أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


وعد بلفور المشؤوم ولعنة التاريخ..

بقلم : عوض الصقر
03-11-2019 04:17 AM

يستذكر الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته وأطيافه وطوائفه، يوم الثاني من شهر تشرين الثاني من كل عام بالمرارة والأسى، فهو يوم حداد موشح بالسواد بعد أن أعلن وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور في ذلك اليوم من العام 1917، عن تعهد بلاده بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين (Belfour Declaration)، وبذلك يكون قد وضع البذرة الأولى لإنطلاقة المشروع الصهيوني الغاشم على أرض فلسطين التاريخية.
لقد تواطأت حكومة الانتداب البريطاني، صاحبة الولاية على فلسطين في ذلك الحين، للتخطيط لطرد الشعب الفلسطيني من دياره وتشريده في أركان المعمورة، تنفيذا لبروتوكولات حكماء صهيون التي وضعها ثيودور هيرتزل العقل المدبر للحركة الصهيونية العالمية.
إن الحكومات البريطانية المتعاقبة تدرك جيدا حجم المآسي والويلات التي حلت بالشعب الفلسطيني بعد ذلك التصريح، حيث أطلقت حكومة الانتداب، العنان للعصابات الصهيونية المدججة بالسلاح والعتاد وفي مقدمتها الارغون وشتيرن والهاجاناة، لارتكاب المجازر ضد الشعب الفلسطيني الاعزل في القدس وحيفا ويافا والعباسية وقبية ودير ياسين والرملة ويافا وصفد وغيرها.. وكانت النتيجة أن تشرد هذا الشعب في أصقاع المعمورة لدرجة أنه لا توجد بقعة في العالم تخلو من مكونات هذا الشعب الذي لم يستسلم لليأس والهوان بل أنه أبدع وتفوق في البلاد التي استقر فيها وساهم في نهضة تلك الدول في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية والتقنية..ألخ.
وما يبعث على الاسى والالم أن الحكومات البريطانية التي تتباهى بدورها في إقامة دولة للكيان الصهيوني في فلسطين، نراها تطالب بإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.. أي أنه كما يقول المثل الشعبي (تقتل القتيل وتمشي في جنازته) فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
إن وعد بلفور يشكل خطيئة لا تغتفر وجريمة منكرة بحق الشعب الفلسطيني بل وصمة عار في جبين الإنسانية.. وهذا يستوجب أن تقدم الحكومة البريطانية اعتذارا صريحا للشعب الفلسطيني، بعد أن تجرأ وزير خارجيتها الأسبق، وبكل غطرسة ووقاحة على الاعلان عن تعهد حكومة بلاده لإقامة وطن قومي لشذاذ الآفاق واللقطاء من أنحاء العالم في فلسطين.
لقد تنكرت بريطانيا لجوهر مهمتها كحكومة انتداب وفقا لميثاق عصبة الأمم، وتعمّدت، لتجذير الوجود اليهودي على الأرض الفلسطينية، عسكريا واقتصاديا واجتماعيا، ما سبب كارثة حقيقية للشعب الفلسطيني، الذي ما زالت أرضه محتلة حتى الآن، وبذلك تكون قد فتحت أبواب الجحيم على مصراعيها للحروب والصراعات وسفك الدماء وتزايد وتير العنف في المنطقة.
إن أكثر من مئة عام على ذلك الوعد المشؤوم، تعني مئات الآف من الشهداء ممن سالت دماؤهم الزكية على مذبح الإجرام الصهيوني الغاشم إضافة إلى عشرات الألوف من الأسرى والجرحى، وأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني تشردوا في أركان المعمورة، كما أنها تعني، في المقابل، التشبث بالحقوق المشروعة والاصرار على مقاومة العدو المحتل، وقد سجل خلالها الشعب الفلسطيني ملاحم التضحية والبطولة والفداء وواجه قوات الاحتلال بالحجر والمقلاع والبندقية، دفاعا عن أرضه وعرضه وكرامته.
على بريطانيا أن تعترف علانية أنها ارتكبت مجزرة بشعة بحق الشعب الفلسطيني وهي ملزمة اليوم بالتكفير عن خطيئتها، وعليها أن تعتذر لهذا الشعب وتعترف بحقه في إقامة دولته المستقلة على ثرى فلسطين العزيزة.. أرض البطولات والتضحيات.. مهد الكرامات والنبوات والحضارات..
رسالتي إلى الحكومة البريطانية ودول العالم: فلسطين في قلوبنا وأفئدتنا وهي تجري في عروقنا مجرى الدم.. وننقل هذه الأمانة للأجيال المتعاقبة لتحملها جيلا بعد جيل لحين عودة البلاد إلى أصحابها الشرعيين، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012