أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


فائدة "داعش"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
25-07-2016 12:15 AM
وصل السياسي المخضرم عدنان أبو عودة إلى نتيجة لطيفة، بعد جلسة عصف ذهني ممتعة معه ومع الصديق العزيز د. محمد المصري (الذي يدرّس في جامعة أوكلاهوما، ويدير برنامج اللغة لغير الناطقين بالعربية هناك)، وهي أنّ هناك فائدة مهمة لتنظيم 'داعش' اليوم في العالم العربي، بالرغم من كل الكوارث المترتبة على ما يقوم به!
الفائدة تتمثل في حجم الارتباك والقلق اللذين أصابا المسلمين اليوم من خطاب هذا التنظيم وسلوكه، ما دفع بجملة من الأسئلة المهمة والحيوية إلى السطح، لدى شريحة واسعة من الناس؛ فيما إذا كان ما يمثّله 'داعش' هو الإسلام حقّاً؟ وإذا لم يكن كذلك؛ فما هو التأويل الصحيح للأحكام الإسلامية؟ وكيف نعيد فهم الإسلام وتطبيقه اليوم؟ وهي أسئلة تخلق بدورها حواراً داخلياً عميقاً، يحرك المياه الراكدة، ويعيد سؤال الإصلاح الديني والتجديد إلى قلب المشهد العام، بعدما تمّ تغييبه فترة طويلة.
بالطبع، هذه النتيجة ليست جديدة. بل هي، كما هو معروف، مطروحة منذ قرن تقريباً في العالم العربي والإسلامي، لكنّها لظروف سياسية ومجتمعية وثقافية تمّ تغييبها، وبدلاً من سؤال التخلف والنهضة والجمود الديني والإصلاح التعليمي، الذي طرحه الإمام محمد عبده ومدرسته الإصلاحية، حلّ سؤال الهوية الإسلامية المنغلقة في مواجهة خطر التغريب والعلمنة الذي هيمن على المدرسة الإحيائية اللاحقة، على يد الإخوان المسلمين والسلفيين وجميع الحركات التي انبثقت بعد إعلان مصطفى كمال أتاتورك إلغاء الخلافة، وبداية تشكّل الحالة القطرية العربية.
تبدو المفارقة اليوم، أنّنا ونحن نشهد تفكك أو أزمة الدولة القطرية العربية في أكثر من مكان، وتحرّك سؤال الهوية من مربع الإسلام والعلمنة، إلى المربع الطائفي والصراع السني-السني في جوانب أخرى، فإنّ مثل هذه المتغيرات والتحولات هي نفسها التي تنقل شريحة اجتماعية واسعة من المجتمعات العربية إلى إعادة اكتشاف الدين من جديد، برؤية نقية واقعية بعيداً عن الأفهام التي سيطرت علينا خلال العقود السابقة، والبحث عن قراءة تأويلية مغايرة للداعشية والحقل الذي تنتمي إليه.
المبالغة في تضخيم هذه الفائدة غير واردة؛ ففي النهاية نحن في مرحلة صعبة تتجاوز الداعشية الدينية والسياسية، إلى انهيار النظام السياسي والأزمات الاقتصادية والاجتماعية. لكن في النهاية، لا بد من محاولة قلب الطاولة أو المعادلة من القلق الشديد لصعود الداعشية إلى التفكير في سؤال الإصلاح الديني والتنوير الحقيقي، البعيد عن التباسات السلطة في العالم العربي ومراوغاتها الحالية.
اقتراح عدنان أبو عودة، المستمد من بعض النصوص التي سردها الصديق د. محمد المصري لعلماء مسلمين سابقين، وتتحدث عن التجريبية والعلوم الطبيعية والعقلية النقدية في دراسة الظواهر الاجتماعية، ذهب نحو ضرور التفكير في كتاب أو مساق يدرس في الجامعات عن مناهج البحث لدى العلماء المسلمين، ما يساعد الطلبة في بناء عقلية أكثر عمقاً ونقدية تجاه التراث.
المفارقة الأخرى هي أنّ مثل هذا المساق كان موجوداً أصلاً ويدرّس باقتدار شديد في جامعة آل البيت، وصاحب فكرته هو المؤرخ الأردني الدكتور محمد عدنان البخيت؛ إذ كان مساقاً إجبارياً لطلبة الدراسات العليا، يتم خلاله تدريس مقدمة ابن خلدون، ويأتي ضيوف من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي يستعرضون مناهج العلماء المسلمين في الفلسفة والمنطق والعلوم الطبيعية والاجتماع، ويقدّم الطلبة فيه أوراقاً علمية، ويكون الامتحان النهائي بمثابة أسئلة مفتوحة.
لكن هذا الإنجاز العلمي الذي قدّمه الدكتور البخيت تمّ تضييعه لاحقاً، بعد أن كانت الجامعة تخط قدمها لتصبح ظاهرة أكاديمية في العالم العربي، عبر تدريس المذاهب السنية والشيعية، ودمج كلية الشريعة والقانون، وتطوير دراسات التراث الإسلامية؛ إذ تراجعت عن كل تلك الإنجازات!

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
25-07-2016 01:10 AM

لقد فاتتكم فوائد جمة من هذا العصف الذهني !!!!
الاستجداء لمحاربة داعش والارهاب
زيادة الرسوم والضرائب على المواطنين بأغنية الأمن والأمان
سرقة ونهب المعونات المجهة للنازحين والىجئين السوريين والعراقيين
مصادرة الاسلحة والمعدات العسكرية المجهة لدعم المقاومة السورية وبيعها في السوق السوداء ( المحلية )
لنشر الفتنة والفساد في الأرض !!!
حضور المؤتمرات والمؤامرات الدولية والتمتع بالساحة المجانية من دماء وعلى ظهورالشعوب المطهدة والمواطنين المسحوقين !!!!

2) تعليق بواسطة :
25-07-2016 01:13 AM

مصائب قوم عند قوم فوائدو !!!
فكفى المتاجرة بمصائب شعوب فلسطين والكويت والعراق ولبنان وسوريا وليبيا واليمن والسودان والصومال !!!!!

3) تعليق بواسطة :
25-07-2016 11:42 AM

اكثر المستفيدين من داعش اسرائيل و ايران و بشار الاسد ,, لماذا لا تضرب داعش في اسرائيل و ايران ؟؟ هل صدق حيدر العبادي عندما قال قبل حوالي سنه ان داعش صناعة سورية ايرانية .. طبعا لايجرؤ على مجرد ذكر اشرائيل على لسانه ..

4) تعليق بواسطة :
25-07-2016 03:29 PM

ﻻ ارى فائدة لداعش سوى انها شوهت صورة اﻻسﻻم واستعدت العالم على المسلمين وصدت عن سبيل الله وعمقت اﻻنقسام بين الطوائف الاسلامية واثارت الحروب الطائفيه واستخدمت كذريعه ﻻ عادة احتﻻل بعض الدول العربيه كما استخدمتها بعض اﻻنظمه العربيه لتبرير جرائمها ضد شعوبها المطالبه بالحرية.ﻻ ارى فائدة لداعش سوى انها اعاقت المد الطائفي قليلا في بﻻد المسلمين .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012