أصلاً تتدخل في \'اقتراحه\'. قاد هذا التوجه إلى نشوء طبقة سياسية محلية أو مستوردة تعتاش وتؤيد أي قرار مقترح من قبل النظام حتى لو كان ضد الوطن والشعب، مما أدى إلى عدم تطور العمل السياسي للأفراد أو المجموعات أو مؤسسات المجتمع المدني. أُبرِمت المعاهدات والاتفاقيات مع العدو الصهيوني دون الرجوع إلى الشعب (معاهدة وادي عربة)، يُتفق مع البنك الدولي وتؤخذ القروض بالمليارات دون استشارة الشعب، يُجبر الشعب الفلسطيني المهاجر إلى الاردن عام 1948 على الجنسية الأردنية من خلال قرار توفيق أبو الهدى وبأمر من الملك عبدالله الأول ودون استشارة أي من الشعبين الأردني أو الفلسطيني، كما تُجرى \'الوحدة\' بنفس الطريقة بين بقايا فلسطين (الضفة الغربية) والأردن، تفتح أبواب الهجرة إلى البلاد الأردنية لأهالي قطاع غزة والسبع ويعطوا الجنسية الأردنية مما يؤدي إلى تفريغ فلسطين من أهلها ليحل مكانهم المستعمرين اليهود تنفيذاً للفكر الصهيوني، لا يستشار الشعب باتفاقية الملك مع سُلطة المقاطعة في رام الله حول المسجد الأقصى حتى لو كانت باسمه الشخصي فهو من الناحية الدولية يُلزم الدولة الأردنية وبالتالي الأردنيين بها باعتباره رأس الدولة، مع العلم أن الكل يعرف أن هذه الاتفاقية هي المقدمة للكونفدرالية بين النظام وسكان المحتل من فلسطين 1967. تُنتَج مجالس\' نواب\' تعطي الثقة لأي حكومة مُولّدة من النظام ومهما كان لونها أوطعمها أو رائحتها وبغض النظر من يرأسها. يظهر علناً ودون خجل أشخاص ونواب ومسؤولين يتكلمون عن وجود ما يسمى \' المكون\' الفلسطيني وكأن المقصود أن هناك شعبين فلسطينيين، واحد منهم في أرض فلسطين يجاهد ويضحي بالدم ويعيش معاناة الاحتلال والسجون والحصار ويرنو إلى دولته المستقلة، وآخر يطالب بالمحاصصة والتوطين ونسيان أرض الآباء والأجداد، وما بعض الأصوات التي خرجت تعوي بذلك إما من مجلس الأمة الأردني أو من على صفحات صُحف صهيونية ناطقة بالعربية وتصدر بالغرب، وما زيارة الكيان الصهيوني لبعضهم للتهنئة \'باستقلاله\' إلا مؤشر على ذلك، وهي علامة خطرة على اختراق مجلس التشريع الاردني ؟؟؟ !!!!
تنقسم كل الأنظمة في العالم إلى قسمين: نظام وطني ونظام وظيفي، بغض النظر عن نوعية النظام سواءً جمهوري أو ملكي أو غيرهما. النظام الوطني هو الذي يؤسس للدولة والتي تقوم على عدة أركان وأعمدة تكمل بعضها البعض وأهما الوطنية : بمعنى الانتماء للارض والاستعداد للتضحية من أجلها بالنفس والولد والمال وهي تختلف اختلافاً كلياً عن المواطنة . والوطنية لا تعني العنصرية أو الإقليمية، وإنما الأهداف المشتركة للشعب من أجل الأرض ( الوطن )، والنظام الوطني يعمل بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على أرض الوطن بحدودها المعروفة وكافة مقومات الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. النظام الوطني هو الذي يعمل على تحفيز الانتماء الوطني وتغذيته بالروح الوطنية للأجيال الجديدة، مذكراً إياهم بتاريخهم وتاريخ آبائهم وأجدادهم وأجيالهم الماضية عبر تدريسهم ماضي وطنهم ورجالاته، والانتماء للأرض والجغرافيا وليس للسُلطة الحاكمة والتي تتغير أو تتطور في الأنظمة الديمقراطية. النظام الوظيفي هو المعاكس بكل شيء للنظام الوطني، فهو نظام انتهازي بمعنى قنص الفُرص العاجلة وهو عادة آني الهدف، قصير النظر، يعمل من أجل نفسه وأشخاصه والمحيطين به، لا ينتمي إلى الأرض( الوطن) ولا إلى الجغرافيا ، النظام الوظيفي يكون طفيلياً( بضم الطاء) يعتاش على الشعب الذي يجكُمه أو يعتمد على الغير، مما يجعله ينصاع إلى الأقوى منهم، النظام الوظيفي يتجه للتعاون مع عدو الوطن والشعب لحمايته ومؤيديه ، لا يهمه الوطن أو شعبه لأنه لا يستمد قوته منهم، مما يجعل الهوة بينه وبين الشعب غير قابلة للردم أو الاستواء، بل يعمل النقيض لذلك لأنه بالنهاية لا تهمه إلا مصلحته وأزلامه المعتمدين عنده ولديه ، وهم عادة ما يكونون كالفطر السام جميل المنظر ولكن سُمُهُ زُعاف، أو هُم كديدان العَلَق تنتفخ أجسامها على دماء الغير( الشعب). النظام الوظيفي يكون عادة نظاماً هشاً سريع الكسر والتهشُم ينتهي بانتهاء وظيفته التي هو موجود من أجلها، يعكس النظام الوطني الذي يبقى ما زال الشعب والوطن موجودين .فأين نحن الأردنيين من هذا أو ذاك . كان برنامج التحطيم الاقتصادي والاجتماعي وبهلوانه يعمل وينصح صاحب القرار بتحييد او فكفكة الأجهزة الأمنية لإبعادها عن حماية الوطن، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة، التي حاول اختراقها ولمّا لم يستطع ورّط أحد كبارها بعملية فساد وإفساد، خاصة و أن تلك الشخصية وقفت ضد التجنيس الكمي المبالغ فيه للأشقاء الفلسطينيين (وثائق ويكيليكس). لم يتوقف اتباع المدرسة البهلوانية وأزلامها عن الانتقاص من دائرة المخابرات وأهميتها للحفاظ على الوطن وكانت قمة فرحهم واغتباطهم عندما هُوجمت الدائرة من أعلى المستويات السياسية واتُهمت أنها والعشائر الأردنية هما السبب في إعاقة الإصلاح و بعدم إيصال عدد أكبر من أردنيين من أصول فلسطينية إلى مجلس النواب والمناصب العليا في الدولة !!!!!! إذن البرنامج سيء الذكر لم يستطع كسر حلقة الأمن السياسي للدولة فأدار وجهه الآن عبر أزلامه ومؤيديه (وبعضهم القليل وللأسف من أبناء العشائر) نحو سياج الوطن وعماده الأزلي، نحو الجيش الأردني توأم الأجهزه الأمنية وأولها المخابرات في حماية البلاد . يمتاز منتسبي القوات المسلحة الأردنية بالانتماء العميق لتراب الوطن الاردني ، كيف لا وعظام أجداد أجدادهم مختلطة بهذا التراب منذ مئات بل وآلاف السنين، كما يمتازوا بالانضباط العسكري مع الحفاظ على كرامتهم، ناهيك عن الشجاعة وحُسن التدريب والاستعداد للتضحية بأرواحهم مقتدين بمن سبقهم وهم ممن انتقل إلى جوار ربه أو استشهد على أرض فلسطين وغيرها أو من متقاعدي الجيش أطال الله بأعمارهم . إذن كيف نقضي على هذه الحلقة القوية من حلقات الوطن ( الجيش) ؟ تساءل المخططون ومن يأتمرون. تبدأ الخطة بمهاجمة هذه المؤسسة إعلامياً بالتقليل من إنجازاتها والاستهزاء بها عن طريق فضائية محددة (أُسِّست أصلاً لمهاجمة الأردن من داخل الأردن) وبواسطة أشخاص يلبسون العباءة الأردنية الرسمبة، وبعد أن أعطاهم الأردن كل شيء واحتضنهم بأيام سوادهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه. سكوت الجهات المختصة على هؤلاء الأشخاص وعدم مساءلتهم وإطالة لسانهم على الوطن والجيش ومؤسساته التوائم وقدحهم لمقامات هذه المؤسسات، يسترعي الانتباه ويوجب الحذر، وهو أهم وأعَم من \'إطالة اللسان وقدح مقامات عليا\'، وهل يعلو على مقام الوطن وجيشه أي مقام سوى الله عز وجل ؟ الخطوة المكملة لتحطيم الحلقة هذه ( لا سمح الله ) هو زج الجيش الأردني في صراعات أهلية للغير، قريبة أو بعيدة، استغلالاً لظروف منتسبيه المادية المتواضعة جدا، صراعات ليس لنا فيها أي مصلحة وطنية أو قومية أو حتى دفاعاً عن العقيدة . انتسب هؤلاء الأبطال وهم يعرفون أن لهم وشعبهم عدو واحد يغرس أظفاره وهو يتمدد على أرضنا ، التي سرى إليها وعرج منها الى السماء الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم ، عدونا الجاثم على فلسطين. إن الغرب وأعوانه في المنطقة وداخلياً والذين (ينصحون) النظام بالتدخل بالأزمة السورية لا يريدون الخير للوطن الأردني وشعبه رغم بريق (النصيحة) المادية والمالية، مما يذكرنا بأنهار العسل واللبن وإكسير الحياة التي وعدنا بها النظام عندما وقّع مع عدو الأمة والدين معاهدة \'وادي عربة\'. إن توريط الجيش الأردني تنسيقاً أو تعاوناً عملياً في المشكلة السورية يعني تحطيم الحلقة الأخيرة من الوطن الأردني وسيقود بالنهاية إلى انهيار الدولة - لا سمح الله - كما هو مبتغى الطابور الخامس والبرامكة الجُدد \' بهدية \' طروادة .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
06-05-2013 09:24 PM

مبدع دائما يادكتور وكلام في الصميم فهل آن الاوان للدينصورات والسحيجه أن يميزوا الخبيث من الطيب .
وتحية اعتزاز واجلال لقواتنا المسلحه والأجهزه الأمنيه التي لن تنحاز إلا للوطن والشعب عندما يدعوا الداعي لنصرة الوطن وأهله حتى ولو اختلفنا معهم بعض الشيئ فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضيه .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012