أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


منع البوركيني: أكثر من ضرر

بقلم : جمانة غنيمات
28-08-2016 03:18 AM
خيراً فعل مجلس الدولة؛ المحكمة الإدارية العليا في فرنسا، بتعليق قرار حظر لباس البوركيني على الشواطئ، والصادر عن ثلاث بلديات فرنسية، بموجب قانون منع الرموز الدينية، لاسيما لباس المحجبات.
بقرار المحكمة، استعادت فرنسا صورة محترمة لها في أذهاننا؛ باعتبارها بلداً علمانياً مدنياً يتقبل الاختلاف، خصوصا أن هذه الصورة تشوهت بالمنع السابق الذي لا يمكن وصفه إلا بالسخيف؛ كما ببث صورة لشرطيين فرنسيين يجبران امرأة ترتاد شاطئاً على خلع لباسها، ويحرران لها مخالفة لارتدائها ما بدا بوركيني.
ولأن الصورة هزلية، فلنا تخيل كيف سيكون رد فعل العالم لو أن امرأة فرنسية مُنعت من ارتداء ملابس السباحة 'البكيني' في بلد مسلم! كان ذلك سيعتبر مسّاً بالحريات الشخصية ورفضاً للآخر.
منع البروكيني جاء من فرنسيين، تماماً كما الاحتجاج عليه أيضا. إذ إن الجمعيتين اللتين طعنتا بالقرار أمام المحكمة العليا فرنسيتان، تدركان أن الحرية أياً كان لونها وشعارها، يجب أن لا تُمسّ.
تبعات الحظر لو استمر، ستكون كارثية على المجتمعات الأوروبية التي تضم نحو خمسة وأربعين مليونا من العرب والمسلمين المواطنين في تلك البلدان، بما يرتّبه ذلك من حقوق وواجبات. إذ يمكن أن نتوقع تبعات المنع على هذه المجاميع التي يظن جزء كبير منها أنهم مواطنون من درجة ثانية أو حتى ثالثة في بلدانهم (الأوروبية).
إن نمو الفكر المتطرف لا يحتاج أكثر من مثل هكذا قرارات تكرس التمييز السلبي وشعور الظلم والاعتداء على الحريات، فتشكل بيئة حاضنة لتنامي هذا الفكر أكثر، في دول لم يسلم كثير منها من أعمال إرهابية من دون حتى ممارسات من قبل حكوماتها تستهدف النساء المحجبات وحقهن في ارتداء ما يناسب أذواقهن وقناعاتهن.
أياً يكن، فإن الجدل الحاصل اليوم في كل أوروبا وغيرها حول لباس المسلمات، يكشف لنا كم أثّرت حركات التطرف الإسلامية، من مثل تنظيم 'داعش' وأشباهه، على صورة الإسلام في كل العالم. فقدمت هذه الحركات الفرصة سانحة لليمين الأوروبي المتطرف للانقضاض على الإسلام، بما يتعارض مع كل فكرة العلمانية. وتالياً، استهداف الأقليات الدينية والعرقية صراحة، بما يزيد من عزلة هذه الفئات هناك، ويؤجج بالنتيجة مشاعرها السلبية تجاه الأجناس والأعراق الأخرى.
تعليق قرار حظر البوركيني لا يُعدّ تحصينا لحرية المرأة المسلمة فحسب، بل هو قبل ذلك تحصين للقواعد الثابتة التي قامت عليها البلدان الأوروبية الديمقرطية وضمنها فرنسا. وهي القواعد والمبادئ التي أغرت عربا ومسلمين بالرحيل إليها، بحثا عن حرية ومدنية وتعددية افتقدوها في أوطانهم.
كذلك، فإن العودة عن القرار تحدّ من اتساع مشاعر العنصرية والإقصاء التي يشعر بها المسلمون عموماً. وأهم من ذلك أنه يشكل درساً يعلّم مجتمعاتنا المعنى الحقيقي للعلمانية والمدنية التي يسعى بعضنا إلى تشويههما باعتبارهما مرادفين للعداء للدين، بعكس حقيقتهما المتمثلة في احترام كل الأديان، وتقدير خيارات الفرد وحريته، وتوفير البيئة التي تصون كل ذلك؛ من تشريعات ومؤسسات.
البوركيني خيار قررت اعتماده نساء يرينه زيا يناسب التزامهن بعقيدتهن. والمدنية الحقيقية غير المزيفة يُفترض بها السعي إلى حماية خيار المرأة أيا كان، لأن وجودها بلباس بحر يناسب قناعتها أفضل بكثير من منعها، لما لذلك من ارتدادات سلبية على المجتمع الفرنسي ككل، وأبعد منه.
في أوطاننا، نخوض كعرب معارك كبيرة من أجل دولة مدنية تحترم الحريات، فتكون مظلة للجميع على اختلاف أفكارهم، على اعتبار أن النموذج المدني هو الأمثل لحل كل العقد وتقبل الاختلاف والتنوع. وأغلب الظن أن من اتخذ قرار منع البوركيني لم يقدّر حجم الأذى الذي أوقعه على بلاده قبل أن يوقعه على امرأة مسلمة محجبة.


(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-08-2016 11:01 AM

سيدتي أنت انسانة متحضرة و كلامك ينبع من عقلية متوازنة لكن لا يجب أن نتجاهل أن البوركيني و النقاب رمزان لاستعباد المرأة و التنكيل بحقوقها المدنية و أنهما لا يوضعان تحت بند الحرية بأي شكل من الأشكال.

الشرطيان الفرنسيان طلبا من المرأة مغادرة الشاطئ لكنها فضلت البقاء و خلع البوركيني و ارتداء ملابس السباحة و هما لم يجبراها على خلعه (لا حق لهما في إجبارها على الخلع لكن حق الدولة الفرنسية ان تحتفظ بهوية خالية من التعصب).

الدفاع عن حرية الإنسان و استحقاقات العلمانية لا علاقة له بالبوركيني أو النقاب.

2) تعليق بواسطة :
28-08-2016 03:32 PM

إنتصار البوركيني يدل على سخافة العربان و مستوى التخلف .

3) تعليق بواسطة :
28-08-2016 04:15 PM

نحن امة مستقله لها موروثها الثقافي والديني والتاريخي المميز عن سائر اﻻمم .استغرب من هؤﻻء البايعين كل شيء ومروحين .اثاركم اقرار فرنسا للبكيني ولم يثركم بيع الشط عندنا تطمنوا لن تجدوا شطا لتسبحوا فيه انتم وغيركم . اخذنا من الغرب اللباس والشكل ولم نأخذ منهم الجوهر ومفهوم الحرية والديموقراطية والعدل والمساواه والنزاهه والشفافيه .والعلمانيه ﻻ تعني التعري فالغرب علماني ويحترم حرية اﻻديان والعباده وليتنا نأخذ منهم احترام القانون والنظام بدﻻ من الردح الغير منطقي المعادي للحرية الشخصيه .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012