أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


عودة العمل الفدائي

بقلم : حازم عياد
08-10-2018 06:56 AM

رغم حملة الاعتقالات الواسعة التي تشنها قوات الاحتلال في الضفة الغربية والاجراءات القمعية التي تصبغ الحياة اليومية في القرى والمدن الفلسطينية، الا انه لم تمنع من تنفيذ عملية فدائية داخل مستوطنة بركان الواقعة على اراضي محافظة نابلس المحتلة.
عودة العمل الفدائي ليس وليد اللحظة، او رد فعل مباشر هذه المرة، بل بات نهجا يتمتع بالاستمرارية بطيء ولكن متطور تتوسع حاضنته الشعبية يوما بعد يوم تعكسها قوة الاشتباكات لدى اقتحام قوات الاحتلال القرى والمدن الفلسطينية لاعتقال المقاومين.
العديد من العوامل اجتمعت في آن واحد لتسهم في عودة العمل الفدائي، يقف على رأسها فشل النهج التفاوضي والامني المتبع من قبل السلطة في حماية الفلسطينيين وشيخوختها وهرمها وانسداد الافق امامها، وانعدام فاعليتها السياسية، وتراجع خطابها، وتبدل اولويات واجندة الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة نحو تعزيز النزعة اليمينة المتطرفة، الداعية الى تصفية الوجود الفلسطيني من خلال فرض حقائق جديدة على الارض تعترف بها السلطة.
تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية لفلسطينيي الضفة الغربية واشتداد حملات القمع الموجهة للمواطنين تمثل عاملا قويا؛ فما يتناقله نشطاء السلام الغربيون من خلال شهاداتهم عن اجراءات القمع اكبر بكثير مما تتناقله بعض وسائل الاعلام التي تتجاهل الحقائق البائسة على الارض؛ فحياة فلسطينيي الضفة لم تعد تطاق رغم الصورة الاعلامية المترفة والمشرقة التي تقدمها بعض وسائل الاعلام؛ فالفقر يشتد والمعاناة تتفاقم ممزوجة بقدر كبير من القمع.
احد اكثر العوامل سرعة في التفاعل النزعة المتطرفة للكيان وللإدارة الامريكية اليمينية في واشنطن؛ اذ سرعت التفاعلات السياسية والامنية، ودفعت نحو المزيد من الاجراءات ضد مواطني الضفة الغربية والقدس بل السلطة في رام الله التي تمثل صمام أمان لاحتواء أي نشاط او فاعلية نضالية فأضعفت فاعليتها؛ اذ قلصت الادارة الامريكية الدعم المقدم للسلطة، وتتجه الانظار نحو امكانية وقف الدعم المقدم لأجهزة السلطة الامنية وهو امر مستبعد الآن، وما تم تداوله في الاوساط الامريكية بحد ذاته يسهم في تقويض اركان السلطة، فالقوى الامنية هي عمودها الفقري وتقويضها يتزامن مع ضغط العامل البيولوجي ما زال يخيم بظلاله على مستقبلها.
عودة العمل الفدائي يوحي بأن خطاب السلطة في رام الله لم يعد مقنعا لعموم الشارع في الضفة الغربية؛ اذ لم تتمكن من اقناع الفلسطينيين بنهجها الذي لا يعتمد على الفعل الثوري بل على التنسيق الامني، والنهج القائم على التفاوض الخالي من اوراق القوة؛ نهج يراه الكثيرون عقيما اذ لم يوقف الاجراءات القمعية التي شملت الاستيلاء على الاراضي، او اعتقال الاطفال، وتنفيذ اغتيالات مدروسة على الحواجز الامنية لم توقف الاقتحامات للمسجد الاقصى، والاجراءات القمعية في المدينة المحتلة، ولم تضع حدا للإجراءات القمعية في مدينة الخليل او للسيطرة الصهيونية على الحرم الابراهيمي.
ارهاصات العودة للعمل الفدائي عبر عنها في احصاءات شهر ايلول الفائت؛ اذ بلغ عدد الفعاليات والنشاطات المقاومة للاحتلال في الضفة الغربية وحدها ما يفوق الـ400 نشاط، وزادت الاشتباكات عنفا عند تنفيذ قوات الاحتلال عمليات المداهمة للقرى والمدن؛ مسألة تنبه لها قادة الكيان وحذروا من خطورتها الشهر الماضي اكثر من مرة.
ما حدث في الضفة الغربية يوم امس يؤكد ان الضفة الغربية لم تعد حكرا على نهج بعينه في التعامل مع الاحتلال؛ فالعمل الفدائي اصبح احد الفعاليات المهمة في المواجهة والله اعلم.السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012