أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024


السقوط امام الجدار الأسرائيلي

بقلم : برهان جازية
02-03-2014 10:59 AM
ما قبل الربيع العربي أتهمت الشعوب ( أنظمتها ) انها عاجزه وعميله ومتأمره على العرب والمسلمين ... وفسر ذلك على أقلها انها لم تستطع ( محاربة ) اسرائيل ومواجهتها أو على الأقل الغاء معاهدات السلام فيما بينهما .... كان الانطباع السائد الذي اظهرته الشعوب للعالمين العربي والغربي ان هذه الشعوب شعوب مفعمه بالحريه والوطنيه والشجاعه وعدم السكوت عن الحق والاستعداد لتقديم كل التضحيات من اجل تحرير الأرض والأنسان ( العربي والمسلم ) ... وكانت تلقى اللائمه الكبرى على ( الأنظمه ) التي كانت تجمح غضب واستياء الشعوب العربيه والأسلاميه من هذا الاحتلال ( الاسرائيلي على وجه الخصوص وعلى التبعيه الغربيه وعلى التخلف والتراجع بكافة المجالات على وجه العموم ... ودارت الأيام على هذا النمط المتعايش الى ان جاء الربيع العربي ...


وجاء الربيع العربي ... وسقطت أنظمه ... توقع الكثير من الشعوب العربيه انها فاتحة خير ... وبدأت الثورات دوله وراء دوله .. وانتظر الناس .... وبين التداول والمشاورات واستقرار الرأي ( قدمت ) الشعوب واختارت نظام حكم جديد ... أنظر ماذا حصل ...


1- أفرزت الشعوب ( أنظمة حكم ) شبيهه بسابقتها .... ( تمخض الجمل فولد فأرا ) ... يا ايتها الشعوب .. لماذا قمتم بعمل ثورات ؟ ... تبين فيما بعد أن الأغلبيه المطلقه للشعوب العربيه والاسلاميه تجيد ( الشعارات ) والكلام الزائف النابع من الجهل والتخلف لقلة العلم والمعرفه والتي تتصف بالتسرع والاندفاع بدافع الحميه القبليه والوطنيه والعربيه والغير مدروسه... وعند امتحان مدى شعاراتهم وجديتهم وصدقهم بما نادوا وتنادو به ظهر أنه كان عباره عن ديكور ورفع عتب وخوفا من اللوم والعتاب ... وعندما اصبح القرار بيدهم باختيار ( زعيما ) لهم جاؤا بشخص وبحاكم نسخه طبق الأصل عن ما سبقه .. هذه عينه من احد الشعوب وربما اكثر .


2- عندما جاءت الأنظمه الجديده بعد ثورات الربيع العربي وارادت ان تطبق وتنفذ ما تنادت به شعوبهم العربيه والأسلاميه من قوميه ووطنيه وتحرير ( انصدموا ) بالواقع وبالحقائق .. وتبين لهم ان الدول تربطها مصالح وان العمليه شائكه وليست يسيره وان أي قرار سياسي يتخذ لا يكون بتلك البساطه لتشعب العمليه السياسيه وتعقيدها بكافة المجالات .. وتبين لهم ان من يكون بعيد عن ( السلطه ) يعتقد ان الامور يسيره وان الانظمه القديمه كانت عميله ومتأمره وعاجزه وتابعه للغرب لمصالح شخصيه ومصالح ضيقه وخوفا وحرصا على ضياع كرسي الحكم منهم ... لكنهم بعد ان وصلوا الى الحكم وجدوا ان هذه الانظمه القديمه كان معها حق بما نسبته 95 % من القرارات السياسيه التي اتخذتها ومن اتباعها لنهجها السياسي والاقتصادي ..... . لذا ( اتبعت هذه الانظمه الجديده ( نفس ) الاسلوب ونفس الطريقه والنهج ... وكأنك يا أبو زيد ما غزيت ... لكنهم استفادوا ( التجربه ) ولن يعود بعد هذه التجربه ان تقام ثورات بالوطن العربي .


3- انظر الى هذا الامر ايضا ... الشعوب عندما اختارت انظمتها الجديده بعد ثوراتها اول ما ( طالبت ) به وكان في اعلى سلم اولوياتها هو الاهتمام بالناحيه ( الاقتصاديه ) لأن ذلك سينعكس على وضعهم المعيشي .. فطالبوا بالاصلاح الاقتصادي اولا .. وهذا دليل على ان الشعوب العربيه والاسلاميه تناست فورا ما كانت تنادي به من شعارات ومطالب ( سياسيه ) لأنها نظرت الى نفسها ( انانيه ) بتحقيق رغباتهم المعيشيه ورفاهيتهم على حساب طموحاتهم واهدافهم ورغباتهم الدينيه والسياسيه والتي تتعلق بالتحرير والتخلي عن التبعيه والوحده العربيه والاسلاميه وطرد المحتل .... . هذا الأمر ( أزاح ) عن ظهر النظام الجديد عبأ كبير ... فقد علم النظام الجديد انه من الصعب تحقيق رغبات الشعوب العربيه والاسلاميه من الناحيه السياسيه لأدراكهم ( الحقيقه ) بمدى صعوبة تحقيق هذا الأمر بعد ان لمسوا وشاهدوا وعايشوا السلطه عن قرب واصبحوا على ( كراسي الحكم ).. فشعروا بالارتياح لأن شعوبهم طالبت فورا وأولا بأشياء اقتصاديه واعطوها الاولويه على حساب الاولويه السياسيه .


4- الشارع ... من هو موجود بالشارع أي بعيدا عن مركز القرار والحياه السياسيه وممارستها الفعليه فهو يطلب ما يشاء معتقدا بيسر الامور ... ولكن عندما يصبح هو على كرسي المسؤوليه والحكم تتغير نظرته للأمور لأنه يتفاجأ بالحقائق وبالواقع الحقيقي لعالم السياسه فيبدأ ( بعذر ) الانظمه السابقه وان ما قيل عنها ما هو الا اتهام باطل ناتج عن فقدان المعلومه وقصر الرؤيا وبعض التخلف والجهل وقلة المعرفه .


5- عينه اخرى ... هناك شعوب عربيه واسلاميه اختارت نظام جديد مختلف عن ما سبقه كليا.. تأملوا منه ان يحقق لهم رغباتهم السياسيه والدينيه اولا ثم النواحي الاقتصاديه والاشياء الأخرى ... علم النظام الجديد هذا ( الحقائق ) عن قرب وكيف تدار النواحي السياسيه ( فواجهوا ) وكاشفوا شعوبهم بهذه الحقائق ... فأسقطوه وأتوا بغيرهم .. والنظام الجديد اكتشف الامر ايضا على حقيقته فصارحوا وكاشفوا شعوبهم بهذا الأمر .. حينها بعد تجربتين وثلاث تجارب من اسقاط انظمة حكم وجدت الشعوب ان ( أي نظام ) يتولى مهام البلاد سياسيا ( لن ) يخرج عن اطار ونهج سياسه الانظمه القديمه ما قبل الربيع العربي فاستسلموا للأمر الواقع .


6- السؤال الكبير .... لماذا الأنظمه العربيه السابقه التي أطيح بها بظل الربيع العربي والانظمه الجديده التي أتت بعد الربيع العربي وايضا الانظمه القائمه التي لم تتعرض للتغيير ( لا تستطيع ) تحقيق رغبات شعوبها سياسيا ؟ ... وما هو الواقع السياسي الحقيقي التي تتعايشه هذه الأنظمه فعليا ؟ ...... الجواب .... ( عملية التحضير والتهيئه ) للأنظمه وللشعوب هي السبب ... أي عمل تريد ان تقدم عليه يحتاج الى ادوات وامور تحضيريه قبل الشروع فيه ويحتاج الى وقت طويل لا يقل عن 10 سنوات.... وعندما تصبح الشعوب والأنظمه جاهزه ( فكريا ومعلوماتيا وتخطيطا وتنظيما وتوافقا وحزبيا ونفسيا وعقليا وثقافيا .... ) لتحقيق رغباتها السياسيه بشكل يخفف ويرفع تقريبا من ( معاناة ) هذه الشعوب لتسير نحو الأفضل ... ولا أظن ان هناك ( أي نظام عربي ) ان كان سابقا او حاليا او لاحقا ( كان خائنا ) لدينه او لوطنه او لشعبه او لنفسه ... لا يمكن لأي حاكم عربي ومسلم ان يكون كذلك نهائيا وأن ظهر بعض الفساد ببعض الأنظمه لكنه فساد لا يؤثر على العمليه السياسيه او يكون على حسابها وانما تأخذ طابع شخصي بالأغلبيه ... ولكن ما حصل ويحصل هو ان هناك اسباب تجعل من هذه الانظمه تنتهج سياسه ( اضطراريه ورغما عنها ) بحكم ظروفها وامكانياتها وبحكم اسباب خارج عن ارادتها .. وتفسر من قبل الشعوب على انها تأمر وعماله وخيانه وعجز وهذا اتهام قد يكون مبرر او معذور وذلك لعدم ادراكهم لحقيقة كيف تجري الامور السياسيه فعليا.


7- اسرائيل .... كل القرارات السياسيه والدبلوماسيه الصادره عن الأنظمه العربيه والأسلاميه بأتجاهها ( تسقط وتتكسر امام الجدار الأسرائيلي ) والسبب يعود الى اسباب خارجه عن ارادة الشعوب العربيه والأسلاميه والسبب الرئيسي الأساسي يعود ألى ( وجود قاسم مشترك لكل دول العالم العربيه والغربيه ومنها اسرائيل ايضا وهو ان كل دوله ( تعاني ) سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتعمل كل هذه الدول على رفع ( المعاناه ) عن نفسها ولكن بدون الحاق الضرر بالغير وبأتفاقات جانبيه ان كانت ثنائيه او على شكل حلف بغض النظر عن ماهيية دين هذه الدوله او لغتها او لونها أو شكل نظام الحكم بها ) .. ومن هنا لا تستطيع اي دوله الأن وبظل هذا القرن ان تنفرد بحل مشكلة معاناتها دون الأستعانه بالغير مهما كانت طبيعة هذا الغير .. احدهما يكمل الأخر ) ومن هنا نجد بأن دول العالم مجتمعه ( لا تسمح ) لأي من كان ( بالتفرد ) بدوله ما لكي ترفع معاناتها على حساب دوله اخرى مصنفه بالاجماع على انها هي ايضا تعاني ... وعليه مثالا لا يمكن ان يسمح العالم بأن تستفرد دوله عربيه أو أسلاميه او مجتمعه (بأٍسرائيل ) أو العكس أو أي دوله بالعالم مع دوله أخرى ... ولهذا أي قرار سياسي ضد أسرائيل بدون اتفاق عالمي ومجمع عليه ان كان بالخفاء او معلن فسيسقط أمام الجدار الاسرائيلي ... وخاصة اذا كانت ( الدوله ) أي دوله عندها أزمه ( تحضير وتهيئه ) كشعب ونظام ... هذا مما يصعب مهمتها بأن ترفع معاناتها او جزء منها بأحتكاكها مع دول اخرى تجاوزت مرحله ( التحضير والتهيئه ) واكثر وعيا وادراكا وعلما وثقافة وقوة من دولة اخرى مما جعلها اكثر قربا وحضورا بتحالفاتها مع دول اخرى مما يعزز مكانتها ونفوذها واكثر ثقه بين دول العالم .


8- الدول الضعيفه والغير مهيئه بكيفية أدارة شؤون بلادها كشعب وكنظام معا وربما ( الشعب ) لوحده وربما النظام لوحده احدهما يسبق الأخر او بينهما فجوه بالأضافة اذا كانت الدوله نفسها تعاني من أزمات سياسيه واقتصاديه وغيره هذا يجعل من تلك الدول الأبطا والأقل حظا والأقل حضورا ومنافسه والأقل فرضا لشروطها بالتعامل مع الغير بكيفية التخفيف او رفع معاناتها .. وألا ستدخل هذه الدوله بمرحلة ( التخبط السياسي ) والذي تكون نتائجه وخيمه مما يزيد من معاناتها وليس تخفيفها .. في هذه الحاله على الدوله ان تدرك جيدا اين تقف وما هو حجمها الطبيعي وذات رؤيا بعيده والتي على اساسها تتحرك وهذا يجعلها بالجانب الأمن قدر المستطاع وبعيده عن التهور والمغامره.


9- الأزمات الداخليه للدول تزيد من معاناتها لا بل ربما تسقطها للأبد ... الانسجام بين مؤسسات الدوله وفهم كل مؤسسه دورها الحقيقي يساعد على الاسراع ( بتهيئه وتحضير ) الشعوب في اختيار الافضل والأنسب لهم بكيفية ادارة شؤون بلدهم .. اما اذا تضاربت رغبات المؤسسات والشعب فيما بينهما نتيجة اختلاف الرؤى ( قصر / بعد ) ( واقعيه / وخياليه ) ( متسرعه / وانيه ) هنا يجب الفصل فورا بين هذه المؤسسات وتحجيم دورها حسب مهمتها فقط ( تنفيذي / تشريعي .... ) ... وبدون ( تغول ) سلطه على سلطه او مؤسسه على مؤسسه ... لا استطيع ان انساق وراء اغلبيه قرارها خاطئ قد تقود البلد الى فوضى سياسيه او نتائج غير محموده ... القرار اولا واخيرا يكون بيد السلطه التنفيذيه ... رأينا قرارات كثيره اتخذتها أنظمه بناءا على رغبات شعوب تبين فيما بعد ان هذه القرارات اتخذت بشكل متسرع وبشكل خاطئ وكان ذلك فقط من اجل النزول عند رغبات شعوب قد تكون مشروعه ومنطقيه لكن الزمان والمكان كانا لا يسمحان بذلك والخصم اكثر احترافا وتحالفا وقوه ومع هذا تجاوزت الانظمه هذا واتخذت قراراها بناءا على رغباتهم فحلت عليهم كوارث ونتائج سيئه .


10- الدبلوماسيه العالميه تتطلب من كل دوله ان تسير عبر القنوات الرسميه العالميه بكيفية مواجهة أزماتها وألا ستجد نفسك تقاتل وحدك ويضيع حقك ... الصف الثاني والثالث والرابع والخامس بأي دوله بالعالم لا يملك القرار النهائي بكيفية ادارة شؤون البلاد هو يؤثر ومسموع ومعبر ولكنه غير ملزم ولا يجب ان يخرج خارج اطار الدوله ... ( الصف الأول ) هو صاحب القرار ... هو من يكون قراره داخل اطار الدوله وخارجها .. هو من يقود العمليه السياسيه ... ما يراه الصف الأول قد لا تراه الصفوف الأخرى الأقل درجه وصلاحيات ... ولا يمكن ان تغامر دولة ما بمستقبلها السياسي بناءا على قرارات او توجهات او رؤى من الصف الثاني او الثالث او الرابع ..... الدول تتعامل مع القيادات العليا وهي الصفوف الأولى والتي تكون قراراتها ملزمه ورسميه وموضع نقاش وبحث وتداول .


لا يمكن الوصول الى ( اسرائيل ) الا اذا عملنا على ( ازالة الجدار الأسرائيلي ) المنيع أولا... بعدها نصبح وجها لوجه .. لا ينفعنا التسلق او حفر نفق من تحته او السقوط المظلي او البراشوت لاجتيازه ... هذا لا يجدي نفعا .... لن يؤثر بأسرائيل أي قرار او اجراء .. اسرائيل لم يؤثر بها اي قرار على مستوى ( قرارات دوليه ) فهل سيؤثر بها قرار دولة ما ... الامور لا تسير هكذا ... انا ارى حسب وجهة نظري ان اي عمليه سياسيه ودبلوماسيه ضد اسرائيل فهي خاسره... اسرائيل لا تهزمها السياسه والدبلوماسيه .. وانما ما يهزم اسرائيل هو عسكريا فقط ..في حين ان العمليه الدبلوماسيه او السياسيه في حال ممارستها يجب ان اضع على الطاوله قبل أي حوار ( أسوأ الأحتمالات ) ومن ثم أبني عليها وأجد لها طرق للتعامل معها ان حصلت حتى لا اتفاجأ وانصدم وارتبك بأي نتيجه ... وبأمكاني أن احول النتائج السلبيه واسوأ الاحتمالات الى مصلحتي واستفيد منها واتكيف معها .. بقدر ما تملك من اسلحه ( سياسيه وعسكريه واقتصاديه ) بقدر ما تحقق انتصارات .





ملاحظه : انا اكره اسرائيل الى حد النخاع .. ولكن لنعترف بالواقع .... ( رحم الله امرء عرف قدر نفسه فأوقفها عند حدها )



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012