أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الأربعاء , 08 أيار/مايو 2024


في ذكرى استشهاد سيد قطب

بقلم : د. رحيّل غرايبة
31-08-2015 12:53 AM
أواخر شهر آب من كل عام تذكرنا بأحد قامات العالم الإسلامي المعاصر، وأحد أشهر المفكرين في العالم الإسلامي الذين أغنوا المكتبة الإسلامية وأضافوا إلى الفكر الإسلامي إضافة نوعية ومتميزة، وأحدثوا أثراً هائلاً في صياغة الجيل المعاصر من أجيال الصحوة الإسلامية، التي ألهبت مشاعر التحرر لدى جماهير العالم العربي والإسلامي.
سيد بن الحاج قطب بن إبراهيم، الذي ولد في بلدة «قها» في محافظة أسيوط المصرية سنة (1906م)، كان ينتسب لأسرة مصرية موسرة، وكان والده رجلاً متديناً مرموقاً لدى سكان قريته، وعضواً في لجنة الحزب الوطني برئاسة «مصطفى كامل»، وتوفي والده وهو في سن مبكرة، وأصبح في عهدة والدته التي غرست فيه حب المعرفة، والتوق إلى المعالي وتحمل المسؤولية، ثم ما لبثت والدته أن فارقت الحياة، لتترك العائلة تحت مسؤولية هذا الشاب اليافع، الذي يميل لونه إلى السمرة، وشعره أجعد، وتحمل قسمات وجهه الجدية الممزوجة برقة الإحساس وجمال الأدب والنبوغ المبكر.
تتلمذ سيد قطب على يد الأديب المصري الكبير «العقاد»، وبدأ عهده السياسي في حزب الوفد المصري، بعد تخرجه من دار العلوم عام (1933م)، وعمل بوزارة المعارف برهة من الوقت ثم تم ابتعاثه إلى أمريكا لمدة عامين، ورجع عام (1950م)، ثم ترك حزب الوفد وانضم إلى صفوف جماعة الإخوان المسلمين، وخاض معهم محنتهم التي بدأت عام (1954م)، واستمرت إلى أواخر الستينيات حيث تمت محاكمته بتهمة التآمر على نظام الحكم، وصدر الحكم باعدامه عام (1966م).
ألّف سيد قطب كتباً كثيرة في الحضارة الإسلامية والأدب والفكر الإسلامي، أشهرها وأهمها «في ظلال القرآن»حيث وضع فيه عصارة فكره وثمرة تجاربه، من خلال السير مع آيات القرآن آية آية، وكانت كتب سيد قطب مادة ملهمة لكثير من العاملين في الحقل الإسلامي، ومن المفارقة أن تجد كثيراً من المختلفين فكرياً وسياسياً متفقين على مرجعية آراء سيد قطب للعمل الحركي، مع تباين كبير في الفهم والتأويل لما كتب ونظر وسطر في كتبه بكل تأكيد.
أعلم يقيناً أني لا أضيف شيئاً جديداً إلى ما كتب عن سيد قطب، حيث تم كتابة العشرات من الكتب، والعشرات من الأطروحات العلميّة في مختلف جامعات العالم، ولكن ما يمكن الإشارة إليه بعجالة في هذا السياق: أن سيد قطب رحمه الله شخصيّة جدلية، أحدثت تغيّراً هائلاً في مدرسة جماعة الإخوان المسلمين، التي أسسها الشهيد حسن البنا، فحسن البنا كان يعمل على إنشاء تيار متدين ومتحضر، ومؤثر في المجتمع تأثيراً إيجابياً فاعلاً؛ من خلال المعايشة والمخالطة، والانخراط في المجتمع بكل تفاصيله، عبر الكلمة الطيبة والسلوك الصحيح والنصح الرقيق، والخلق العالي الرفيع، مع الحرص الشديد على إيجاد الشخصية القوية النموذجيّة في كل تخصصات الحياة، وفي كل المهن وعلى مختلف الأصعدة والمستويات، وفي كل شرائح المجتمع وطبقاته، ضمن منظومة الدولة القانونية ومؤسساتها العامة والخاصة بلا استثناء، على قاعدة إصلاح المجتمع كله بشكل هادئ و متدرج، وبطريقة سلميّة، بعيداً عن العنف والخشونة، بهدف الارتقاء بالمجتمع ارتقاءً جماعياً، نحو آفاق التطور والتحضر المبني على قواعد الإسلام ومنظومته القيمية، في كل مناحي الحياة وفي كل مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية.
أما سيد قطب فقد كان ميالاً لمحاكاة التجربة الاولى لولادة الدعوة الإسلامية منذ البعثة النبوية، وكيفية التعامل مع مجتمعات الكفر والشرك وعبادة الأصنام والجاهلية الأولى، ولذلك كان ميالاً نحو استعمال مصطلحات «الجماعة المسلمة»، و «المفاصلة»، و»العزلة الشعورية» و» الجاهلية» و»استعلاء الإيمان» ومقولة «الفسطاطين»، بحيث أدى ذلك إلى استغراق الجيل الجديد بهذه المحاكاة، وأن بعض المنخرطين في الحركات والجماعات الإسلامية المعاصرة أصبحوا يظنون أنهم يبدأون عهد الإسلام من جديد، وإنهم ينطلقون من نقطة الصفر، وأن العالم بحاجة إلى فتح جديد، ولذلك أصبح بعضهم يستنسخ تجربة الفتوحات والجزية والسبي والكفر والردة، وبدر وأحد والخندق وخيبر، وأرادوا إلغاء (1400) سنة من حياة الأمة الإسلامية، وجهودها وتجاربها المختلفة والمتباينة في بناء المجتمعات الإسلامية المختلفة؛ التي تحوي الغث و السمين، وفيها صفحات مشرفة ومضيئة، وفيها أخطاء ونقاط مظلمة بكل تأكيد.
أعتقد جازماً أن سيد قطب لم يقصد هذا، ولو كان موجوداً لكان أكثر الناس محاربة لهذا الفكر العنيف المتطرف القائم على ضيق الأفق، والجهل بقواعد الإسلام ومقاصده، والذي ألحق ضرراً كبيراً بحضارة الإسلام وتجارب المسلمين على مرّ التاريخ.
سيد قطب رجل من البشر يخطىء ويصيب، وهو ينتمي إلى مدرسة الشهيد حسن البنا الذي جعل الفهم ركناً لدعوته القائمة على أصل « كل شخص بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخذ من قوله ويرد»، وهذه القاعدة تنطبق على أبي بكر وعمر، كما تنطبق على حسن البنا وسيد قطب، ولذلك من الجيد والمفيد أن نتذكر «سيد قطب» في ذكرى استشهاده وأن نترحم على عملاق من عمالقة الفكر، وأستاذ من أساتذة الخلق والأدب والالتزام والانتماء والبطولة، التي قادته إلى حبل المشنقة دفاعاً عن مبادئه وأفكاره، دون أن نغفل عن عملية التقويم والغربلة المرتبطة بزمانها ومكانها وظروفها السياسية والفكرية والاجتماعية التي لا تنقص من مكانة الرجل وقيمته الفكرية.

(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
31-08-2015 01:28 PM

وهل نترحم عليه ولا نترحم على مئات
الآلاف من المسلمين وغيرهم من اتباع
الديانات الاخرى الذي قتلوا نتيجة
افكاره الارهابية؟
هل نترحم عليه وننسى ما فعلته افكاره
في تسويد صفحة الاسلام في كل العالم.
نتيجة افكاره التي تمتدحها حضرتك
ظهرت كل المنظمات الاسلاموية الارهابية
في العصر الحديث التي ذبحت الناس
ودمرت البلاد والعباد ولا زالت.
كل هذه المصائب التي فعلها هذا الارهابي وتصفه بعد كل هذا بالشهيد؟
اذن من هو الذي ليس شهيدا برأيك؟

2) تعليق بواسطة :
31-08-2015 03:19 PM

الى رقم 1
شكلك غايب فيله

3) تعليق بواسطة :
31-08-2015 05:22 PM

تعليق ٢
الصحيح انك انت غايب فيله ... كل ما ذكره تعليق ١ صحيح بس عطرفتك نايم وما بتقرا

4) تعليق بواسطة :
31-08-2015 06:25 PM

خراب بلادنا ودمار منطقتنا كلها بسبب التطرف والارهاب الذي روج له سيد قطب بافكاره التكفيرية الارهابية الداعشية , وعقوبة الاعدام التي صدرت بحقه هي اقل مايمكن عمله بشأن هذا المتطرف .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012