أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الثلاثاء , 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


بين "بترا" و "وبطرس"… مدينة وذاكرة!

بقلم : رمضان الرواشدة
14-04-2022 02:18 PM

ليست ككلّ المدن، ولا ككلّ الحكايات. ولا عجب أن اختيرت إحدى عجائب الدنيا الجديدة وتغنّى بها كثيرون من أبرزهم فيروز في مسرحيّتها 'بترا'. ولكلّ مدينة اسمٌ وحكاية وقصيدة. وكما الصخر المحفور، مدينة وسكناً، فقد حفرت 'بترا'، كمملكة عربيّة، مكانتها تحت شمس الحروب الطاحنة. وكانت أجمل المدن العصيّة على الطامعين من الأقوام المجاورة.
و'بترا' هي مؤنّث كلمة 'بطرس' أي الصخر. وخلافاً للسائد فإنّ'بترا' هي الكلمة الصحيحة لفظا وكتابة وليست 'بتراء'، كما يخطئ كثيرون، ويكتبونها ويلفظونها هكذا. فــ'البتراء'، لغة، كما يحدّث علماء اللغة، هي مؤنّث الأبتر؛ أي المقطوع الذنب من الحياة… أو الخطبة التي لم يذكر فيها الحمد لله. وبَترَ بتراً، أي أنّه قَطعَ قطعاً، وانبتَر انقطع، والبتّار هو السيف القاطع، والأبتر هو من لا عقب له.
والحكاية ممتدّة منذ أن نحت الأنباط أوّل ممرّ وتمثال وبيت فيها، وهي تتحدّث عن مرحلة من مراحل من سكنوا الأردنّ، عبر العصور، وتركوا آثارهم بارزة لكلّ عيان.
خاض الأنباط حروبا كثيرة مع الأقوام المحيطين مثل العبرانيين وهزموا السلوقيّين في واقعة مشهور، كتب عنها المؤرّخون، واستطاعوا ضم دمشق إلى مملكتهم الواسعة التي امتدت حتى سيناء والنقب وشمال الجزيرة العربية.
لم تكن بترا مجرّد مدينة، بل نظاماً محكماً، في كلّ شيء، وهي التي أثّرت وتأثّرت بالفراعنة واليونان، ولكن دون أن تنسى خصوصيّتها.
الأنباط عربٌ طوّروا حضارة بترا؛ لغة وثقافة وأزياء، وهم من طوّر الحرف العربيّ من الآراميّة التي كانت سائدة وكان عدد حروفها اثنين وعشرين حرفا ولكن تنطق ثمانية وعشرين صوتا، وهذا بحدّ ذاته قصّة مدينة لم تستسلم فقط للزرع والضرع بل أغنت تجربتها، ومن جاء بعدها، وتركت آثاراً تدلّ عليها تمتدّ إلى الجزيرة العربيّة وبلاد الشام وصولا إلى صحراء سيناء.
ويقول اختصاصيّون إنّ نظام الكتابة عند الأنباط كان مقدّساً وكان من آلهتهم ما يسمّى 'الكُتبى' وهو مشتقّ من نظام الكتابة. ومن آلهتم التي نقلها عرب الجزيرة العربية، وخاصة إلى مكة، اللات والعُزّى ومناة وهُبل، ولكنّ الإله 'ذو الشرى' كان الأكثر عبادة لدى الأنباط باعتباره الرب الأعلى.
'بترا'، حكاية مدينة وقصّة ذاكرة مشتعلة في الوجدان، وضاربة في الحضارة الإنسانيّة

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012