أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


التراكتور

بقلم : احمد حسن الزعبي
16-11-2015 01:13 AM
أنت أيضاَ تستطيع ان تعرف إلى أين تتجه الحكومة بعيداً عن ارقام الموازنة وحجم العجز ونسب التضخم والنمو وارقام الاقتصاديين و»غمغمات» السياسيين..فقط قف وانظر من شباك نافذتك الى الشارع تستطيع ان تعرف الى اين تسير الحكومة ...
في سبعينات القرن الماضي..كانت «التراكتورات» هي الأكثر انتشاراً في شوارع المدن والقرى الأردنية كان لصوتها المميز فرح خاص يولد مرتين في اليوم بعد الفجر وعند الغروب ..عوادها تحمل شيئاً من تراب السهل وشوك الصيف وأكياس البذار الفارغة..فتعرف أننا دولة زراعية بامتياز ،ما زال التراكتور فيها هو «مِعوَل» الدولة و»مُعيلها»..
في الثمانينات..بدأت تستحوذ الشاحنات على حصة التراكتورات في الطريق ، ففتح النقل الى العراق والخليج ومصر وليبيا...فمن كان لديه تراكتور باعه وباع الأرض التي كان يخدمها ،واقتنى «تريلا».. فعرفنا آنذاك أننا صرنا دولة تجارية بلا تجارة وزراعية بلا زراعة ..صحيح أن ما نقوم به مربح في الظاهر لكن بلا رأس مال واضح...
في التسعينات وبعد حرب الخليج الثانية...توقفت حركة النقل الى الخليج والعراق بسبب الحصار ..فبيعت الشاحنات المتعطلّة واشترى بثمنها مرسيدسات «بطّة».. فعرفنا أن الحكومة مثل الأفراد ذاهبة الى خيار التضحية برأس المال للعيش اليومي والنصف الآخر «للتشخيص» ...في الألفينات...بيع ما تبقى من الأراضي ورهنت البيوت وانتشرت سيارات «الفور ويل» الخاصة «بالجخة» انها «رأسمالنا الجديد»... وهنا تستطيع أن تصل الى نتيجة مفادها ان الحكومة هي الأخرى باعت مؤسسات ومشاريع ناجحة واشترت بثمنها «الجخة» التي لا تطعم خبزاً ، وانما مقلباً محشواً بالمظاهر الفارغة...
**
كم أشتاق الى دخان «التراكتور» العائد للتو من «الحماري»، يمتطيه ختيار يرتدي «فلدة عسكرية قديمة» وشماغا مبللا بالمطر الناعم ، كم اشتاق لصوت «الفولفو» الأجش المحشو بالخشونة والحكمة مثل «ختيارية زمان»، حيث لا يعني سائقه الغماز ، ولا الرخصة ولا الضوء الأمامي ولا أولوية المرور...هو الأرض بحمرتها بقمحها وشوكها تمشي على الشارع...هو الأب البرّي الذي يسطر الارض نهاراً بأبجدية الاكتفاء ..ويعود مساء راضياً دافئاً حنوناً ككل الآباء ...

(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-11-2015 09:09 AM

نعم يرحم والديك يازعبي قلبت المواجع
كانت الأردن كما قلت دولة زراعية وشعبها مزارعين إلا قلة من الذين يعتبروا محظوظين من موظفين الصبح والعصر يساعدوا في البذار أو الحصاد أو غيره وكذلك العسكر إجازاتهم تتحول لعونة أهلهم.
نعم هكذا كانت معظم محافظات الأردن وبالذات بلدي الكرك حيث كانت حقول الخير تمتد من راس الموجب حتى سيل الحسا ..لكن الكثير من هذا تبخر وغدونا ننتظر راتب آخر الشهر .

2) تعليق بواسطة :
17-11-2015 02:09 AM

اه على رائحة الارض وصوت التراكتور واشوالات ابو خط احمر وصوت الديك مع خبز الطابزن ..مع ريفيه حاملي الجره تتمايل ع الجنبين...لا فض فوك اصيل يا زعبي كاصالة ..الارص الطيبة ..

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012