29-02-2012 04:00 PM
كل الاردن -
تبدد أمل الولايات المتحدة في التوصل الى حل سريع لنزاعها مع مصر بشأن الجمعيات المؤيدة للديمقراطية مما أدخل الدولتين في مسار خطير مع تزايد الضغط على شراكة أمنية حيوية بالنسبة لواشنطن.
وكانت الولايات المتحدة تأمل ان تحسم هذا الشهر النزاع حول مداهمة السلطات المصرية لجمعيات تمولها أمريكا ومنعها سفر عدد من المواطنين الامريكيين من خلال التوصل الى اتفاق لحفظ ماء الوجه يسمح بالافراج عن الامريكيين ويعيد العلاقات بين واشنطن والقاهرة الى مسارها.
لكن قرار محكمة مصرية يوم الاحد تأجيل نظر القضية الى أواخر أبريل نيسان فتح فصلا جديدا محفوفا بالمخاطر في النزاع فهو يترك الباب مفتوحا أمام التوصل الى حل لكنه يزيد أيضا مخاطر حدوث أضرار سياسية دائمة على الجانبين.
وعبرت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الثلاثاء عن اعتقادها بأنه لا يزال من الممكن التوصل الى حل للقضية لكنها رفضت الخوض في تفاصيل ما وصفتها بأنها 'مباحثات مكثفة للغاية' مع الحكومة المصرية.
وقالت كلينتون أمام لجنة بمجلس الشيوخ 'أجرينا كثيرا من المحادثات الشاقة وأعتقد اننا نتحرك باتجاه التوصل الى حل.'
وحذر مسؤولون أمريكيون من أن القضية تعرض للخطر المساعدات العسكرية الامريكية السنوية لمصر البالغ حجمها 1.3 مليار دولار.
واتهم 43 من العاملين الاجانب والمصريين في جمعيات أهلية بتلقي أموال من الخارج دون موافقة حكومية والقيام بأنشطة سياسية غير متصلة بعملهم في المجتمع المدني وعدم الحصول على تصاريح العمل اللازمة.
واذا طال أمد هذه القضية فقد تحدث ضررا طويل المدى بعلاقة الولايات المتحدة مع مصر التي لعبت دورا محوريا في تحالفات واشنطن في العالم العربي الى جانب الدور الذي يلعبه الاردن وهما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تربطهما معاهدة سلام مع اسرائيل.
كما ان التوقيت الدبلوماسي صعب أيضا. فمحامو الادعاء يتحدثون عن اتهامات بالتجسس ومصر تستعد لاجراء انتخابات رئاسية قبل انتهاء يونيو حزيران والكونجرس الامريكي يثير تساؤلات بشأن استمرار المساعدات لمصر ويرى كثير من المحللين ان القضية قد تحيد كثيرا عن المسار اذا لم تحسم خلال الاسابيع القليلة القادمة.
وقال روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى 'احتمالات حدوث صدع بين الولايات المتحدة ومصر بشأن المساعدات زادت.
'ما يبدو واضحا الان ان هذه القضية ستستمر ويمكن فعلا أن تصل الى ذروتها في خضم انتخابات الرئاسة في مصر. فكرة التوصل الى حل سلس يحفظ ماء الوجه تتراجع فيما يبدو.'
ويرى مؤيدو المنظمات غير الحكومية وبعض المحللين السياسيين ان قرار المحكمة تأجيل القضية مشجع لانها كان من الممكن ان تتخذ اجراء أشد وتأمر رسميا باعتقال المتهمين.
ويقولون ان هذا الاجل الطويل يمكن أيضا أن يسهم في اتاحة الوقت امام حل دبلوماسي.
وقالت ميشيل دان مديرة مركز رفيق الحريري لدراسات الشرق الاوسط في المجلس الاطلسي 'من الواضح أنهم ليسوا مستعدين لحلها (الازمة) لكنهم ليسوا مستعدين أيضا لتصعيدها.'
ومضت تقول 'لكن يبدو أنه لا يوجد الى الان حل في الافق وبدأت أتساءل عما اذا كانت الحكومة التي يقودها الجيش قادرة على حلها.'
وتشمل القضية جمعيات لها صلات سياسية رفيعة بالولايات المتحدة.
وتقول هذه الجمعيات انها سعت طويلا للتسجيل في مصر. ووصفت الحملة التي تعرضت لها بانها تجيء في اطار حملة قمعية ضد نشطاء المجتمع المدني شنها المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر بعد الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي.
ومن بين هذه الجمعيات المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي ولهما صلات فضفاضة بالحزبين الامريكيين ومن بين المتهمين سام لحود ابن وزير النقل الامريكي ومدير المعهد الجمهوري الدولي في مصر.
ولجأ لحود وعدد من الموظفين الامريكيين في الجمعيات الى السفارة الامريكية في القاهرة والتي يمكن ان تتحول الى نقطة ساخنة أخرى اذا طلب من المتهمين الامريكيين رسميا المثول أمام المحكمة.
وقال تشارلز دان مدير برامج الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في منظمة فريدم هاوس وهي منظمة أمريكية غير حكومية أخرى يشملها النزاع ان المنظمات مصممة على ابقاء التركيز منصبا على القضية الاوسع المتعلقة بالتحول الديمقراطي في مصر والتي جعلها الكونجرس شرطا لتقديم مزيد من المساعدات لمصر.
وقال دان وهو من بين المتهمين في القضية 'هذه ليست حربا على المنظمات غير الحكومية الامريكية. هذه حملة تستهدف المجتمع المدني المصري.' وأشار الى أن ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما سيتعين عليها أن تقدم قريبا شهادة بأن مصر تحرز تقدما في اتجاه تحقيق أهدافها الديمقراطية كي يستمر تدفق المساعدات الامريكية.
وقال دان 'سيتعين عليهم اما تقديم شهادة أو التخلي عن الشهادة لاعتبارات الامن القومي. والاقدام على أي من الامرين الان سيحدث ضجة.'
ورفضت كلينتون يوم الثلاثاء التعليق عندما سئلت بشأن امكانية أن تقول في المرحلة الحالية ما اذا كانت الشهادة لمصر ممكنة.
وتعهد مسؤولون أمريكيون بمواصلة الضغط على مصر أملا في التوصل الى حل ما بالرغم من الاحساس المتزايد بالجرح والغضب على الجانبين
(رويترز)