أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


«سرفيس العبدلي»..

بقلم : احمد حسن الزعبي
28-08-2016 03:20 AM
بعد التخرج من الجامعة والبحث عن وظيفة ، كانت خبرتي في عمّان ومواصلاتها مثل خبرتي بمدينة نيويورك وضواحيها تماماً..لذلك في كل مرة كنت أنوي فيها أخذ شهاداتي والتقدم إلى وظيفة هناك وبمجرد جلوسي في باص الرمثا تصيبني أعراض كثيرة مثل نشفان الريق والتعرّق و»الهتورة» غير المبررة ،حتى مجاملاتي للركاب المجاورين كانت أقرب إلى الشتيمة منها إلى المجاملة فتختلط عبارة : «الله يسعد شواربك» وعبارة : «يطولي عمرك»..فتصبح الله «يطول شواربك « أو «يسعدلي طولك»..طبعاً كل هذا الخوف الذي كان ينتابني فقط بمجرد التفكير في الذهاب إلى عمان ، لأنني لم أكن أعرف وسيلة مواصلات في العاصمة غير «سرفيس العبدلي»..ينزلني باص الرمثا على دوار الداخلية..فأقف في طابور «سرفيس العبدلي» الذي يأخذنا إلى وسط البلد..وأقف على طابور «ٍسرفيس العبدلي» في وسط البلد ليأخذني إلى باص الرمثا..هذا كل ما أعرفه من عمان التي أرخت جدائلها فوق الكتفين..

الوقوف على طابور «سرفيس العبدلي»..كوّن لدي بعض الخبرات في التقدير وقراءة النتائج، مثلاً صرت أعرف من من الركّاب سيكون شريكي في سيارة الــ200 قص؟...وكم سيارة نحتاج ليلحقني الدور ؟ وكم صبية ستكون معنا في الرحلة المعطرة بدخان اكزوزت باصات المؤسسة ؟ وأين مكان جلوسي من الصبية..كل هذا اكتسبته بإمالة رأسي قليلاً عن الطابور وعدّ الواقفين «أربعات ..أربعات» كل أربعة أشخاص في سيارة وهكذا تنكشف كل المعلومات السابقة بغضون دقائق..

وعند وصول السيارة «لأربعتنا» تحدث تغييرات غير متوقعة ، أولاً يتم إجلاس الصبية في الكرسي الأمامي ،ثم يبدأ كشف النوايا الخبيثة للاثنين الآخرين حيث يبيتان النية «ليكبسوك» في المنتصف، الأول سمين جداً يقول: « أنا نازل ع الطريق» فيفتح الباب لمرورك ، وقبل ان تدخل لتحتل الكرسي الذي خلف السائق تماماً يرجعك من قبة قميصك شاب مفتول العضلات يقول أربع كلمات ولا يزيد عليهن: «أنا آخر واحد نازل» فتضطر للجلوس في المنتصف .

الأربعة لا يعرفون بعضهم بعضاَ لكن لديهم مصلحة مشتركة في الجلوس معاً للوصول للعبدلي، الصبية موظفة في شركة ما ربما أو خريجة جديدة مثلي ، الرجل السمين يبدو معلم حلويات او متضمن «معاطة جاج» ، أما مفتول العضلات فعلى الأغلب مشرف مركز لياقة أو «كبّاب شر» لا فرق..أهواء مختلفة وتوجهات مختلفة لكن اضطررنا للركوب في وسيلة مواصلات واحدة للوصول..عليك أن تتحمل الدهن المتدلي من جسد الرجل المنتفخ وعليك ان ترضى ببقعة عرق مفتول العضلات التي ترشح على كتفك وفوقها ذوق السائق باختيار الأغاني وتعجرف الصبية على كل الجالسين في الخلف...كلّ منا كان يمد يده في جيبه ويدفع أجرته على حدة ، ولا يتدخل يقصة الفراطة إن «عصلجت» بين السائق وأحد الجالسين، بالعكس تحاول الا تقترح أياً من الحلول..في أقصى حالات التعاون ، فقط قد تساهم بمد يدك وإرجاع القروش إلى صاحبها كونك الأقرب ليد السائق ، أو أن تزحف بمؤخرتك بشكل عرضي على الكرسي الخلفي نحو اليمين لتفتح طريق لمفتول العضلات وهو يقول لك: «أنا نازل»..وتحاول ان تغلق الباب بهدوء بعد أن بقيت وحدك كي يرضى عنك سائق السيارة ولا يتهمك «بالحمرنة» كما اتهم سابقيك على مسمعك..

القوائم الانتخابية تشبه «سرفيس العبدلي»، ركابها لا يعرفون بعضهم بعضاَ لكن لديهم مصلحة للجلوس المؤقت معاً للوصول للمجلس ،»بنت الكوتا» يجلسونها في الأمام مرتاحة كنوع من التمييز العنصري، ورجل الأعمال المتكرّش «جنب الشباك» بسبب ضخامة رأس ماله..وصاحب العضلات العشائرية خلف السائق مباشرة «خاوة» والمثقف والأكاديمي «حشوة» في المنتصف..كل من الركاب الأربعة يمد يده ويدفع تكلفة دعايته الانتخابية من جيبه الخاص ، لا حديث بينهم ولا توافق ولا انسجام ..وعند النتائج يبقى الحشوة يزحف بمؤخرته بشكل عرضي للنازلين على العبدلي..فيما ينزل هو كآخر الركاب على باص قريته بعد ان يغلق الباب بهدوء...

و هاي السولافة...

(الراي)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-08-2016 04:03 AM

ما أن تصل منتصف الفقرة تكون قد عرفت ما يريده الكاتب من المقال. أنا أحب المقالات القصيرة الُمعبِّرة. في الأيام الأولى بعد إعلان قانون الانتخاب الجديد كان هناك حلقة على إحدى المحطات الأردنية تحدث أحدهم عن قانون الانتخاب الجديد و كان شرحه رائعا و قد فهمت منه ماهيَّة القانون و لكن في لقاءات لاحقة أخذ الضيوف بتعقيد مفهوم قانون الانتخاب الجديد و لم يزودونا بمعلومات ايضاحية بل أخذونا في متاهات. من أهم أسباب تلك التعقيدات أن الضيف لا يكمل جملته و إنما يقاطع نفسه ليشرح نقطة على الهامش

2) تعليق بواسطة :
28-08-2016 04:14 AM

يقاطع نفسه و كأننا لا نفهم ما يقول فكان بإمكان الضيوف أن يكملوا شرحهم ثم يوضحون ما قد يتولد من أسئلة و السبب الثاني مقاطعة الضيف الآخر لحديث زميله الضيف و أيضا مقاطعة مقدم البرنامج للضيوف و لكن أحيانا كانت مقاطعته في مكانها لأنه كان يعي أن الضيوف بمقاطعتهم لأنفسهم لم يكونوا يُثرون المشاهدين بالكثير عن القانون الجديد. قيل أن أحد الأشخاص كان قد شرح قانون الانتخاب على الفيسبوك و كان أحد الضيوف في إحدى الحلقات. هل لهذا الكاتب أن يشرح قانون الانتخاب الجديد ليُثبت لنا مفهوم الحشوة كما اخترعه أحدهم ؟

3) تعليق بواسطة :
28-08-2016 04:23 AM

الشرح بدون أخذنا لنقاط على الهامش فنحن نفهم ما يُقال أو يُكتب. حسب فهمي للقانون من الحلقة الأولى فإن مفهوم الحشوة خاطئ و غير موجود إلا أنه انتشر و استُخدِم كثيرا لأن هناك من يريد فقط أن ينتقد بغض النظر إذا كان القانون مناسبا لنا أم لا أو يحتوي على بعض السلبيات. الآن لنتحدث على الهامش فإن المفاجئ بالأمر أنني جلست مع أناس كثيرين بعضهم لهم مرشحين من عائلاتهم و لم يذكروا موضوع الانتخابات نهائيا رغم أنهم كانوا ناشطين في الحملات الانتخابية السابقة سواء كانت برلمانية أو بلدية.... إلخ

4) تعليق بواسطة :
28-08-2016 04:29 AM

نريد ممن يذكر أية سلبية أو مفهوم تم اختلاقه باتجاه القانون الجديد أن يشرح لنا كيفية اقتناعه بذلك المفهوم.
ربما عزوف بعض الناس حتى الحديث عن الانتخابات هو عدم فهم القانون بسبب عدم شرحه بالشكل الصحيح و السبب الآخر ظهور بعض المصطلحات المُحبطة بالإضافة إلى ما يتردد عن ضعف المجالس السابقة.
أنا توقفت عن متابعة أي حلقات أو مقالات تتحدث عن القانون لانها لا تشرح القانون بطريقة سلسة.
الحشوة مفهوم خاطئ في نظري إلا اذا كان هناك من يُثبت لي عكس ذلك

5) تعليق بواسطة :
28-08-2016 09:12 AM

المقال ليس للكاتب حسين الرواشدة بل للكاتب احمد الزعبي كاتب الرأي !!

6) تعليق بواسطة :
28-08-2016 03:45 PM

نعتذر

رد من المحرر:
شكرا على الملاحظة...ونعتذر عن الخطأ الفني

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012