أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


محاكمة تاريخية لاسرائيل

بقلم : أحمد ذيبان
15-01-2024 07:34 AM

هذه سابقة تاريخية، أن تقف دولة متمردة على كافة قرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية في قفص الاتهام، أمام محكمة العدل الدولية وهي أعلى هيئة قضائية أممية، بتهمة ارتكاب عمليات إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، خلال الحرب المجنونة التي تشنها اسرائيل منذ أكثر من مئة يوم، قتلت خلالها نحو 24 ألف شخص غالبيتهم من الاطفال والنساء وكبار السن وجرح أكثر من 60 ألف آخرين، وتسببت بنزوح نجو مليوني شخص وتلاحقهم بالقصف أينما ذهبوا، بهدف إجبارهم قسراً على اللجوء إلى خارج وطنهم، بالإضافة إلى التدمير الممنهج لكل مقومات الحياة والتسبب بانتشار الاوبئة والأمراض المختلفة!.
محاكمة لاهاي لا تستهدف الكيان الصهيوني فقط، بل تشكل أيضاً فضيحة لجميع الدول الغربية التي توفر الحماية السياسية والدبلوماسية، وتقدم الدعم العسكري والاقتصادي لهذه الدولة المارقة، التي توافد زعماؤها على عاجل لزيارة تل أبيب، للإعلان عن تضامنهم معها بعد عملية طوفان الأقصى في يوم 7 أكتوبر من العام الماضي.
لقد بدى التمايز واضحاً بين المرافعة القانونية الرائعة التي قدمها أمام المحكمة فريق المحامين، الذي مثل دولة جنوب افريقيا وكانت مدعمة بالأدلة القاطعة، بينما كانت مرافعة الفريق القانوني الإسرائيلي ركيكة ومرتبكة وضعيفة، استندت إلى المزاعم والأكاذيب التي يتحدث بها قادة الكيان في تبريرهم للحرب على غزة.
ومن الجدير الاشارة إلى أن جنوب افريقيا التي قدمت الدعوى بكل شجاعة ضد اسرائيل، عانى شعبها مرارة سياسة التمييز العنصري «الأبارتيد» لعقود طويلة، حيث كانت الأقليات الاستيطانية الأوروبية هي التي تحكم البلاد، وخلال تلك الفترة طورت إسرائيل وجنوب أفريقيا تحالفا عسكريا وثيقا شمل التعاون في مجال الاسلحة النووية، إلى أن انتصرت حركة النضال الذي قادها المؤتمر الوطني الافريقي برئاسة نيلسون مانديلا، ونتج عن ذلك الغاء نظام التمييز العنصري في بداية تسعينات القرن الماضي، ثم انتخاب المناضل الرمز نيلسون مانديلا رئيساً للدولة عام 1994، وبحكم العامل المشترك الذي يربط الجانبين أقامت جنوب افريقيا بعد ذلك علاقات دبلوماسية كاملة مع فلسطين، مقابل ذلك تدهورت العلاقات مع إسرائيل تدريجياً.
هذه ليست المرة الأولى التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية بقضية تتعلق بالصراع الفلسطيني الصهيوني، فقد سبق أن عرضت قضية جدار الفصل العنصري على المحكمة عام 2004، وقررت المحكمة في شهر تموز من ذلك العام بأغلبية 14 صوتاً ومعارضة القاضي الأميركي، «أن الجدار مخالف للقانون الدولي»، وطالبت إسرائيل بإزالته من كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية وضواحيها، وتعويض المتضررين من بناء الجدار، كما طالبت دول العالم بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن الجدار، ودعت الجمعية العامة ومجلس الأمن إلى النظر في أية اجراءات أخرى لأنهاء الوضع غير القانوني للجدار، لكن قرار المحكمة استشاري بهذه القضية، ولأن اسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون بحماية ودعم أميركي وغربي، لم يحدث شيء وبقي الجدار قائماً..!
وفي تهمة الإبادة الجماعية المعروضة على محكمة العدل الدولية، لا يستبعد أن يتعرض بعض القضاة لضغوط سياسية من قبل الدول التي يمثلونها، لكن بغض النظر عن القرار الذي ستتخذه المحكمة، سواء كان إيجايبا أم سلبياً فإن مجرد وقوف دولة الاحتلال في قفص الاتهام، أمام أهم محفل قضائي دولي يعتبر إنجازاً مهماً، وعزز من حضور القضية الفلسطينية والمظلومية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 76 عاماً، في الرأي العام الدولي وعلى أجندة السياسات الدولية.. فشكراً لجنوب أفريقيا صاحبة المبادرة الأخلاقية والسياسية التاريخية.

الرأي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012