أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


لماذا لم يلجأ الإخوان "سابقا" إلى القضاء؟

بقلم : إبراهيم غرايبة
30-08-2015 12:38 AM
كان متوقعا ببداهة، عندما أُعلن عن مبادرة تسجيل جماعة الإخوان المسلمين أو التصويب القانوني لأوضاع الجماعة، أن يلجأ المعترضون على التسجيل إلى القضاء لأجل الطعن في القرار. لماذا لم يحدث ذلك؟ لماذا لم يبادروا إلى تسجيل أنفسهم والدخول في عملية قضائية 'إن رغبوا' لحل النزاع حول الاسم؟ ربما تكون هناك إجابات واحتمالات كثيرة لا تستوعبها المساحة المتاحة لهذا المقال.

إن الجماعة لم تكن مسجلة ابتداء في سجل الجمعيات، وهي قانونيا غير موجودة ولا تملك شخصية اعتبارية قانونية، وكانت عملية التسجيل التي أُشهرت في 3 آذار 2015 تسجيلا لجمعية جديدة، وربما يكون الاعتراض خاسرا أمام القضاء، بل ويثبت الوضع القانوني للجمعية الجديدة ويقوض الجمعية القديمة التي سجلت في العام 1946 ثم أعيد تسجيلها في العام 1953 ولكنها لم تكيّف أوضاعها لاحقا ولم تتابع عملها وشأنها باعتبارها جمعية مسجلة، وتحولت إلى جماعة سياسية اجتماعية غير رسمية، وهي وإن كانت معترفا بها ومتقبلة عمليا فإنها لم تكن ذات صفة قانونية، وقد تواطأ الطرفان (الحكومة والجماعة) على هذا الوضع لمصالح عدة متبادلة، منها اليقين بأن عملية التسجيل القانوني والعمل ضمن القانون وسيادة الدولة وإعلان العضوية والتمويل والنظام الأساسي سوف يؤدي تلقائيا إلى انسحاب أعداد كبيرة من الأعضاء وعزوف أغلبية المؤيدين عن المشاركة في الجماعة، ولم يكن الطرفان راغبين في إضعاف الجماعة او انحسارها.

ربما يراهن الإخوان المعترضون على التسجيل على لحظة محتملة يأتي بها المستقبل تكون السلطة التنفيذية في حاجة الى الكتلة المعارضة للتسجيل فتمنحهم في تلك اللحظة مطالبهم، واذا كان هذا الاحتمال صحيحا، وأخشى أنه صحيح في تفسير سلوك الإخوان 'سابقا' في إدارة أزمة إعادة التسجيل أو التصويب، فذلك أسوأ ما يمكن أن تفكر فيه هذه المجموعة،. إنها بذلك تحول نفسها إلى جماعة وظيفية بعيدة عن فكرتها وأهدافها.

الجماعات تعرف نفسها وطريقها، يفترض أنها تعرف، وفي ذلك تكسب وتخسر، وتكيف أوضاعها ووسائلها وأدواتها ومواقفها،. وتحدث الكارثة عندما لا تعرف أو تشكل معرفة خاطئة، والأسوأ عندما يسيطر الوهم بدل المعرفة، خطأ في التقدير اقل سوءا بكثير من الوهم.

لم يحدث أمر سيئ للإخوان المسلمين حتى الآن، ويستطيعون أن يديروا الأزمة بمكاسب كبيرة إذا أرادوا وأن يعملوا باعتبارهم جماعة تعمل في الدعوة والتأثير وليسوا صيادي مكافآت وفرص، فيستطيعون أن يكيفوا أوضاعهم حسب القانون و 'يا دار ما دخلك شر'، واذا أرادوا الا يعملوا حسب القانون فهناك أيضا مجال ليعملوا سلميا دون خسائر كبيرة، ففي الواقع ثمة فرص كبيرة لعمل غير رسمي دون مخالفة القوانين ودون أذى أو خسائر، ويمكن أيضا أن يعملوا كجماعة سرية، وفي السرية أيضا خيارات واستراتيجيات عدة ليس بالضرورة أن تؤدي جميعها إلى خسائر وأزمات إذا لم ينتهكوا القوانين حتى وهم جماعة سرية، أو إذا كانت المخالفات مقدورا على ثمنها وليست جسيمة، ولكل خيار كما الحياة دائما مكاسب ومخاسر.

ما يضرّ الإخوان المسلمين ليس التكيف القانوني، العكس ..فذلك يفيدهم كثيرا، ولكنهم يضرون أنفسهم بالانفصال عن الواقع وحالة الإنكار التي يعيشونها.

(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012