أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 21 أيار/مايو 2024
الثلاثاء , 21 أيار/مايو 2024


هل أوشكَ زمنُ الغاراتِ الجَويّة الإسرائيليّة المُهينة لسورية على الانتهاء؟

بقلم : عبدالباري عطوان
03-11-2017 12:00 AM
كُنّا.. ونَقول كُنّا.. كإعلاميين وكُتّاب نُصَاب بحالةٍ من الصّدمة والإحباط في كُلِّ مرّةٍ تتجرأ فيها الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة على شَنّ غاراتٍ، وضَرب أهدافٍ في العُمق السوري، دون أن تجد من يتصدّى لها، رغم إدراكنا بأنّ المَنظومة الدفاعيّة السوريّة كانت تعيش حالةً من الشّلل بسبب تطوّرات الأزمة، وانشغال الجيش السوري في القِتال على أكثر من خمسين جبهةٍ في الوَقت نفسه، علاوةً على كَونِها غير مُتطوّرة بالشّكل الكافي الذي يُؤهّلها لإسقاط طائراتٍ هي الأحدث في الصّناعة العَسكريّة الأمريكيّة.

كان أمرًا مُؤلمًا، ومُهينًا، لكُل إنسانٍ عربي يُحِب سورية، ويرى في دولة الاحتلال الإسرائيلي العَدو المَركزي الذي يَغتصب الأرض، ويُهدّد الأمّة، ويُشكّل “رأسَ حِربةٍ” لمشاريع غربيّة لإضعافها وزَعزعة استقرارها، ولا يَجد من يتصدّى له، ولإهاناته، ولو حتى بصاروخٍ واحدٍ يتيم.

في غَمرة الغيرة على كرامة هذهِ الأمّة وعزّتها، يَرتفع مَنسوب العَتب، واللّوم، وأحيانًا تَغيب الحِكمة، لدى البَعض، ويَرفض أن يَتقبّل المنظومة التحليليّة التي تقول أن المَسألة مسألة أولويّات، وأن الغارات الإسرائيليّة هذهِ تأتي في إطار الاستفزاز، ومُحاولة افتعال معركة تُحوّل الأنظار عن المَعركة الأساسيّة، وتوسيع نِطاق الحرب في الوَقت غير المُلائم، وفي وقتٍ يَنخرط فيه الكثير من القادة العَرب في مَشروع استنزاف سورية وتَفتيتها وإسقاط هَيبة دَولتِها.

***

بعد سيطرة الجيش السوري على أكثر من 95 بالمئة من الأراضي، واندحار خطر “الدولة الإسلاميّة” في الشرق، وانحصار “جبهة النصرة”، ومُعظم قوّاتها في جَيب مِنطقة إدلب في الشمال الغربي، بدأت قواعد اللّعبة تتغيّر فيما يبدو، مِثلما بدأ سُلّم الأولويات يَعود إلى وَضعه الأساسي تدريجيًّا، أي التّركيز على الخَطر الأكبر، أي الغَطرسة الإسرائيليّة، مَصدر كُل الشّرور في المِنطقة.

في هذا الإطار ننظر إلى الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت مساء أمس مركزًا عسكريًّا سوريًّا في مِنطقة صناعية جنوب مدينة حمص، وتصدّي الدّفاعات الأرضيّة الصاروخيّة لها في حُدود قُدراتها وإمكانيّاتها.

هذهِ هي المرّة الثالثة التي تَنطلق فيها الصّواريخ السوريّة دون تردّد باتجاه طائرات إسرائيليّة تَخترق الأجواء، وتُحاول قصف أهدافٍ عَسكريّة، أو قوافل أسلحة في طريقها إلى “حزب الله” في لبنان، أي أنّ هذهِ الأجواء لم تَعد مَفتوحةً على مِصراعيها، وأن مَقولة “سَنرد في المَكان والزّمان المُحدّدين”، لم نَعد نَسمعها مِثلما كان عليه الحال في السّنوات السّبع الماضية، وتَستجلب الكَثير من تعليقاتِ السّخرية والتندّر من قِبل “الشّامتين”، وما أكثرهم هذهِ الأيّام.

في الماضي كانت الغارات الإسرائيليّة بهَدف الإهانة، واليوم أصبحت عُنوان “تأزّم”، لأن سورية تتعافى، وباتت تَخرج من دائرة الخَطر، وتَسير بُخطىً مُتسارعة، لاستعادة مَكانتها الإقليميّة تدريجيًّا، في إطارِ تحالفٍ قوي سياسيٍّ وعسكريٍّ واقتصاديٍّ تَنتمي إليه، وبات يُوفّر لها المِظلّة التي تحتاجها، سواء في هذهِ المَرحلة الانتقاليّة، أو تلك التي سَتليها لاحقًا.

إسرائيل “مأزومة” و”قلقة” لأنّها باتت مُحاطةً من الشّمال والشّرق بغابةٍ من الصّواريخ والمُقاتلين المُدرّبين الأشداء، من الجيش السوري أولاً، ومن “حزب الله” وكوادِره ثانيًا، وإيران وميليشياتها وخُبراؤها ثالثًا.

إيران أصبحت على حُدود فِلسطين المُحتلّة، والفَضل في ذلك يَعود إلى الغَباء “الثّلاثي” العَربي الأمريكي الإسرائيلي، وحِساباته الخاطئة، وسُوء تَقديره للمَوقفين العَسكري والسّياسي، ونِعمَ الغَباء، ونِعمَ سُوء التّقدير.

السّاحتان السوريّة واللبنانيّة سَتكونان ميدان الحَرب القادمة التي تَبدو وشيكةً في ظِل التّصعيد الأمريكي الإسرائيلي ضِد حزب الله، وبدأنا نَشهد مُقدّماتها في نَبش أرشيف زعيم تنظيم “القاعدة” الرّاحل الشيخ أسامة بن لادن، والحَديث عن وجود علاقةٍ قويّةٍ بين تَنظيمه وإيران، واتّهام “حزب الله” بالإرهاب والتّخطيط لفَرض عُقوباتٍ جديدةٍ ضِدّه، وإصدار الأُمم المتحدة تقريرًا يتّهم السلطات السوريّة باستخدام غاز السارين الكيميائي في مِنطقة خان شيخون، واعتراض روسيا عليه، والتّشكيك في مِصداقيّته، وأخيرًا مُحاولات خَلق أزمةٍ وفَراغٍ حُكومي في لبنان، وربّما إشعالِ حَربٍ أهليّةٍ جديدة.

***

لا نَعتقد أن هذهِ “التحرّشات” الإسرائيليّة أو الأمريكيّة سَتُخيف سورية أو “حزب الله” أو إيران، ولا نُبالغ إذا قُلنا أن هذا المُثلّث أعدّ حِساباته لخَوض الحَرب لا الرّكوع لأمريكا وحُلفائها، ويَكفي الإشارة إلى تقرير أعدّته مجموعةٌ من الخُبراء والجِنرالات الإسرائيليين والأمريكان والفرنسيين والأستراليين المُتقاعدين، يُحذّر من خُطورة اندلاعِ حربٍ جديدةٍ ضِد “حزب الله” الذي باتَ يَملُك ترسانةً عَسكريّةً لا تَمْلُكها دُول في المِنطقة عِمادها 25 ألف جندي مُدرّب تدريبًا عاليًا، ويَملُك قذائف صاروخيّة عالية الدقّة (التقرير نشره موقع “وللا” الإسرائيلي أمس) ولا يقول بأشياء لا نَعرفها مُسبقًا على أيِّ حال.

النّقطة المِحوريّة التي نريد خَتم هذا المقال بها، وركّزوا مَعنا جيّدًا، أنّ الأزمة السوريّة، التي استمرّت سَبع سنوات، كَسرت حاجز الخَوف لدى سورية وإيران و”حزب الله” تُجاه الحَرب، وما يُمكن أن تُحدثه من دمار، وبالتّحديد إذا ما اندلعت وكانت إسرائيل، وأمريكا من خَلفِها، طَرفًا فيها.

رَهبة الحَرب تَبخّرت، أو في طَريقها للتبخّر، وبدأت تَحِل محلّها نزعة وإرادة قِتاليّة غير مَسبوقة في المِنطقة، وهذا ما يُفسّر في رأينا حَملة التّصعيد التي تُقدمِ عليها أمريكا وحُلفاؤها الإسرائيليون والعَرب، وتُركّز على لبنان وسورية هذهِ الأيّام.
ربّما لم تُصِب الصواريخ السوريّة الطائرات الإسرائيليّة المُغيرة في المَرّات الثّلاث الماضية، ولكنّنا لن نَستغرب، أو نَستبعد، إذا ما كان الحال مُختلفًا في المرّات القادمة.. والأيّام بيننا.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-11-2017 11:27 PM

حافظ الاسد باع الجولان ب100 مليون دولار واعطوه القنيطرة للتسويق الاعلامي..سوريا لن ولم تتجرأ على التصدي على غارة اسرائيلة اما الشعب السوري يقصف بالبراميل والغاز بشيخون

2) تعليق بواسطة :
07-11-2017 11:38 PM

ان كذبة المقاومة لم تعد تنطلي على العامة فالكل يعلم ان ايران واسرائيل في زواج .....مشروع ايران موجه لتفتيت دول المنطقة وتطهير السنة عن طريق ميليشيات حزب الله والحوثي وعصابات سليماني في العراق وسوريا..سوريا محمية روسية امريكية ولقد تم التخلص من اكذوبة داعش الايراني وسوف يتم تفكيك العاب ايران في المنطقة بداية من حزب الله الى الحشد الشعبي .

3) تعليق بواسطة :
08-11-2017 12:07 AM

من المضحك جدا ايران اصبحت على حدود اسرائيل وهل يتطلب الامر تشريد 12 مليون سوري وقتل السنة وهل يتطلب ذلك دعم الحوثي لتوجيه صواريخ الى بلاد الحرمين كلام بعيد عن الواقع عندما تعلن ايران واذنابها الحرب على اسرائيل على قنواتها حينها نعود ونتابع مسلسل المقاومة منذ 1979

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012