أضف إلى المفضلة
الجمعة , 10 أيار/مايو 2024
الجمعة , 10 أيار/مايو 2024


لا تخوّنّي بخوّنك ... وبتطلع بسواد الوجه

بقلم : لوريس الرعبي
27-06-2015 11:02 AM
استغربت واستنكرت أمس بعض التعليقات التي قرأتها على صفحات التواصل الاجتماعي من شباب سوري او مصري أو مغاربي يسب فيه الأردن وينعته بالعمالة والخيانة ويصفق لهؤلاء الكثيرون ويزيدون في الكلام بطريقة سوقية لا واعية !!! يصفون ملك الأردن بالخائن وبالولد ويعيبه أنه لا يتحدث العربية … ووصل الحد بأحد السوريين المعلقين يعبر عن كرهه ليس للنظام الاردني فقط بل للشعب أيضا أن يقول: 'انتظروا ان ننتهي من الكلاب إللي عندنا وسيأتيكم الدور وستعودون بدوانا تعيشون في الكهوف وهو أصلكم' !!!
سأجيب بالمنطق وليس بلسان التعصّب الأعمى ولا بخطاب الكراهية الذي يتم زراعته في رؤوس الرعاع ... وتحمّلوني إلى آخر نَفَس …
أكرر ما قلته من قبل وسأظل أعيد الفكرة: 'بالعموم الشعب الأردني من أكثر الشعوب وطنية واحساسا بقضايا العرب في المنطقة' والشواهد كثيرة … ابتدئ من وقت تاريخ الثورة العربية الكبرى وقبيلها بسنوات حيث تؤكد المصادر التاريخية ان الاردنيين كانوا واعيين لخطر الهجرة اليهودية إلى فلسطين قبل الفلسطينيين انفسهم وتنبّهوا لها وحاولوا التصدي لها … واما الثورة العربية الكبرى فمن مسماها هي ثورة احتوت عرب المنطقة من سوريين وعراقيين ولبنانيين وفلسطينيين واردنينن، بعيدا عن ما تمخضت عنه الثورة نتيجة الغدر الإنجليزي الذي تعودت شعوب العالم عليه … إلا أنها كانت حركة تحرر من ثقل (رجل مريض) لم يعد يستطيع مساعدة نفسه …
…لن أعود لسرد تاريخ الأردنيين كشعب في وقوفهم مع لاجئي ال ٤٨ ومن بعدها ال ٦٧ ويكفيني استذكار سرد جدتي لي دون رجوع إلى كتب التاريخ: “والله يا جديدتي قسمت اللحف بيننا وبين دار”فلان” وكانن بناتهم ينامن مع خالاتك في فراش واحد”!! أظن هذه الحالو تكررت في كثير من البيوت الأردنية إن لم يكن في أغلبها … لن أتحدّتث عن أحداث أيلول لأن الانقسام وقتها حقيقة لم يكن انقسام “اردني - فلسطيني” كما يحلو للكثيرين تصويره ، بل كان انقساما بين ثوار آمنوا بفكرة تحرير من جهة وبين ودولة همها استقرار البلد وأمنه ، فكان الكثيرون من الاردنيين فدائيين !! إن كان هذا لا يعكس حسا وطنيا وإيمان بقضايا العرب فماذا يعكس؟
تكرر المشهد في لبنان في الثمانينيات حيث توافد كثير من الاردنيين من كل حدب وصوب لتلبية “واجبهم الوطني” لمناصرة “قضيتهم” السياسية … تكرر مشهد وقفة الاردني مع القضايا العربية في مواقف عدّة وليس آخرها موقف كنت شاهدة عليه في بداية التسعينيات حيث قام شباب مدينيتي الرمثا بقطع طريق قوافل الشاحنات القادمة من حدود سوريا والتي تزود جيش الامريكان في العراق وقتها بالإمدادات الغذائية… وقف الشعب الأردني عن بكرة أبيه مع العراق وقت هجمة بوش البربرية ليضغط الشعب بموقفه الوطني على قرار صاحب القرار وقتها المغفور له الملك حسين ويجعله يبدل موقفه لتكون الأردن البلد الأوحد الذي يقف إلى جانب العراق في محنته … العراق اول حجر في لعبة الدومينو الذي بدأ الإعداد لإسقاطه منذ ثورة الخميني … هذا وشرّع الاردن أبوابه لاستقبال الهاربين بعائلاتهم من نيران الحرب في العراق لاستقبالهم في بلدهم الثاني في 'واحة الامن والامان' مع تحفظاتي على هذا المصطلح من منظور اردني …يخطر في بالي سؤال : ' كم عدد من أصابته جلطة بسبب الأحداث في حرب العراق؟ أتساءل بالمعنى الحرفي عن العدد الذي أصابته الأمراض المزمنة بسبب إرهاق العقل والقلب بما أصاب بلد شقيق واقول أصابته جلطة بالمعنى الحرفي وتوفي كمدا بسبب ما حصل في دولة صدّام حسين؟ وبالرغم من عدم وجود إحصائيّة إلا أنني أظنهم كثر ...
كذلك استذكر اخوتنا السوريين الذين حلوا ضيوفا في بيوتنا قبل ان توجد المخيمات لمن لم تعد البيت تتسع لهم فاستقبلناهم رغم قلّة الحيلة …
لن أحاول استذكار أكثر من الشواهد لأن الموقف الشعبي الأردني واضح إلا لمن ختم الله على بصره وبصيرته فلا حول لي ولا قوة في اقناعه …
أما بالنسبة للموقف السياسي الرسمي للأردن : أجيب ببساطة: موقف الأردن موقف وسطي منذ فتحنا أعيننا على الدنيا ويحاول أن ينأى بنفسه عن المشاكل في دول الجوار بعدم الانجراف في خلافات سياسية عقيمة … أظن سياسة الملك عبدالله الوسطية التي ورثها عن والده الحسين ساهمت في إبعاد بشعبه عن النيران المشتعلة المحيطة بالأردن وتجعل الاردن بلدا آمنا عسكريا لغاية اللحظة …
فإن كان الملك عبدالله خائن وتبع لأمريكا وحامي لإسرائيل فماذا قدّم النظام السوري بالمقابل؟ ماذا قدّم النظام السوري منذ ٤٨ إلى يومنا هذا لفلسطين وللقضية؟ كيف يثبت النظام السوري “اللاخيانة”؟ أبإقامة مخيمات تحد من حركة اللاجئ الفلسطيني وتقيد حرياته وتمنعه من التملك؟ أم من خلال قصف هذه المخيمات مؤخّرا ومحاصرتها لتترك الأطفال فيه يأكلون التراب والحجارة بالمعنى التقني الحقيقي وليس على سبيل المجاز!!! أم قامت سوريا 'بالمقاومة' من خلال الشعارات الرنّانة؟ هل قام النظام السوري بإطلاق صاروخ واحد باتجاه اراض فلسطينية محتلة؟ ولو مجرد تمثيل وضحك على الشعوب الغافلة بإطلاق صاروخ على ارض بور مثلا !! ما الإجراء الذي اتخذه الأسد حين سيطرت جيوشه على هضبة الجولان حيث كان الجيش الاسرائيلي يخشى على نفسه وينسحب وقت العصر؟ ألم يصدر أمر من القيادة العسكرية ان تنسحب القوات فورا وتترك هضبة الجولان للعدو 'الصهويني الإمبريالي” حسب الوصف السوري؟! أما التعدّي على الحدود الأردنية فحصل من النظام السوري أيضا ولا أظن انني قرأت يوما أن الأردن تعدّت على حدود أحد !!
أما إن كانت علاقات الأردن مع إسرائيل خيانة فأعتقد أن مصر كانت أول من وقعت معاهدة سلام مع “العدو” رغم عدم مقدرتي على اقناع ابي ان “تجوع يا سمك” لم يكن إلا إبر مخدر للشعوب … وحسب معرفتي البسيطة أعرف أن الفلسطينيين أصحاب القضية أنفسهم وقعوا اتفاقية السلام أيضا وأما سوريا فلا علاقات لها مع إسرائيل قطعا إلا في العتمة من خلف ستار !!! … فلا تقذف بيوت الآخرين إن كان بيتك مصنوع من “خيانة” … طبعا على اعتبار الموضوع من أصله خيانة واتحفظ برأيي الخاص بالموضوع …

الملك عبدالله “الخاين” لم يكشّر عن أنياب دراكولا ويقصف شعبه بالبراميل المتفجرة وينعت شعبه بالإرهابي… الملك عبدالله قامت ضده الكثير من المسيرات وصلت الهتافات فيها إلى أعلى السقوف اللاممكنة في اي بلد عربي آخر وأنحدّى … الملك عبدالله كتب عنه معارضوه نقدا في مدوّنات وفي شبكات التواصل الاجتماعي وصل في احيان إلى تجاوز النقد السياسي إلى الانتقاد الشخصي والشتم … فكم عدد الذين تم إعدامهم في الأردن لهذا السبب؟ وكم عدد الذين تم شلع أظافرهم تحت التعذيب؟ وكم عدد الذين بدّلت اسماؤهم أرقام واختفوا خلف الشمس لا تعرف أسرهم عنهم شيئا؟ وكم نسبة المعتقلين السياسيين ككل في البلد؟

أما بالنسبة للسان جلالته الذي فيه عجمة: فأعتقد ان البلاغة التي يتمتّع بها سيادة الرئيس المستأسد والتي لا يضاهيه بها أحد على مستوى حكام عرب لم تشفع له أن يتحول إلى دراكولا يلتهم شعبه وخطابات العروبة وشعارات الرسالة الواحدة سرعان ما تحوّلت إلى أدوات تحرق الأخضر واليابس قام ببلّها بالدماء وشرب نقيعها … وللعلم : حكام بريطانيا في البدايات كانوا لا يجيدون لغة شعبهم ويتحدثون الفرنسية ومع هذا أوصلوا بريطانيا إلى قمم الديموقراطية لتكون رائدة في مجال حريات الرأي والعبير والحريات العامة ولتشكل دولة من أفضل ديموقراطيات العالم … صحيح أننا شعب أردني ما زلنا نطمح بكثير من الإصلاحات وأننا ننقسم حول أرائنا السياسية ولنا آراء في قيادتنا ونتناول لكنة الملك أحيانا بفكاهة بل يصل بالبعض أن ينتقد مسائل الملك الشخصية ولكن حين اللزوم سأتحوّل إلى “محبّكجية” وأدافع عن الأردن بكل ما أوتيت من قوة وجلد …

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-06-2015 02:04 PM

المقارنة بين نظام بشار الفاشي السادي و بين النظام في الاردن هي مقارنة خاطئة ,,, فلا يقارن الثرى بالثريا ,,, هناك دم و قتل لاتفه الاسباب السياسية و هناك دكتاتورية غير مسبوقة في العالم و هنا نظام هاشمي رحيم حكيم ,,, شكرا للمقال و كاتبته ,,,

2) تعليق بواسطة :
27-06-2015 03:44 PM

أظن النقطة من اسمي سقطت سهوا :)
لوريس الزعبي بالزين ... :D

3) تعليق بواسطة :
27-06-2015 06:06 PM

الاردن ومنذ وجوده حمل هم وقضايا الامه العربيه فوق اكتافه بلا انتظار منه من احد او جميله احد .. الكثير من العواصف السياسيه التي المت في بلادنا العربيه واول وجهه كانت لكل من يطلب الامن والكرامه هي وجهه الاردن ... فتحنا قلوبنا لكل العرب واويناهم وامنهم وشاركناهم المهم ووجعهم ولكن بكل اسف ومع كل هذا لا زالوا يعضون اليد التي مسحت على رؤوسهم واليد التي اطعمتهم واليد التي شاركت مصابهم ... يبقى الاردن كبير بابنائه وكبير بمواقفه وكبير بامثال هذه الكاتبه الرائعه التي عبرت وبكل صدق عما يجول في قلوبنا كلنا

4) تعليق بواسطة :
28-06-2015 08:22 AM

ابدعت الكاتبه في نقل الحقائق فالاردن هو الحاضنه الرئيسيه لكل اللاجئين بس كالعاده ماكولين مذمومين

5) تعليق بواسطة :
28-06-2015 10:39 AM

الشكر الجزيل للكاتبة لأنها عبرت بصدق وانتماء عميقين لبلدها ، وهذا الكلام هو تعبير عن وجهة عدد كبير من الأردنيين وغيرهم من المقيمين على أرض أردننا المضياف والمعطاء.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012