أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


الديناصورات والعائلات الحاكمة

بقلم : الدكتور سالم عبدالمجيد الحياري
12-11-2013 12:14 PM
لا يوجد تاريخ محدد لانقراض زواحف الديناصور العملاقة، ولكن من المؤكد أن ذلك حدث قبل أكثر من 65 مليون سنة خلال حدث انقراض العصر الطباشيري- الثلاثي، إما نتيجة عاصفة شمسية ضربت كثيراً من كواكب الكون ومنها الأرض مما سبب زلازل وفيضانات كبرى، وإما إنها بدأت تختفي لقلة الغذاء على سطح الكرة الأرضية ومعاناتها الجوع و أخذت بالتقزم حتى وصلت إلى أحجام صغيرة، ولهذا يُعتقد أن السحلية والحرباء هي أحفاد الديناصورات تلك. إن الجوع يقتل أضخم الحيوانات والتي لا تملك العقل حتى تفكر لإنقاذ نفسها، ولكنها تفترس بغريزتها، فكيف بالإنسان الذي يستعمل عقله، ماذا يفعل إذا جاع وجاعت عائلته ؟؟؟
بالرجوع إلى التاريخ نجد أن' رغيف الخبز' كان ولا يزال رمزاً يمثل الحياة لأنه الغذاء لبني البشر، إنه يعني الطعام والنمو والتطور واستمرار المجتمعات بحياتها. إنه لا يعني فقط المادة الناتجة عن القمح طحناً وعجناً وخَبزاً، بل كل شيء واجب على الدولة ونظامها أن توفره للمواطنيين من ظروف الحياة الطبيعية الأساسية، حتى يستطيع هذا النظام أو ذاك الاستمرار في حُكم الدولة وحُكم جماهيرها برضاهم وقبولهم الكامل، وخاصة عندما يكون هذا القبول والرضا من الأكثرية التي تقف مع نظامها الحاكم وتدافع عنه. أما عندما تعجز الأنظمة أي كان نوعها عن تقديم واجباتها نحو شعبها بسبب احتكار السُلطة والثروة من قبل قلة الأقلية أو من قبل عائلة حاكمة، مما ينشر الفقر والجوع والعوز والفاقة أفقياً ( الخُبز)- وهنا يكمن الخطر- ويسير مع هذا التظلمات الاجتماعية وانعدام العدالة، وينتج عن احتكار السُلطة محاربة الرأي الآخر بل ومصادرته من قبل الفئة الحاكمة، وتُكبت الحريات ويُقمع الفكر والاعتقاد المُخالف للأقلية، وتُسد مخارج العقل والتفكير بالقوة، إما بتصعيب سُبل الحياة على الفرد أو المجموعة أو التجمع ( المعارضة الوطنية )، وإما بتسفيه وتسخيف المواطن وانتمائه للوطن لإيصاله إلى مرحلة اللاانتماء والعمل على جعله رقماً يدفع أرقاماً للنظام. عندما يجد الفرد و/ أو المجموعة و/ أو الجماهير وبالتالي الشعب انتفاء العدالة والحرية مع وجود الفقر، يكون الجوع صاعقاً للثورات الشعبية. قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ' عجبتُ لمن لم يجد قوت يومه ، كيف لا يخرُجُ للناس شاهراً سيفه ' .
تعتقد أي سُلطة حاكمة بدون إرادة شعبية أن تجويع الشعب الذي تحكمه تجعله يلهث وراءها للحصول على قوته والحد الأدنى من مقومات الحياة، كما تعتقد أنها كلما غالت في تجويعه برفع أسعار الضروريات، تجعله يلهث أكثر بل وتزيد في غيها عندما تُحاول تلك السُلطة إذلاله بتعويم هويته الوطنية، اعتقاداً منها وببلاهة أنها بذلك تزيد من عدد المصفقين والمسحجين لكسب رضاها وجعلهم ينتمون إلى النظام الحاكم وليس للوطن، ويزيد الطين بلة وجود ثلة من المنافقين و/ أو الفاسدين و/ أو أقلها المستفيدين أو كل ذلك حول الحاكم وإيهامه بأن أمور الناس تسير نحو الأحسن، أما الطامة الكبرى فهو عندما تتدخل أي جهة في شؤون الحكم والدولة ليس لها أي وضع قانوني أو دستوري، كل ذلك يقود إذا استمر الحال إلى الانفجار رغم ركون السُلطة وراحتها على مظاهر الهدوء المصطنع .
لقد أصبحت عائلات حاكمة تاريخاً عبر التاريخ، وانقرضت مثلما انقرضت الديناصورات وصارت أثراً بعد عين لاستهانتها بالشعوب التي تحكمها بدون إرادتها وبدون طلب من تلك الشعوب، إما استئصالاً، مثالا ثورة الجياع في مصر في عصر الملك بيبي الثاني وهو فرعون من الأسرة السادسة التي أُعدِم جميع أفرادها، أو عائلة بوربون الحاكمة في فرنسا حيث قتل الشعب الثائر والدهماء الملك والملكة وأولادهما الثلاثة بوحشية، أو قتل جميع أفراد أسرة رومانوف العائلة الملكية في روسيا والتي استُؤصلت بوحشية ودون استثناء نتيجة ثورة الفقراء والجياع والعاطلين عن العمل والمحرومين. وهناك عائلات حاكمة طُرِدت كعائلة محمد علي في مصر- الملك فاروق، وأخرى هربت كعائلة الملك ظاهر شاه الأفغانية، أو بعض العائلات الحاكمة في أوروبا ( بلغاريا واليونان ) أو عائلة بهلوي في إيران والأمثلة لا نهاية لها .
إن تدمير الطبقة الوسطى نتيجة سوء الإدارة الاقتصادية وتفشي الفساد الإداري والمالي والسطو على المال العام يؤدي إلى تحولها قريبة من الطبقة الفقيرة، ومع استمرار الحال يصبح بالمجتمع طبقتين، الثرية والتي تستأثر بكل شيء وهي بكل المجتمعات لا تشكل بأحسن الأحوال أكثر من عشرة بالمائة، والطبقة الفقيرة والتي تتجاوز في مجتمات معينة ال 90 بالمائة وهنا يكمُن الخطر، إذ تتحول هذه الطبقة والتي تُكَوِّن أغلبية الشعب إلى أرض خصبة، إما لنشر أفكار جديدة تغير تركيبة المجتمع، أو تكون مُتَلقياً سهلاً لتأليب الجماهير ضد النظام الحاكم الذي يَظُنُ بغباء مُطبق أن سحق هذه الطبقة وزيادة الضغط عليها سيجعلها ' تُسبِح' بوجود النظام، وأن إطلاقها للهُتافات بمناسبة أو غير مناسبة يعني أنها استكانت و' تأرنبت ' (من الأرانب) عندما يصحو النظام ذات يوم وإذ من اطمأن لسكوته قد أخذ يطرق بابه ' فمن مأمنه يؤتى الحذر '
تتشابه الأسباب والنتائج في كل الثورات ولعل المتاجرة بأقوات الناس أهم الأسباب المباشرة، أما أسباب أكثر الثورات فهي : - اتساع الهوة بين الطبقات – تفشي الظلم – ضُعف الحُكم – سيطرة رجال المال واتساع نفوذهم وتدخلهم في السُلطة – انهيار الصناعة الوطنية – ضيق الرقعة الزراعية – انتشار الجوع والفقر – كبت الحريات العامة – الاعتقالات بدون سند قانوني – انتشار الفساد والرشوة – تدني هيبة الدولة – البطالة العالية بين الشباب الذين عادة هم من يقودون الثورات الاجتماعية نتيجة الفراغ القاتل ودون أن يكونوا بتنظيمات حزبية أو يتبعون أجندات خارجية . لقد سقطت أنظمة كثيرة عبر التاريخ إما لبعض الأسباب المذكورة أو أكثرها أو كلها . يقول ابن تيميه رحمه الله : ' إن الله يُقيم الدولة العادلة وإن كانت مشركة ، ويُهلك الظالمة وإن كانت مؤمنة '
في الأردن تبلغ نسبة البطالة حوالي 15% حسب التصريحات الرسمية، وهي بالواقع تتجاوز ال 30% وفي بعض المناطق لربما أكثر . يذكر مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أن معدل البطالة بين الشباب الأردني هي الأعلى بالعالم، فالبطالة بالفئة العمرية من 15 إلى 19 عاماً هي 30.1% ، من 20 الى 24 سنة 29.1%، وبعض المراكز تنشر أن النسبة المئوية ما بين أعمار 15-24 سنة هي 50.1%، ومن غير الجالسين على مقاعد الدراسة !!!!!!! .
أما الفقر فقد زاد في السنوات الثلاث الأخيرة إلى مستويات مُقلقة، وفي بعض المناطق من الأردن فإن الفقر هو السائد والذي أخذ يمتد إلى البلدات والمدن ووصل إلى بعض مناطق العاصمة والتي كان مستوى المعيشة فيها يُعتبر معقولاً وهذه صورة خطيرة. في الربع الثاني من2013 صدر تقرير عن المجلس الاقتصادي الاردني أن 80% من الأردنيين تحت مستوى خط الفقر، وأن الثروة تتركز بيد 9% من السكان .
أظهر مؤشر الجوع العالمي الشهر الفائت ( أكتوبر) وبمناسبة اليوم العالمي للجوع، أن عدد الجوعى ونسبة الجوع في الأردن قد زادت عام 2013. إذن أصبح لدينا وبنسب عالية بطالة + فقر + جوع ، وهو مثلث خطير جداً خاصة إذا كان متساوي الأضلاع وملتحماً . وهنا نسأل كما سأل أحدهم : هل يخرج علينا حكيم من حكماء هذا الزمان لا ينافق حاكماً ليبصره بما وصل حال بلدنا ، قبل أن يخرج علينا أحدهم ينفي وجود الفقر والجوع أو البطالة. الحلول واضحة والمهم تعليق الجرس وقبل فوات الاوان .
إن ثورات الحرية والعدالة والكرامة تفجرها ثورات ' الخُبز', فهو المحفز لها والواقي منها .


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-11-2013 01:48 PM

يعني على هالحكي انا بقصد احنا بطريقنا الى الانقراض يجوعونا علشان يخلصوا على الي خلف ابونا

احسن بلا هالعيشة ابدناش اياها خليها الهم لنشوف تاليتها

يارجل عبدالله النسور شلحنا الاندر وير

شو ضل فيها

2) تعليق بواسطة :
12-11-2013 03:38 PM

رد من المحرر:
تم نعتذر .. سقط سهوا

3) تعليق بواسطة :
12-11-2013 03:45 PM

ابدع الكاتب..وصف حلتنا بدقه
واسبابها الفساد..وتمييع هويتنا الوطنيه واغراقنا بطوفان الهجﻻات والﻻجءين والنازحين وتوطينهم وتجنيسهم..
واحسن الكاتب باﻻمثله التاريخيه امثال الملك بيبي الثاني من اﻻسره السادسه بمصر الذي اعدم هو وكل عائلته من ثورة الجياع..وغيره

4) تعليق بواسطة :
12-11-2013 04:07 PM

الى 3 الطهراوي يوجد ديناصورات محليين يستحوذو على المناصب العائلة كلها ناس في الديوان وناس في الاعيان وناس في الضمان وناس في البنوك وناس في ووو الخ... ليس لا من الاجئين ولا من النازحين ؟؟؟ اجب

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012