أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


عطوة تفتيش !!

بقلم : علي الحراسيس
18-07-2012 10:51 AM

كنا جلوسا مع مجموعة من نشطاء حراك حي الطفايله في عمان ، نتبادل أفكار المشاركة أو المقاطعة بالنسبة للانتخابات النيابية القادمة ، ودار حوار واسع حول أهمية المشاركة وضرورتها الاجتماعية والسياسية والأمنية ، وأهمية المقاطعة كذلك من قبل من يطالب بعدم المشاركة ، كنا طرفي حوار يقدم احدنا للأخر ما يدعم وجهة نظره في أسباب ألمقاطعه أو أسباب المشاركة، حتى بادر احد النشطاء بطرح فكرة أن نمنح الحكومة ما ُيسمى في العرف العشائري ب ' عطوة التفتيش ! أي أن نمنح الحكومة فرصة تثبت فيها التزامها بإجراء انتخابات حرة ونزيه ، باعتبار أن هناك موقفا مسبقا من قبل التيار الرافض للمشاركة ، بأن الحكومة لن تلتزم بالحيادية والشفافية ، و ستقوم بعملية تزوير واسعة حتى لو تعدل القانون من الصوت الواحد إلى ثلاثة او أربعة أصوات ، وقد نوقشت مسألة ' العطوة 'التي سُتمنح للدولة ، لنرى مدى التزام الحكومة بالنزاهة والشفافية وعدم التدخل في عملية تشرف عليها هيئة مستقلة ، ويقودها رجل لايعرف الناس عنه سوى الانضباط والالتزام بما يكلف به ، بحيث تجري المشاركة من قبل الجميع ، ولو حدث أن شعرت القوى والأحزاب أن هناك تلاعبا في العملية أو توجيها او تدخلا لصالح فئة دون غيرها ، فإنها ستعلن انسحابها فورا و' تفضح ' ممارسات النظام وتلاعبه وعمليات التزوير التي قد تتم ، فتفقد الدولة هيبتها أمام مواطنيها وأمام العالم أجمع ، وكذلك أمام من تعهد او يتعهد بنزاهتها وتضعه أمام مسئولياته ، وتفقد الانتخابات بذلك شرعيتها ، فتكون النتيجة قاسية ومؤلمة للنظام ، وأزمة جديدة قد تفجر الأوضاع بشكل وبأدوات اخطر وأقوى ! وهو أمر تدركه الدولة وتخشى من حدوثه، مما سيدفعها للالتزام والحرص على نقاء العملية واستكمالها بيسر وشفافية مهما كانت نتائج اقتراع الناس وتوجهاتها.
من واجب الأحزاب والقوى أن تشارك في إدارة اللعبة السياسية ولا تضعها دوما بيد نظام تنتظر منه تحسينا أو تعديلا لقوانين الإصلاح ، وأن التراجع عن قرار المقاطعة ليس ترهلات كما يصفها البعض ، بل هي مراهنة مباحة ومشروعة بإعادة النظر بحسابات نتائج المقاطعة على ظروف البلاد والعباد بشكل عقلاني بعيد عن التزمت والرفض ، فما تحقق من إصلاح كان جيدا ، وليس شاملا كما ينبغي ، وعلى القوى أن تأخذ بعين الاعتبار قاعدة شرعية 'و سياسية ' تقول ما لايمكن تحقيقه كاملا لايترك كاملا ، لأن التخندق خلف فكرة ما او مطلب ما وعدم التنازل عنه ، قد يعرض البلاد إلى مزيد من الشرذمة والضعف وانهيار مؤسساته وانفلات أمنه وتعريض وحدته الوطنية إلى الخطر ، وبالتالي منح المستفيدين سنوات أخرى لمواصلة تحقيق أجندتهم ، ومهما كانت ملاحظاتنا على قانون الانتخاب الذي بدأ انه برأي تلك القوى هو أس عملية الإصلاح دون غيره مما كانت تطالب به تلك القوى منذ شهور طويلة ، فعلينا أن نؤمن أن تولي الأبرار أفضل من تولي الفجار بالنسبة لمؤسساتنا الوطنية و الديمقراطية، فاستمرار الأزمة وتصاعدها يمكن الفجّار من التمتع بما هي عليه الحالة الأردنية الآن ، ويمنحهم المجال لمواصلة طغيانهم الذي امتد إلى ممارسات طالت كل مناح حياتنا ، يفتعلون أزمات ومصادمات وانفلاتات أمنية مدروسة تصل حد ضرب الناس بعضهم ببعض تمهيدا لإضعافها وضرب وحدتها الوطنية وقبولها بمشاريع تصفية الوطن ، فأعتقد الناس أن النظام ضعيف حد أن ُتحرق فيه جامعاتنا ومراكز أجهزتنا الأمنية من قبل غرباء أومواطنين ، وظن المواطن أن البلاد آيلة للسقوط ولا مجال للتعاطي مع الدولة بثقة او احترام لقانون او عُرف او قيم ،فتعرضت العلاقات والبنية الاجتماعية إلى الاهتزاز والضعف ، وعانت الناس ما عانته جراء تلك الأزمة ، فبات واجبا شرعيا ووطنيا وأخلاقيا على تلك القوى الاجتماعية والسياسية التحرك فورا لتصحيح المسار وإصلاح ما يمكن إصلاحه حتى في ظل قوانين لاتصل إلى مستوى الطموح ، فأن كان النظام متهما بتلك الأجندة كما يحب البعض أن يشيّع ، فعلينا التحرك لوقفها ومنع مرورها ، فالمسئولية جامعة لنا جميعا ، وعلى كل منا تحمل جزءا من تلك العملية الإصلاحية ولو بكلمة خير ، ولنبتعد عن طموحات وأجندة قد لا نتمكن من تحقيقها في حالة استمرار الخراب وتوسعه ، فأن واصل النظام 'ركوب رأسه ' في التوقف عن منح المزيد من التنازلات حيال الإصلاح ، فعلينا أن لانمارس نفس الأسلوب ونتنطح له بالمقاطعة والحرد وتأزيم الوضع أكثر مما هو عليه ، فلا أحد قابل او راض عن الحالة التي تعيشها البلاد خلا المفسدين في الأرض ، فإن كنا نتطلع لوحدة وحرية ودولة قوية مستقرة آمنة ، تجري فيها عملية الإصلاح ضمن منهج مؤسسي وعقلاني يحافظ على بقاء الدولة وديمومتها وعزتها واستقرار جوانب حياة شعبها اجتماعيا واقتصاديا ، فان قرار المقاطعة يخالف تلك المبادئ جملة وتفصيلا ، ولن يخدم إلا من ينتظر ويعمل على إضعاف البلاد خدمة لأجندته ، ولنسال أنفسنا جميعا ، من هو المستفيد من تلك المقاطعة !
إن كان النظام نفسه قد يستفيد من تلك المقاطعة ويتمناها ، بدليل انه لم يمنحنا القانون والإصلاح الذي نطالب به كله ، فعلينا التحرك كي لا نمنحه تلك الإفادة ، ولنستفيد من قطرات الماء المتدفقة ونرتوي منها ولو احتاجت لوقت أطول ، وإن كان بعض الفاسدين طامح وسعيد بقرار المقاطعة ، فعلينا كذلك التحرك والتصد لهم في كل مؤسسة أو موقع يتقلدوه ، لأن قاعدتهم توسعت ، وطموحاتهم كبرت وأرصدتهم زادت على حساب الناس والوطن ، وجبروتهم تجاوز الحد الأقصى ، ولابد من إيقافهم ومحاسبتهم ، ولا اعتقد أن قرار المقاطعة مجدي وفاعل في ظل أزمة تتسع وتمتد إلى مختلف مناح حياتنا ، فتحقيق الإصلاح لن يتأتى بالحرد والرفض والتخندق خلف مطلب لا يماثل في منفعته الخروج من الأزمة والبدء بإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل نفاذ الوقت ، وعلينا القبول بما هو موجود ، ليس ضعفا أو استكانة او رضوخا لاسمح الله ، بل استجابة وفزعة نتنازل فيها عن بعض ما نطالب به لخدمة بعض الأجندة ، و نسترد من خلالها بعض عافية الوطن ، فلنمنح النظام عطوة تفتيش!! ولنمنحه فرصة الالتزام بحيادية وشفافية ونزاهة إدارة عملية الانتخابات القادمة ، دون التخندق خلف فكرة' قدر التزوير ' في بلادنا ،كي نواصل عملية الإصلاح والمطالبة بها من خلال مؤسسات وطنية ديموقراطية نتمكن من خلالها من طرد الفجار وإحلال الأبرار مكانهم ، وفرض برامج الإصلاح التي نسعى إليها بطرق قانونية وشرعية وتشريعية مدعومة بقوة الشعب واستعداده للوقوف خلف تلك المؤسسات ودعمها بشتى أدواته .


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
18-07-2012 11:05 AM

اذا تنازل الشعب شوي ، رح يلحق مسلسل تنازلات ، خلاص انتهت اللعبه

2) تعليق بواسطة :
18-07-2012 07:07 PM

الشعوب بطريقها الى النصر ، في دمشق النثصر قاب قوسين أو ادنى، فلا تتعجل علينا ابا الحراسيس ان نقدم نحن التنازل ، ونلهث وراء الانتخابات ..

3) تعليق بواسطة :
18-07-2012 10:32 PM

اخي ابو الحراسيس المحترم

هل كان هناك او سيكون هناك سمك ..في البحر الميت ..
هل كات هناك او ستكون هناك انتخابات حرة ونزيهه بعيدا عن ايدي المخابرات والحكومات بالاردن ..

السمك بالبحر الميت ...والانتخابات النزيهه من الصعب تحقيقهم .

اخي ابو الحراسيس

هناك مغيه بوب امريكيه تغني دائما عن العذريه (vargen )وحدث اني سألت صديقي الامريكي لماذا تغني هذه المغنيه عن العذريه ..فقال لي انها اي المغنيه لم تشعر بالعذريه منذ ان نزلت من بطن امها ..وكذلك الحكومات الاردنيه ..دائمة التحدث عن النزاهه ..ولم تمارسها يوما .
تحياتي

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012