أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


مبررات الوجود الأمريكي في سوريا

بقلم : حازم عياد
11-03-2019 04:28 AM

غم مرور ما يقارب الاشهر الاربعة على قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب نيته الانسحاب من سوريا الا ان القوات العسكرية الامريكية بقيت فاعلة شمال سوريا؛ بنية معلنة تصفية آخر معاقل تنظيم الدولة داعش وحماية الحلفاء الاكراد.
عملية وإن كانت دخلت مرحلتها النهائية غير ان الانباء تتضارب حول النهاية الفعلية للوجود الامريكي الذي يصر على الاحتفاظ بـ 400 جندي على الارض في قواعده العسكرية شمال سوريا، او في التنف بالقرب من المثلث الحدودي الاردني السوري العراقي وهي المنطقة التي لا تحظى بذات الاهتمام والتركيز في وسائل الاعلام وكأنها غير موجودة اصلا.
في الجنوب كما في الشمال تقدم الادارة الامريكية ومن خلفها البنتاغون المبررات للاحتفاظ بالقوات العسكرية الامريكية لعل ابرزها الوجود الايراني، والذي يقابله امن الكيان الاسرائيلي في العقيدة العسكرية والسياسية الامريكية.
المبررات المعلنة في الجنوب تتنوع اذ تشمل الحديث عن مخيم الركبان والخشية من تحوله لملاذ للإرهابيين تارة، واخرى تعلن خشية من انتهاكات يتعرض لها المدنيون تمنعهم من العودة، ورغم دعوة كل من النظام السوري وروسيا لعودة اللاجئين في المخيم الى بلداتهم فالانباء تتحدث عن ممانعة امريكية لا يعلم طبيعتها وغاياتها تعيق احراز تقدم في الجنوب الشرقي لسوريا.
التنف ليست قاعدة هامشية اذ تقع على المثلث الحدودي المطل من ناحية جيوسياسية واستراتيجية على الاردن والعراق وسوريا ولبنان والسعودية؛ فهي نقطة مراقبة مهمة تحمل دلالات جيوسياسية واقتصادية تتجاوز حدود الركبان؛ ذلك انها على اتصال بالأنبار المحافظة العراقية التي تتواتر الانباء عن توافرها على مخزونات غاز ضخمة يقابلها على الناحية الاخرى من الحدود السعودية نشاط كبير لشركات النفط لاستخراج الغاز بالقرب من المنطقة الحدودية بين العراق والسعودية؛ مسألة تزيد من قيمة القاعدة واهميتها لتتجاوز المعلن والمتفاهم تتشابك فيه المصالح الاقتصادية والسياسية والامنية؛ فنحن امام افق استراتيجي يتجاوز المعلن تكتيكيا على الارجح.
التنف مقياس ومعيار لتنوع المبررات السياسية والامنية للوجود الامريكي؛ فالتواجد الامريكي في الشمال السوري يجعلها على تماس مع كل من تركيا وكردستان العراق ومحافظة نينوى العراقية، وبذلك فإن الانسحاب من منظور عسكري سيولد فراغا كبيرا يعترض عليه القادة العسكريون في الولايات المتحدة الامريكية ويخشاه المهتمون بالشؤون الاقتصادية والجيوسياسية في واشنطن اذ ستغيب واشنطن عن رسم معالم الحل السياسي بأبعاده الديموغرافية، كما ان الانسحاب من التنف يعني غياب الحضور والتأثير في معادلة الصراع الايراني الاسرائيلي والاهم الغياب عن التطورات الجيوسياسية التي تحمل أفقا اقتصاديا واعدا في حال تأكد توافر مخزونات هائلة من الغاز في الانبار.
اعلان ترمب الانسحاب من سوريا مثل اختبارا حقيقيا للاستراتيجية الامريكية في المنطقة، وكشف عن محدودية الموارد والحلفاء في المنطقة، واشتراطه انسحاب ايران لن يزيح شبح الطموحات الروسية او التركية، ويتعارض مع الآفاق الجيوسياسية والاقتصادية الواعدة في الجنوب؛ مصالح آخذة في التشكل بأبعاد اقتصادية ممتدة الى الحدود السعودية العراقية ومن الممكن الاردنية مستقبلا.
السلوك الامريكي يؤكد ان خيار الانسحاب من سوريا معضلة حقيقية وضع فيها ترمب اركان ادارته في ظل شبكة من المصالح السياسية والاقتصادية تشكلت وباتت بنيوية يصعب القفز عنها في المرحلة المقبلة؛ مسألة تدفع الى الاعتقاد بأن الخيارات المتبقية في البحث عن وسائل جديدة لتدعيم النفوذ الامريكي من الممكن ان تقود بشكل تلقائي الى تصعيد الصراع شرق الفرات وجنوبه الشرقي؛ معركة لم تعلن بعد ولم تتضح تفاصيلها فأمريكا لم ترسم بعد ملامحها وتتجاذبها رؤى مستقبلية وضغوط داخلية وأخرى اسرائيلية فضلا عن مخاوف تقليدية تشكلت عبر السنين في العراق تشتت قدرتها على بناء استراتيجية متماسكة وواضحة المعالم.السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012