أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


الناس والانتخابات المقبلة

بقلم : إبراهيم غرايبة
13-02-2016 12:18 AM
هناك ثلاث فئات يجب أن تخرج من تركيبة المجلس النيابي المقبل، أو يجب ألا تزيد على 10 % من النواب. وهم المتقدمون للانتخابات على أنهم مرشحو عشيرة أو منطقة من السكان، وعلى أساس هذا العنوان فقط؛ بمعنى السعي إلى حشد أصوات أبناء عشيرة أو منطقة بلا فكرة أو برنامج اقتصادي اجتماعي وطني أو محلي. وكذلك المتقدمون للانتخابات على أساس ديني؛ الذين يطلبون أصوات الناس وتأييدهم فقط لأنهم 'إسلاميون'، أو لأن انتخابهم يقرب الناخب من الله. وأيضا الذين يتقدمون للانتخابات لأجل المقاومة والتحرير والوحدة العربية والإسلامية.
الدعوة إلى التخلي عن الانتخاب والترشح على أساس قرابي أو ديني أو فوق وطني، لا يعني رفض هذه الأفكار والأسس أو نبذها. لكن الفكرة هي أن توضع في مكانها الصحيح، وألا توضع في غير مكانها. فالانتخابات النيابية يفترض أن تؤدي، ببساطة، إلى إدارة كفؤة وعادلة للموارد؛ في تحصيلها وإنفاقها والحفاظ عليها وتجديدها وتعظيمها. إذ إن مجلس النواب في وظيفته الأساسية الدستورية؛ التشريع والرقابة على الحكومة، يهدف إلى تشكيل حكومة تمثل المواطنين تمثيلا عادلا. وهذا أمر لا علاقة له بعدد أصوات العشيرة أو المنطقة التي هاجر منها النائب أو هاجر أبوه أو جده منها، ولا يغير فيه أن يكون النائب يصلي الفجر جماعة في المسجد. ولن يضيف أو يغير شيئا دعاة الوحدة والتحرير والمقاومة في ترشيد أو تحسين أداء الحكومة والبرلمان، ولن يفعلوا شيئا لأجل التحرير والمقاومة، وكل ما سيفعلونه يمكن أن يفعلوه خارج مجلس النواب.
لدينا أقل من عام، وهذه فترة زمنية قصيرة، لنتجمع ونخطط للمجلس المقبل. وأتوقع أننا نملك جميعا؛ حكومة ومجتمعات وأحزابا وأفرادا، رؤية واضحة إلى حدّ معقول لما نريد أن نكون عليه، وما يجب تحقيقه لبلدنا وأنفسنا. ويفترض أن الديمقراطية -وهذه ميزتها الأساسية- قادرة على إصلاح نفسها. فإعادة الانتخابات وتكرارها يعنيان، ببساطة، المراجعة والتصحيح. ويجب أن نسأل ببساطة: ما المراجعات التي يجب أن تؤدي إليها الانتخابات المقبلة، وما المراجعات التي أجريت في الانتخابات الماضية؟
ستكون الانتخابات المقبلة هي الثامنة منذ العام 1989. وقد مرت فترة زمنية كافية، وتكررت الانتخابات بقدر يجب أن يكون كافيا لإنضاج حياة سياسية ديمقراطية تعكس تطلعات المواطنين إلى حياة كريمة، وتشكيل حكومة تمثل الناس تمثيلا عادلا. وهذا يقتضي وجود أحزاب تملك قواعد اجتماعية، وينظر إليها الناس على أنها تعبر عن مصالحهم وأفكارهم، وتوصل إلى مجلس النواب والحكومة البرامج التي تحقق أهدافهم.
كيف يكون لدينا أحزاب سياسية تملك قواعد اجتماعية، وقادرة على تمثيل الناس والحصول على مقاعد كافية في مجلس النواب، والتنافس السلمي على السلطة؟ يجب أن تعكس الأحزاب السياسية مصالح حقيقية وواقعية للدوائر الانتخابية والطبقات والفئات الاجتماعية، وأن تجتذب لعضويتها ومؤيديها فئات واسعة من الشباب، وقادة المصالح والأعمال والمهن، فالعمل الحزبي والانتخابي ليس حراكا معزولا لأجل أفكار ومُثل معزولة عن الفرص والتنافس عليها وتنظيم الأسواق والموارد والتنافس عليها وتطوير السلع والخدمات والارتقاء بها. وبغير مصالح وعلاقات اقتصادية واجتماعية ضرورية، لا يقبل الناس على الأحزاب والانتخابات؛ فهم لا يذهبون إلى الأحزاب لأجل التسلية وممارسة الهوايات، والذين يذهبون إلى حزب ما لأجل الثواب عند الله يفسدون العمل السياسي والإصلاح.. والدين أيضا!
يملك المرشحون، سواء كانوا أفرادا أو يعبرون عن كتل ومصالح سياسية واجتماعية واقتصادية، أن يتحركوا منذ اللحظة مستهدفين المواطنين؛ بالنظر إليهم كونهم أهل المدن والبلدات وأصحاب الأعمال والمصالح والمهن، والمتطلعين إلى العدالة والفرص في العمل، والشباب المتحمسين للإصلاح أو المشغولين بمستقبلهم ومستقبل بلادهم، والمثقفين والطبقات الوسطى بما هم مشتغلون بالعدالة الاجتماعية والإصلاح الضريبي والارتقاء بالخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، وتنظيم المستهلكين وحمايتهم.
الفكرة التي تلخص التنافس الانتخابي وتحتاج إلى وقفة مستقلة، هي 'تدوير النخب' أو حكم الأكفأ، كيف يتقدم الأفضل؟

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012