أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


قرار محكمة العدل الدولية ضوء في نفق!

بقلم : د. نضال القطامين
27-01-2024 08:00 AM

في منتصف الإطراق الذي يمارسه العالم، وسط الوجوم الذي يرتقي حد الجريمة عمّا تفعله آلات الموت في غزة، تقبل محكمة العدل الدولية دعوى جنوب أفريقيا ضد دولة الكيان الغاصب، حيث يأتي قرار المحكمة بفرض إجراءات طارئة على هذا الكيان، مثل ضوء في نفق مظلم طويل، ينبي بأن في هذا العالم الممتد صوت حكمة وعدل لم تسنح له فرص في الظهور.

اليوم، وسط انتظار أهل الحق في العالم أجمع، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، وقالت إن على إسرائيل أن تتخذ 'كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، و أنها تقر بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الشروط متوفرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل، مشيرة أنه يتوجب على إسرائيل الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة وأن تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري، وأن عليها أن ترفع تقريرا إلى المحكمة في غضون شهر بشأن كل التدابير المؤقتة.

لم يحدث، عبر عقود النوازل وقرون الخطوب، على امتداد البغي والعسف والجور والإضطهاد، في أدنى مواقف الضعة، وأقل أيام الذلة والهوان، لم يحدث أن أطرق العالم وخَرِسَ عن آثامٍ وخطايا، عن مشاريع مشهودة تحت سمع العالم وبصره، لاجتثاث الناس واستئصال الأجيال، مثلما يجري الآن ومنذ مئة يوم ويزيد، في غزة، القطاع الذي تفتك بأهله، الطائرات والأوبئة والمجاعة.

لم يحدث في طول التاريخ وعرضه، في امتداد كل الظلم وفي اتساع كل الأحقاد، أن يُباد شعب كامل دون ذنب، ولم يحدث أن تُطلق يد معتد غاشم مستبد في أجساد الصبية والنساء والشيوخ، قتلاً وهدماً وحرقا، سوى ما نراه ونتحاشى النظر إليه في لهيب القذائف وهدير الطائرات في غزة.

وفي منتصف الألم الذي يتجرعه الناس، بين اختباء الخوف والجوع والعطش في الأزقة المحروقة، أمام أجساد منهكة تتناهشها الأسقام، في ساعات أيام طويلة لا توقد نار في بيت، ولا يجد فيها الناس حتى الأسودين، يقول الناطق الإعلامي في وكالة الغوث، أن يومين وثلاثة، تمر على الناس في خان يونس دون أن يتناولوا وجبة واحدة، وبينما ينحاز الناس إلى مراكز الإيواء ظنّاً أنها آمنة، بينما ينتظروا على الآكام المقفرة شاحنات الخبز والماء، ترميهم آلات الدمار وتسقطهم شهداء جوعى.

ماذا ينتظر العالم من قتل وحصار وتجويع وتشريد كي يقول كلمة في مأساة القطاع؟ أي مبررات لاستمرار صمت العالم على المجازر التي يقترفها رئيس الوزراء الإرهابي، ماذا ننتظر من مجلس أمن تخرق مشاريع قراراته حقوق نقض غير عادلة ولا منطقية، ماذا لو أصدر مجلس الأمن، وهو أضعف من أن يصدر، قرارا بوقف النار؟

لن تقلق الحكومة المتطرفة في تل أبيب، بقرار المحكمة الدولية. هي لم تقلق بقرارات مجلس الأمن من قبل، وبالتناوب، فهي لن تحتفي بكل الكلام الذي يقوله شرفاء العالم. لقد أخذت تفويضا بالقتل من عتاة الديمقراطيات في العالم، وتمضي في أعمال الإبادة مسنودة بشحنات الأسلحة والطائرات، بينما تسوّق للعالم سيناريو رهان خاسر على توسيع نطاق الحرب، في سياق استمرار القتل ومشروع تصفية القضية وقتل أصوات الفلسطينيين الحقة والمعتدلة.

على حواف القهر والقسر والإضطهاد، في امتداد الموت والفناء، لا كلمة ولا تنديد، لا شجب ولا تهديد، ثمة خدعة ودسيسة، مؤامرة وتواطؤ، نحو 'الحل الأخير'، نحو محرقة جديدة، يطرق العالم الحر سمعه وبصره عنها.

ستنتهي حرب القطاع، ستتوقف آلات القتل، وسينهض فينيق الغزازوة من الرماد، وسيحمل على جناحيه كتابة جديدة لمبادىء حقوق الإنسان وللحرية، ولمعاني الأخوّة، في الدم والدين والإنسانية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012