أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


هل اقتربُ حُلمُ زوالِ إسرائيل؟

بقلم : داود عمر داود
28-01-2022 03:22 PM

لم يكن مفاجئاً الخيار الذي طرحته الإدارة الأمريكية على إسرائيل، (إما أن تنسحب من الأراضي المحتلة أو أن تمنح الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها حقوق المواطنة الكاملة). ففكرة (المساواة)، بين المحتلين والمواطنين الفلسطينيين، ليست وليدة الساعة، بل هي من ضمن أجندة وأدبيات الحزب الديمقراطي اليساري الحاكم، التي نادى بها خلال الانتخابات التي جاءت ببايدن رئيساً.

خيار الدولتين أو المساواة:
فاليسار الأمريكي، الذي يتشكل من ائتلاف مجموعة من الأقليات، لا ينادي بمنح الفلسطينيين حقوقهم الكاملة من زاوية أخلاقية نابعة من حبه للعدل والإنصاف، بل من زاوية المصلحة. إذ أن نهج الحزب الديمقراطي يقوم أصلاً على الحرص على استغلال قضايا الأقليات، لتعزيز الائتلاف القائم داخلياً، وعلى الصعيد الخارجي، من أجل استغلال الظلم الواقع على الأقليات كمسمار جحا، كما يقولون، لتحقيق أغراضٍ سياسية، تماماً مثلما استغلت الولايات المتحدة ما يسمى بـ (حقوق الإنسان)، ليس عطفاً منها ورأفة بحال المظلومين في الأرض، أو حباً في عمل الخير، بل استغلتها كمبرر لإسقاط الأنظمة، وشن الحروب، واحتلال البلدان، ونهب خيراتها.

السياسة الخارجية بين اليمين واليسار:
وقد جاء كشف عن هذا الطرح الأمريكي أمام إسرائيل، في مقالة نشرتها جريدة (الواشنطن بوست) المقربة من أروقة الحكم في واشنطن. ومن المعروف أن سياسة إدارة بايدن اليسارية، في الشرق الوسط، تختلف تماماً عن سياسة إدارة ترامب اليمينية. فما أن تولى بايدن السلطة حتى سار على نهجِ مغايرٍ لنهج سلفه ترامب في الشرق الأوسط. وكأنه جاء إلى الحكم في انقلاب، وليس في عملية تبادل سلمي للسلطة. وهكذا تخلى بايدن عن (صفقة القرن)، وعاد إلى سياسة أوباما في تحجيم إسرائيل، وممارسة الضغط عليها لقبول حل الدولتين، المرفوض إسرائيلياً.

حكومة إسرائيلية هشة قابلة للسقوط:
فكانت أولى خطوات إدارة بايدن أن تعمدت إطالة أمد الحرب بين غزة وإسرائيل، في رمضان الماضي، بتأخير التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار بين الجانبين، من أجل ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل والإمعان في إذلالها، وتعريض موقفها للضعف. ثم ألحقت إدارة بايدن ذلك بالتخلص من حكومة بنيامين نتنياهو، عن طريق المال السياسي، كما نشرت الصحافة الإسرائيلية. وجاءت بحكومة ضعيفة يقودها نفتالي بينيت، لا تملك سوى 60 صوتاً في الكنيست من أصل 120 صوتاً، وذلك بقصد المجيء بحكومة هشة قابلة للسقوط في أية لحظة.

ومن هنا يمكن القول ان تركيبة حكومة بينيت الائتلافية يجعلها الأضعف، والتي على يديها ربما تنتقل إسرائيل من حال إلى حال. فإما أن ترضخ للإملاءات الأمريكية وتقبل بحل الدولتين، وإما أن تمنح المساواة الكاملة للفلسطينيين، وبعكس ذلك ستجد نفسها قد فقدت الحليف الغربي فتتجه نحو السقوط التدريجي ثم الإنهيار، وهو ما يراهن عليه أهل فلسطين، وما يخشاه المحتلون، بزوال الكيان في هذا العام 2022.

بين خيارين والنتيجة واحدة
الخياران اللذان طرحتهما الولايات المتحدة على إسرائيل نتيجتهما واحدة. فإذا قبلت إسرائيل بحل الدولتين فإنها زائلة لا محالة، وإذا قبلت (بالمساواة) فإنها أيضاً زائلة. فلو قبلت بحل الدولتين تتم العودة إلى حدود 1967 فيتلاشى عمق الكيان وتكون الدولة الفلسطينية لا يفصلها عن البحر المتوسط سوى 12 كيلومتراً، من جهة طولكرم. أما إذا قبلت إسرائيل بالمساواة بين جميع السكان فإن المعادلة الديمغرافية ستصبح في غير صالحها. وسيتحول المحتلون اليهود إلى أقلية، ويكون أهل فلسطين هم الأكثرية، وبالتالي ينتقل الثقل السياسي مع مرور الوقت، من اليهود إلى العرب، فهم الأغلبية السكانية حينها.

المعاهدة الأنجلو – أمريكية لعام 1924
ولا بد من الإشارة إلى أن فكرة (المساواة) بين أهل فلسطين والمحتلين اليهود، والاعتراف بحقوق العرب والمسلمين، قد وردت في (المعاهدة الأنجلو- أمريكية لعام 1924)، حيث ورد في المادة 28 من المعاهدة (حماية الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين، بغض النظر عن العرق والدين)، وأنه (لا ينبغي المساس بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين). وهذا اعتراف صريح بالحقوق العربية الإسلامية في فلسطين، وتعهد برعايتها، لكن هذا لم يحدث لا قبل ولا بعد إقامة إسرائيل.

المقدسات والأراضي
كما أكدت المعاهدة على الحفاظ على (الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية في فلسطين .... وعلى الحقوق القائمة وتأمين حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية وحرية ممارسة العبادة). ويشير البند السادس إلى موضوع الأراضي في فلسطين على وجوب (توطين اليهود على الأراضي الأميرية، والأراضي غير المستغلة للمرافق العامة)، مع ضمان (عدم المساس بحقوق وأوضاع قطاعات أخرى من السكان). لكن ما حصل فعلاً هو العكس.

خلاصة القول: ليست صحوة ضمير
لقد كان الهدف من إقامة إسرائيل في فلسطين هو إيجاد قلعة متقدمة للغرب تحول دون وحدة العالم العربي والإسلامي، حتى يظل ممزقاً كما أراد له المستعمرون في اتفاقية سايكس بيكو. لكن هذا الكيان الذي اصطنعوه تنكر لمصالح أسياده وتمرد عليهم، مما أفقده موجبات البقاء في نظر صناع القرار الغربيين. فقد حاولوا عبر العقود تحجيم إسرائيل، إلا أن مساعيهم وصلت إلى طريق مسدود عام 2014، حين توقفت مفاوضات السلام نهائياً في عهد أوباما. ولذلك لم يبق أمامهم خيار إلا التخلص من هذا الكيان. وهذا يتماشى مع نبوءات ودراسات خلصت إلى أن 2022 سيكون عام زوال إسرائيل، وهو الأمر الذي أكده مُنظّر السياسة الأمريكية، اليهودي هنري كيسينجر، الذي لخص النهاية بتصريح مقتضب إلى نيويورك تايمز، عام 2012، قال فيه: (في غضون 10 سنوات لن يكون هناك إسرائيل). Within 10 years there will be no more Israel. فهل يصدق ثعلب السياسة الأمريكية؟ وهل كان يتنبأ أم يكشف سراً؟

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012