أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 01 أيار/مايو 2024
الأربعاء , 01 أيار/مايو 2024


عمّان ودمشق: الدم والهدم

بقلم : د.محمد ابو رمان
22-07-2012 12:10 AM
بالضرورة ما يحدث في سورية يمسّ أمننا الوطني في الصميم، من جميع الزوايا. فعلاقتنا وتداخلاتنا تتجاوز الجوار الجغرافي، هي نسيج مشترك، إنسانياً وتاريخياً وجغرافياً. الدم  نفسه، والمصالح لا تنفصم. خلال الخمسة عشر شهراً الماضية (منذ انبلاج الثورة) اختلفنا – أردنياً- في قراءة الثورة والتفاعل معها، فكان للدولة قراءتها، ولكلٍّ من أنصار الثورة والنظام قراءتاهما. لم يكن الاختلاف بيننا على الأهداف ولا المبادئ، عموماً، فلا أحد – مثلاً- ضد الشعب السوري الشقيق، ولا مع انهيار 'الدولة' (وليس النظام، فجوهر الاختلاف هو: فيما إذا كان هذا النظام قابلاً للإصلاح أم لا؟ وفيما إذا كان يمكن لنا أن نستهين بشلالات الدماء والإهانات والبنية الأمنية له خشية من تداعيات الانهيار والحرب الأهلية والأجندات الغربية أم لا)!بعيداً عن المتطرفين، غلّب اتجاه نخبوي واسع كفّة المؤامرة الدولية على سورية، ليقف مع الأسد، واستذكر 'محور الممانعة' ودوره في القضية، وضرورة حماية 'السمة العلمانية' من شبح 'الأصوليين'. في المقابل؛ غلّب كلٌّ من التيار الإسلامي والشريحة الواسعة في الشارع حق الشعب في تقرير مصيره، وتجريم الأساليب اللاإنسانية في تعامل النظام مع المطالب المشروعة، ورفض المقايضة بين 'الممانعة' والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة وبكرامة الإنسان السوري والقبول بحكم 'الأمن الفاسد' الحديدي.أمّا اليوم، فينفتح المشهد السوري على وقائع وتطورات جديدة؛ صراع مسلّح، فوضى، ونذر حرب أهلية، ومجازر همجية، ولغة طائفية تؤجج المخاوف المتبادلة، ما ينذر بـ'السيناريو الأسوأ'، الذي يشكّل أخطر تهديد للسلم الأهلي للأشقاء ولأمنهم الوطني، وللمنطقة، وسنكون هنا، من أكثر المتأثرين بما يحدث في دمشق.اختلافنا على النظام السوري لم يعد مجدياً، فالبُنية الحالية انهارت، والحل العسكري فقد توازنه، واستمرار الحال بات من المحال، والأسد راحل لا محالة، لكن المهم هو اليوم التالي؛ كيف سيبدو المشهد السوري؟! لم يعد السؤال المطروح: فيما إذا كنا مع الثورة أم النظام؟ إنما حول خطورة الفوضى ونذر الحرب الأهلية، والدماء والمجازر البشعة، ووضع اللاجئين الفلسطينيين المقلق جداً، واللاجئين السوريين لدينا، وأخيراً تداعيات ذلك على الأردن.في هذه اللحظة الفاصلة سيكون العامل الحاسم قدرة الثورة على الإمساك بأهدافها الكبرى، في التحرر والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وألا تنجرف إلى خطاب طائفي للانتقام من المجازر المروّعة الأخيرة، وأن يكون الأفق حلاًّ وطنياً سياسياً.أحسب أنّنا - بما نملكه من علاقات وثيقة ومصالح مترابطة مع القوى السورية المتصارعة والمتنوعة- يمكننا إن قرّبنا المسافات فيما بيننا وخرجنا من الاستقطاب إلى بناء موقف مشترك لمجتمعنا المدني وقوانا المختلفة أن نخاطب السوريين بلغة الوطن والدولة والأهداف العليا، بعد أن استطاعت الثورة تقديم نموذج استثنائي غير مسبوق.يمكننا - على الأقل- المساهمة في أدوارٍ جانبية مرتبطة بتعزيز الفتوى الدينية في السلم الأهلي، والصوت المشترك للتحذير من الصدام الطائفي (مستقبلاً)، والقيام بوساطات بين الطوائف والقوى السورية، لتجنب الاقتتال، عبر العلاقات الوثيقة اجتماعياً وسياسياً، ويمكننا القيام بأدوار لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين على تجنب مصير مقلق. في الشمال زلزال كبير له ارتداداته على المنطقة بأسرها، والشرط الرئيس لبناء الخيار الأردني الجيّد هو صلابة الجبهة الداخلية وتماسكها. ذلك يلقي بالكرة - في الساعات القليلة- في ملعب الدولة، إذ من المفترض أن يتم إقرار قانون الانتخاب المعدّل، غير المقبول شعبياً وسياسياً، ما سيفجّر الأزمة الداخلية ويفاقمها، وهذا ما لا نحتاجه، تحديدا هذه الأيام، مع تداعيات الثورة السورية التي أثبتت، كذلك، أنّ المنظور الأمني - من دون أفق إصلاحي وتوافقي عام- لن يصلّب الجبهة الداخلية، بل سيمزّقها!

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-07-2012 12:17 AM

الأسد ونظامه باق يا ابو رمان لا تقلق عليك ان تقلق على من تتحالف معهم خارجيا ازاء واشنطن

2) تعليق بواسطة :
22-07-2012 01:15 AM

الاسد ونظامه ساقطان مقتلولان مسحولان الى مزابل التاريخ قريبا والثورة منتصر وقد لاحت بشائر النصر الرمضاني المؤزر

3) تعليق بواسطة :
22-07-2012 10:29 AM

كل ما جاء في مقالتك يا دكتور محمد يشي ويوضح بجلاء عمق أستاذيتك وملازمتك للحدث وتحليله بديناميكية تتواكب مع متغيراته , ولهذا نجدك في الأيام القريبة الفائته تكتب غير ما كنت تكتبه قبلا أيام بواكير الحوادث في سوريا .
........ ولكنا نعجب كيف أنك لم تتنبه بعد وانت السياسي النبيه أنه لو قدر لقانون الإنتخاب أن يكون غير ما كان سوف تصبح أنت وأنا كوجود وراي في خبر كان .
قانون الإنتخاب الذي تلح على تغييره سوف يجرنا الى ما يعانيه الآخرين , لا نقول هذا لكوننا رجعيين بل لاننا نؤمن أن حريات الشعوب لا تعطي دفعة واحدة قبل أن تكون هذه الشعوب مهيأة في جوانبها الثقافية والإجتماعية لإستيعابها , صدقني يا محمد أن من يقطع طريقا دوليا بعصاة بيده بسبب عدم حصوله على وظيفة حكومية مع أنه راسب في التوجيهية للمرة الرابعة يحتاج بالضرورة الى ثقافة في المواطنه وتعلم في السياسة ثم بعدئذإرضاعا من رضاعة الديمقراطية ولكن بطريقة النقطة نقطه .
لك كل الحب والتقير .

4) تعليق بواسطة :
22-07-2012 11:55 AM

الى رقم 2 :
عن اي جيش حر تتحدث ؟ هل رايتهم في حي الميدان والقابون وهم مكومين مثل اكياس النفايات؟. مصير الخونة والمرتزقة جميعا
ان كانوا سوريين قابضين ريالات او دولاارات
او مرتزقة من تونس وليبيا والسعودية وغيرها من الدول فمصيرهم واحد اما القتل في سوريا او الهروب الى مزابل التاريخ.

5) تعليق بواسطة :
22-07-2012 01:54 PM

*- هنالك كلمات ديماغوجية عدة لطالما يقع فيها الكثيرون اثناء طرح تحليلاتهم و ارائهم و يتم اللغط حول استخدامها مثل : نخبة , متطرفون , شارع , مقاومة ممانعة , نحن مع لكن ! . مؤامرة .!
*- فمثلا طرح السيد الكاتب ان "النخبة" هي من رجحت كفة المؤامرة في سوريا !!! هنا سؤالي : ما هو نوع هذه المؤامرة ؟؟!! هل هي داخلية ام خارجية ؟؟! فاذا كانت خارجية فلم نرى جنديا نيتويا و لا سلاحا خليجيا و على العكس بريطانيا البارحة امهلت بشار 30 يوما اضافيا !! من خلال لجنة نائمة بالفنادق تنتقل مع سيارات المخابرات السورية ! اما اذا المؤامرة داخلية فقدمو لنا شكلا واضحا لها بعيدا عن الاسطورة و التكهنات الرعبية ! يعني شئ ملموس يقول لنا ان اطفال الحولة و اطفال درعا الذين قطعت اصابعهم هم كانوا يخططون لالهاء الجيش السوري عن قصفه لتل ابيب سعيا لتخليص الجولان . او ان هؤلاء الاطفال و النسوة يريدون سرقة كاتيوشا حزب الله !! و ان اللاجئين طالعين سيران او طشة ! و الثوار استلموا 2000 ليرة سوري حق اربع طيور دجاج من اجل ان يقتلوا في الشارع او يقصفوا بالدبابة و من اجل ان تصور الجزيرة جثثهم ! عذرا لهذه النقطة لكننا سبقو ان فندنا نظرية المؤامرة على كل الجهات و في كل السيناريوهات و لم يبقى لنا الا اسلوب السخرية لنفندها .
*- اما فسطاطية النخبةو الشارع و الاسلاميين فهذه سقطة من الكاتب , اذ لا يجوز الصاق الاسلاميين بالشارع حتى لا يحورها البعض لمآربه فالشارع ليس مؤطرا و الاسلاميين طلقوا الشارع اكثر من مرة و الشارع الشعبي يحمل فكرا مستقلا انقى و اكثر صدقية من كل التيارات السياسية لذا يجب فصل منطق الشعب عن التجاذبات السياسية .
اما قضية الارتباط العضوي و تاثير احداث سورية علينا فقد سبق و ان علقت على هذا الموضوع في مقالة الاخ خالد المجالي فقد قلت : الثورة قرار شعبي غير خاضع لا لارتباطات خارجية و لا لظروف محيطة , الثورة قرار شعبي بحت ! و هذا القرار نابع من اما ظروف او نوازع او محفزات شرعية , فالسؤال الذي يطرح تصحيحا هل نحن مؤهلين للقيام بثورة ام لا ؟ هنا السؤال و المنطق يطرح وليس ربط احداث مجاورة مهما علا شانها او تاثيرتها في تقرير مصير شعب هو الاجدر بان يقرر مصيره لا غيره , لذا فلننتبه ان هنالك اصواتا تريد ان تربط المصير السياسي و حتى الشعبي العام بما يحدث في سوريا من ثورة من اجل تبرير دعمها لما يسمى استقرار سوريا و المقصود هو استقرار نظام فاشستي قاتل , وحتى في هذه فانه من مصلحة الاردنيين قيام دولة حرة ديمقراطية في سوريا يكون الشعب السوري قائدها لا فئة او عائلة , لانها ستكون بمثابة المثال امحتذى لدينا او سنكون على الاقل بمأمن من مجاورة نظام لم يستحيي من قتل شعبه فهل سيرحمنا ان خالفناه او قرر ان يبني بطولات وهمية على ظهرنا !! و لاحظوا حينها ان من يدعي الوطنية سيقف بحزم مع نظام الاسد ضد ابناء شعبه الاردني , وهذا ما يقصم الظهر حقا من الناحية الوطنية !!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012