أضف إلى المفضلة
الخميس , 09 أيار/مايو 2024
الخميس , 09 أيار/مايو 2024


عن التوق لاسترداد الكرامة

بقلم : ناهض حتر
07-07-2012 11:19 PM
ينتابني شعورٌ عميق بالحرج بسبب رسوخ هذه الفكرة في خطاب التحليل السياسي العربي والدولي: (( مواقف الأردن )) يمكن شراؤها! فكرة بسيطة جارحة مشينة تُغني التحليل عن كدّ الذهن عن التبحّر في المسوّغات الاستراتيجية أو التكتيكية، الجيوسياسية أو الوطنية التي تقف وراء القرارات الكبرى الصادرة عن عمان.
تقصّيتُ عشرات التصريحات الغربية المتعلقة بالأردن، فوجدتُها تكرّر المدائح للسياسات الأردنية المتوافقة مع المنظورات الغربية للسلام وما شابه، وتعدّ أو تحضّ على تقديم المساعدات للأردن! وهو ربط ضمني لكنه مفضوح بين السياسات والمساعدات!
في وقت سابق، التقاني دبلوماسي غربي ـ غير أميركي ـ وسألني صراحة: لماذا ترفض تجنيس وتوطين المليون مهاجر جديد من الضفة الغربية، فأسهبت في شرح حساسيات المعادلة الديموغرافية الأردنية والمآلات الخطرة لكسرها، وتساءلت لماذا يتوجب علينا مكافأة الاحتلال الإسرائيلي على بقائه ومنعه إقامة الدولة الفلسطينية وإجراءاته التي تصعّب الحياة في الضفة الغربية، باستيعاب المهجّرين وتخفيض آثار الضغط الديموغرافي على الإسرائيليين؟
كانت إجابته مهينة. لم ينطق بكلمة ولكنه فرك إبهامه بسبابته، كناية عن عدّ المصاري. غضبتُ .. وقلتُ له أنا وطني أردني وليس وزير الخارجية! اذهبْ وتحدّثْ عن المال مع المسئولين وليس معي. وزدتُ : هل تقبل تجنيس مليون مهاجر في بلدك مقابل ترليون دولار؟ قال : لا طبعا. وانتهت المقابلة.
تصريحاتنا حول علاقة دول عربية نفطية مع الأردن، تبدأ وتنتهي بالشكر والامتنان والانحناء!
وطالما جُوبه سؤالي حول الآثار الضارة بالتوسع المفرط في بعثات قوات السلام، بكلمة واحدة: المال!
لماذا ختمنا علاقات تحالفية أخوية استراتيجية مع نظام الرئيس الراحل صدام حسين بتسهيلات للغزاة؟ الإجابة الرسمية تنحصر في أرقام التعويضات المالية الموعودة!
نطيح اليوم بموقفنا المسئول إزاء مصالحنا الوطنية العليا وسلامة المملكة من تفاعلات الفوضى الأمنية في سورية، فيركز المحللون على السبب الرئيسي: الخزينة خاوية!
في أحاديثي مع مثقفين عرب أسعى خلالها إلى إظهار الأبعاد الاستراتيجية لحضور الدولة الأردنية، أواجه التعنّت حول الفكرة القائلة إن (( مواقف الأردن معروضة للبيع ))!
أُحرج، بالطبع، كأي أردني حرّ. لكن آلامي مضاعفة. فعلاقتي مع بلدي تندرج في مقام العشق، حتى أنني أمرض ـ فعليا ـ في اليوم الثالث لغيابي عن عمان، كذلك، فإن المجال السوسيو اجتماعي التاريخي هو مجال نشاطي البحثي الرئيسي ، وأنا أؤمن بالأردن وطنا وبالدولة الأردنية ودورها الممكن على المستوى الإقليمي، وفوق ذلك، فإن دراساتي الاقتصادية، أظهرت لي ما كان ظاهرا ببساطة لأعضاء المؤتمر الوطني الأردني الأول لعام 1928 من أن موارد الأردن كافية، إذا ما أُحسنت إدارتها، لسدّ احتياجاته وتطويره، لكنها، بالطبع، ليست كافية للإنفاق الخيالي على امتيازات النخب المسيطرة وتكوين الثروات المليارية ونمط الحياة غير الأردني.
في العقد الأخير، جرت عملية نهب منظمة لثروات الأردن وموجوداته الوطنية لصالح مستثمرين أجانب وشركائهم المحليين في 'البزنس' والسياسة والإدارة، كما جرى هدر مئات الملايين جراء الفساد الجنائي وسوء إدارة الموارد والمشاريع الكرتونية والهدر، وصعدت المديونية العامة وعجز الموازنة، تاليا، إلى الحد الذي يهدّد البلاد بالإفلاس. ومن البديهي أن المواطن الأردني ليس هو المسئول عن هذه الكارثة، بل هي مسئولية الذين صنعوها من أصحاب القرار ممن استأثروا بمواقع إدارة الدولة والاقتصاد والمالية العامة خلال العقد الماضي، ولم ينتخبهم شعبنا ولم يمنحهم تفويضا، بل شكّك فيهم وهاجمهم على طول الخط.
عائدات الفوسفات المنهوبة وحدها تغنينا عن مساعدات الخليج، وأرباح شركة توليد الكهرباء، العلنية والضمنية، قادرة على تخفيض كلفة الكهرباء، والعوائد الفائتة من الخصخصة الجذرية لقطاع الاتصالات، كانت تغنينا عن المساعدات السعودية، والأموال المهدرة في ملف أمنية وحده كان كافيا ليغطي المساعدات الأميركية لأكثر من سنة، وبدل الاستغلال الفاحش المجاني لحوض الديسي من قبل برجوازيين متنفذين، كان سيسعفنا في تأمين قسم من الغذاء الرخيص لمجتمعنا. ولا يتسع المجال هنا لتعداد المزيد، لكن الخلاصة أن ما نُهب ويُنهَب من ثروات بلدنا وامكاناته يفوق حجم جميع المساعدات والمنح، أضعافا.
الشعب الأردني الآن يصرّ على محاكمة هذه المرحلة باعتبارها المقدّمة التي لا غنى عنها لأي إصلاح سياسي. وفي مسيرات يوم الجمعة الماضي ـ التي غاب عنها ' الإخوان'، عاد التركيز على هذا المطلب ليحتل فضاء الهتافات الجماعية الغاضبة، وارتفعت، مجددا صور رئيس الوزراء الشهيد وصفي التل وتعالت الهتافات باسمه، تعبيرا عن الحنين ليس فقط إلى النزاهة والوطنية والعدالة الاجتماعية، وانما، بالأساس، تعبيرا عن التوق إلى استرداد الكرامة.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-07-2012 12:56 AM

I think the worst has not come yet.

2) تعليق بواسطة :
08-07-2012 01:18 AM

Every Jordanian should raise the photos of "Wasfi" our martyr and hero

3) تعليق بواسطة :
08-07-2012 01:56 AM

اخي العزيز ابو المعتز المحترم

الفقرة بأدناه من قانون الجنسيه الاردنيه لسنة 1954 وهي :



- كل من كان يحمل الجنسية الفلسطينية من غير اليهود قبل تاريخ 15 /5 /1948 ويقيم عادة في المملكة الاردنية الهاشمية

خلال المدة الواقعة ما بين 20 /12/ 1949 لغاية 16 / 2/ 1954 ..ترى هل كان لها ثمن مدفوع لأنها الغت حق العودة للاجئين ..الم يدفع العراقيون ثمنا لجنسيات حصلوا عليه من الجنرال الذهبي ...اليست الجنسيات مصدرا للرزق للفاسدين ..لو حاولت ان تدفع في امريكا 10 ملايين دولار للحصول على الجنسيه ..هل كنت ستحصل عليها ....



كل قراراتنا السياسيه تتبع لرغبات الفراء ( الامريكي ..والبريطاني ) وتتوافق مع الامن الاسرائيلي ...وها انت ترى السفراء يتحركون برفقة رئيس الوزراء ..ويتحركون بأتجاه الحراكات وما من رادع لهم ...

قوات حفظ السلام هي ايضا مصدر رزق ..وعوائدها تعود ...وانت تعلم ؟



اخي ناهض



نحتاج مع الكرامه الى ارادة لأسترداد الكرامة ؟؟؟؟

تحياتي

4) تعليق بواسطة :
08-07-2012 03:33 AM

في الهدف.. عندما تركن ايها الكاتب جانبا بعض (بعض فقط) رواسب الانحياز لكل ما هو ضد ثقافتنا وقيمنا وحضارتنا..اتمنى(؟؟؟) ان تجرب ذلك لشر واحد... حتى هنا لم تستطع الحفاظ على الصدقية فزعمت ان الجمعة الماضية قاطعها (الاخوان) وفقط تكون صادقا ان كان المقصود اي اخوان غير الاخوان المسلمين.. وببساطة فقد كنت انا هناك!!!!

5) تعليق بواسطة :
08-07-2012 04:23 AM

افكار متطابقه مع حزب المؤتمر الوطني الذي سمى نفسه تيمناً بمؤتمر 1928 الذى تحدثت عنه بمقالك فأيكما أخذ عن الأخر وياريت انت والحباشنه تخففوا من اقليميتكم ويساريه وضباط متقاعدين وحزب مؤتمر الواحد بطل يعرف شو براسكم

6) تعليق بواسطة :
08-07-2012 11:01 AM

*- القضية مزدوجة فيما يتعلق ببيع الاردن لموارده و من ثم لقراره السياسي , اذ انها تصب لمنفعتين للنظام منذ نشأته :
1- تخريب القرار الوطني بخصوص موارده عن طريق فردية البت في هذا القرار من خلال فرد واحد مطلق هو الذي يتحكم به , لذا مارس النظام طبيعته منذ نشاته او على الاقل منذ عام 1957 عندما بدانا العرفية بعد فرض واقع وجود الملكية ! لذا من هنا عتبنا على الكاتب اقراره بشرعية النظام لان القضية لها بعد اقتصادي اضافة للوطني السياسي .
2- من خلال اتباع سياسة فردية القرار فان الامر سيتحول الى تكسب الحاكم من هذه الفردية وهذه تقتضي ابقاء الحجة بفردية هذا القرار جاهزة و لايمكن ان تكون الا بتخريب او ارتهان او تجيير او اخفاء هذه الموارد من اجل تبرير اضطرار القرار السياسي للرضوخ للغرب لانه المنقذ من الحال الاقتصادي السئ . وهنا الازدواجية من خلال الابقاء على حاجة النظام الحالي لاسباب تتعلق بعمق علاقته مع الدول المرقعة لرتق (خزوق) الاقتصاد المتهالك مما يساهم بابقاء القرار الاقتصادي بيده ومن ثم الثروات . وهذا ما لاحظناه من خلال تجيير الاراضي باسم راس الدولة و تحويلات المساعدات الخارجية ايضا التي تاتي باسمه و شبكة المتنفذين اللذين يراسون شركات الادارة عن هذه الموارد و الذين يرتبطون بقرابة مع راس النظام وهم اصحاب حصانة مطلقة تماما كما هو الراس .
*- الحل صعب بالنسبة للاحزاب او التيارات السياسية لكنه سهل للقوى الثورية ان قامت . لما؟ لان الاحزاب ستحرج راس الدولة ان قامت باستلام القرار الاقتصادي وفق اي حكومة ان كانت ائتلافية او توافقية او حتى منتخبة , لانها ستضطر اما لفضح صاحب المسؤولية وهنا لن يمر الامر هكذا او سيستدعي المسائلة القانونية المستحيلة له او التغطية و الترقيع و الامر له ثمن من الناحية المصداقية و الشعبية ! اما القوى الثورية الشعبية ان قامت فستنزع الحق انتزاعا ولن ياخذها اي اعتبار لاي احد , و ستسائل و تسجن كل من سولت له نفسه مد يده على موارد الوطن و ستستعيدها دون اعتبار لاي احد او اتفاق , لذا هنا على القوى و التيارات السياسية المستقلة او المؤدلجة اما ان تكون ثورية او توافقية و لها الاختيار .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012