أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


فوائد انتصار نتنياهو

بقلم : ساره ملحس
24-03-2015 10:14 AM
برغم ما يعطيه هذا الانتصار من إيحاء أوّلي بثبات وثقل المعسكر اليميني الاسرائيلي وتمكين رئيسه بنيامين نتنياهو ، إلا أنّه يُعتبر أيضاً الدافع اللااختياري الوحيد للمراقب العربي للخروج من إطار التطلّع لأحسن السيء وبالتالي القدرة على استشراف المرحلة المقبلة بموضوعية ووضوح.
فالمتأمّل بدقة للمشهد السياسي الاسرائيلي المأزوم وتأثيراته الداخلية والخارجية القادمة، يدرك ان الانتخابات الأخيرة لم تكن إلا معركة كسر عظم وتصفية حسابات -بعضها شخصية- بين موازين القوى الإسرائيلية التي تاهت بين المحاور الرئيسية المؤثرة في التفاصيل الداخلية للكيان ، والتي طالما نجح ساسته في ترويج وضوحها وتماسكها أمام الرأي العام العالمي على الأقل.
فبنيل الليكود ٢٣.٤٪ من الأصوات مما أعطاه ثلاثين مقعدا في الكنيست من أصل ١٢٠ يكون قد خرج عن التوقعات المرجّحة لأولوية البرنامج الاقتصادي الاجتماعي على القضايا الأمنية والسياسية بحسب كل الاستطلاعات التي لم تكن أيا من مؤشراتها توحي بهذا الشكل من النتائج حتى اللحظات الاخيرة قبل الانتخابات. حيث مالت التوقعات لفوز المعسكر الصهيوني بفارق اربع مقاعد عن الليكود، إلا ان شراكة ليفني و هيرتزوغ -طمعاً بالاقتسام الزمني للسلطة- لم تحظَ إلا بأربعة وعشرين مقعداً أي ما يمثل نسبته ١٨.٦ ٪ من أصوات الناخبين.
وبذلك من الممكن القول أن المحور الجديد الذي ظهر خلال الانتخابات والذي لن يكون من الممكن تجاهله بعدها ،،هو عدم القدرة على التنبؤ بتركيبة المجتمع الاسرائيلي الذي أربك الجميع بالجنوح نحو دولة أقل ديمقراطية وأكثر دينية، فكان التحوّل في أولويّات الناخبين دراماتيكي وبدون أي مقدّمات واضحة، بالتنازل (سرّا) عن المطالب المُعلَنة مقابل الخيار الأمني المتطرف باعتباره الحل الوحيد لتثبيت الدولة الإسرائيلية. اللهم الا إذا استشعر الجمهور الاسرائيلي وبسرعة أن فاتورة خياره المحصور في السياسات الأمنية والانصياع خلف التيار القومي المتعصب ستكون مرهقة ومُرغِمَة على قبول القصور في تنمية المجتمع الاسرائيلي والردة عن مطالب الإصلاح الاقتصادي ، فيتراجع عن موقفه ويبدأ في التفكير جديّاً في البديل وبالتالي جرّ البلاد لانتخابات مبكرة مرّة أخرى.
ولا يمكن التغاضي أبداً عن أن غياب وجه رسمي جديد لإسرائيل مغلّف بأيدولوجيّة محسّنة وأجندة غير عنجهية سيزيد من حرج الشريك الأمريكي ، بالذات بعد حجم التصادم الكبير والجديد بين الإدارة الأمريكية ونتنياهو وكيفيّة تعاطي الصديق الغاضب في واشنطن مع هذه النتائج ومقدّماتها. فالولايات المتحدة الأمريكية مضطرة لتغيير قواعد اللعبة ولو بشكل مؤقت حتى تتمكن من تبهيت السلطة التي منحها نتنياهو لنفسه بالتدخل المباشر والعلني في سياساتها واستعمالها فيما يخدم مصالحه الشخصية في الداخل الاسرائيلي، وإلا لن تتمكن من ممارسة دورها المعتاد في إيجاد الحيل المناسبة لتبرير ازدواجية الخطاب الرسمي الاسرائيلي أمام المجتمع الدولي وإنقاذ إسرائيل من عزلة سياسيّة بدأت نسبيًّا بالدخول فيها.

أمّا المحور الثالث والأكثر تأثيرا في المرحلة القادمة هو إعادة تعريف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بعلنيّة ووضوح بعد الطرح الانتخابي لنتنياهو المذعور عاصفاً فيه بالخطاب الاسرائيلي الرسمي الشكلي والموجه للعالم بحل الدولتين منذ تفاهمات أوسلو ١٩٩٣، فكانت مناورته الأذكى ولكن بثمن هي الهروب من تفنيد الملفات الفنية الداخلية الثقيلة بتفصيل ، واستعمال جانب التصعيد والتأزيم باللعب بالورقة الرابحة الوحيدة وهي أمن اسرائيل، مستدرجاً بذلك اليمين المتطرف والأحزاب الدينية المتشددة كونها الرهان الوحيد الذي سيوصله الى رئاسة الحكومة بعد فقدانه شركاء الداخل المعهودين.
وهنا نستطيع الخلاص إلى أنّه بإبقاء كيانات اللاموقف العربي نفسَها على مسافة أمان وهمي من الموضوع برمّته وانسحابها منذ زمنٍ طويل طوعاً من أيّ معادلة تكون اسرائيل طرفا فيها، يكون الدور الأساسي الرسمي والمعلَن لرئيس الحكومة الإسرائيلية القادم هو إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من جهة واحدة بما يتناسب مع مصلحة الكيان بعيدا عن أي حل عشر حقيقي يناسب الطرفين.
من المكن إذن التنبؤ المتفائل الحذر بإمكانية توحيد قوى الداخل الفلسطيني وتثبيت موقف عدم التعاطي الإجباري مع شريك السلام الوهمي ، الذي رمى ورقة التوت الأخيرة بكسره للخطاب الدبلوماسي باتجاه الدولة الفلسطينية لصالح الدعاية الانتخابية الجامعة للأصوات . ويأتي سؤال التحدي حول قدرة و أرادة القوى السياسية الفلسطينية على تحويل سلوك السلطة الفلسطينية المجافي لنتياهو إلى موقف صلب غير هلامي ، يعيد الألق المتوفى لمنظمة التحرير الفلسطينية ويوحد الصوت الوطني كما فعل شريك السلام الضائع في أقبية الليكود؟ سؤال يحتاج إلى رد سريع مكافئ بعيدا عن سراب الاستراتيجية الذي انكشف على محراب الكنيس اليهودي الصريح.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-03-2015 10:36 AM

مقال منطقي أشكرك عليه. يعتقد الكثيرون أن موقف السلطة اللاوطنية أصبح حرجا فهي غير قادرة على الإستمرار في خداع الشعب الفلسطيني الى الأبد، وبخاصة كوادر التنظيمات المنضوية تحت منظمة التحرير.

الحل الوحيد والعملي هو حل السلطة المدعومة من الغرب للتغطية على الإحتلال والإستيطان ووضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته.

صراعنا صراع بقاء، ووجود اليمين المتطرف في السلطة بجمهوره العنصري الغير دبلوماسي الغبي، أفضل لنا من بيريز الصهيوني العنصري الذكي وأمثاله.

تحياتي وإحترامي

2) تعليق بواسطة :
24-03-2015 12:45 PM

تحليل متميز و مشوق.. ربما هو موسم تساقط أوراق التوت. سيصبح من المثير مراقبة ردود أفعال القوى الفلسطينية و العربية للوضع الجديد القديم.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012