أضف إلى المفضلة
الإثنين , 27 أيار/مايو 2024
الإثنين , 27 أيار/مايو 2024


توفيق عكاشة بمناسبة الحذاء

بقلم : فهد الخيطان
02-03-2016 01:00 AM
مثل كثيرين غيري، سمعت عن توفيق عكاشة لكني لم أسمعه أو أشاهده، حتى بعد فوزه الكبير في انتخابات البرلمان المصري الأخيرة. خطوة النذالة التي أقدم عليها قبل أيام، والمتمثلة في استقبال سفير إسرائيل في القاهرة ببيته، وما تلاها من ردود فعل غاضبة في مصر بلغت حد ضربه بالحذاء بمجلس الشعب المصري، كانت مناسبة 'طيبة' لاستعراض سيرة الإعلامي 'الكبير' الذي أشغل الشارع المصري منذ صعوده المريب عبر محطته الخاصة 'الفراعين'.
يتملك المرء شعور الصدمة والدهشة بعد استعراض مقاطع من حلقاته التلفزيونية على موقع 'يوتيوب'. مهرج أجوف من الصنف الرديء، لا يتقن أبجديات التحليل؛ ينسج القصص الخيالية السخيفة، ويفتقر للحد الأدنى من المعرفة بأبسط المعلومات والأحداث التاريخية. لكنه لا يتورع عن تقديم نفسه كخبير في السياسة، ومؤرخ في التاريخ، وعالم في العلاقات الدولية. والطامة الكبرى أنه يجد الملايين من المتابعين في مصر والعالم العربي، وتحمله الجماهير ممثلا لها في البرلمان.
'توك شو' عكاشة يمثل أرذل سنوات الإعلام العربي وأكثرها انحطاطا. شخص مخبول تظهر على وجهه وفي حركاته علامات المرض النفسي، ينصّبه الشعب مشرعا ومراقبا على الحكومات، وناطقا باسمه.
هنا يتكامل بؤس الإعلام مع السياسة، ولنا أن نقول مع بؤس الجماهير أيضا، التي أصبحت 'الميديا' غريزة جديدة تتحكم بسلوكهم ومزاجهم وتوجهاتهم، على حساب قيم المعرفة والفكر.
لكن ظاهرة عكاشة ليست حالة فريدة في مصر والعالم العربي؛ لا في الإعلام فحسب، وإنما في السياسة والاقتصاد والفن. كن 'أركوزا' على الشاشة أو في البرلمان، فتصبح نجما. ليس ثمة شيء أهم من النجومية. يكفي أن تتمتع ببعض الصفات الشخصية الغريبة والمواقف الشاذة، كي تأسر قلوب الناس.
الجماهير أبسط مما كنا نعتقد؛ تنصت لتحليلات عكاشة أكثر من هيكل، وتسهر على صراخ عمرو أديب وفيصل القاسم بتلذذ، بينما لا تلتفت لحوار عميق مع مفكر أفنى سنوات حياته في البحث والدراسة.
الحكومات بدورها تركض وراء الظواهر الشاذة؛ صعود عكاشة على سبيل المثال لم يكن بلا معنى. الترهات التي يخطب بها كل ليلة على الشاشة، وما تحتوي من إساءات بالغة للذوق العام، تكفي لسجنه مدى الحياة. لكنه يدخل السجن ليزيد من شعبيته ويخرج بطلا؛ ينال المزيد من الشعبية والدعم المادي لتبقى'الفراعين' واقفة على قدميها.
لم تكن هذه حال الشعوب قبل زمن 'الميديا' العجيب. مصر تحديدا لها تجارب مبكرة في 'الفهلوة' الإعلامية، كان أحمد سعيد خير مثال عليها. لكن مهما كان رأينا في ظاهرة أحمد سعيد، فلا مجال لمقارنتها مع الظواهر الحالية. فقد كانت مصر حتى وقت ليس ببعيد نموذجا لدولة تفرز أفضل الشخصيات في عالم السياسة والاقتصاد. حتى في زمن حسني مبارك لم يكن لشخص مخبول مثل توفيق عكاشة أن يحلم بدخول مجلس الشعب.
لكن في مصر وسواها من البلدان العربية، صار أمثال عكاشة نوابا ورجال سلطة ومال. هذا زمن الانحطاط.

(الغد )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-03-2016 02:09 AM

.
-- هو عصر إنحطاط دولي , إيطاليا تنتخب نجمة بورنو للبرلمان ثم صاحب محطات البرنو الغارق في فضائح مالية وأخلاقية" برلسكوني "ينتخب رئيسا لأكبر حزب ثم رئيسا للوزراء..!!

-- الآن قفز أزعر بذيء لاعب ثلاث ورقات في مجال الإستثمار إسمه "دونالد ترمب " ليتخطى عشرة مرشحين للحزب الجمهوري الامريكي ويقترب من شغل منصب رئيس الولايات المتحدة..!!

-- العكاشة ظاهرة دولية لعصر مادي منحط تمر به البشرية

.

2) تعليق بواسطة :
02-03-2016 02:32 AM

مقال يعبر أدق تعبير عن الواقع الصحفي والفكري لكثير من الكتاب والمثقفين والسياسيين، ويشخص الحالة المتهالكة والمتداعية لبعض المفاهيم والقيم الأخلاقية عند بعض المشعوذين والمراهقين والعنصريين والمهرجين والمرضى النفسيين في عالمنا العربي ، في زمن الردة الأخلاقية والقيمية الذي صارت فيه العنصرية والتخلف والخيانة وجهة نظر حكيمة.. المقال - فعلا- يدل على عمق في التحليل ،وبعد في النظر ، وإلى مثله نحن في مسيس الحاجة في هذا السيرك الذي يزخر بالبهلوانيات المقززة التي ترتدي أقنعة وطنية .

3) تعليق بواسطة :
02-03-2016 11:42 AM

الاستاذ المحترم فهد الخيطان لافظ فوك حقا انه زمان الشقلبه وفي مصر العزيزة على قلوبنا والتي نكن لها كل التقدير ونسال المولى تعالى ان يجنبها الفتن والناعقين على وتر التعصب والطائفية المقيته واللعب كالبهلوان على حبل المتغيرات وكل يوم هو في لون وشان امثال الكاتب عكاشه فقد احسنت وابدعت بوصفك لهذا الكاتب الصفيق الذي لايعبر عن اهل مصر الكرام والعروبه وارض الكنانه ومع استحقاقه الاكيد لما لقيه في مجلس الشعب المصري من اهانه فلو نطق؟؟؟.... لقال باي ذنب اضرب وفعلا انه ظاهرة شاذه وعداك العيب اخي الكريم فهد

4) تعليق بواسطة :
02-03-2016 01:13 PM

عيب انك تحط الدكتور القاسم جنب عكاشة واديب وانت بتعرف تماما الفرق بين الجزيرة والاعلام المصري . بس يبدو انك قاصد تسئ للرجل

5) تعليق بواسطة :
02-03-2016 05:38 PM

تقول قفز أزعر بذيء لاعب ثلاث ورقات في مجال الإستثمار إسمه "دونالد ترمب " ليتخطى عشرة مرشحين للحزب الجمهوري الامريكي ويقترب من شغل منصب رئيس الولايات المتحدة..! دونالد جون ترامب .. ازعر !! لو حمل زعماء العرب 5% من ذكاء وحب ترامب لبلده لحكم العرب كل العالم ، دول خليجيه تطرد الاف المواطنين العرب من بلادها خلال 24 ساعة . دولة نفطيه تقطع مساعداتها وتسحب ارصدتها واستثمارا من دولة عربيه اخري لعدم اصدار بيان شجب لموضوع سخيف . هؤلاء يستحقوا ان يحكموا بلادهم . اتمنى ان يفوز ترامب فقط لاجل سحق هؤلاء .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012