أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


لولا فساد الصغار لما سرقنا الكبار

بقلم : ماهر ابو طير
29-07-2012 12:56 AM
بات امراً عادياً جداً ان تقرأ كل يوم عن قصة فساد جديدة، من فساد المسؤول الى فساد البائع، مروراً بالاغذية الفاسدة، وصولا الى صغار الموظفين الذين يفسدون ويرتشون ايضا، والى الاف الجرائم التي تنم عن ضمائر فاسدة، وتهتك بنيان البلد.

مناسبة الكلام تتعلق بالضجة حول المطاعم التي تقدم طعاما فاسداً، واغذية شبه منتهية الصلاحية، ودجاجاً يتم تذويبه ثم تجميده ثم تذويبه، وزيوت سرطانية يتم القلي فيها مرات، ولو اكتملت جولات التفتيش لما بقي مطعم مفتوحا عندنا، اذ تكفينا قطرات انف بائع الشاورما، وخصلات من شعر انفه، حتى تنهمر على لحم الاف الاسياخ في البلد دون سؤال او جواب.

تسأل لماذا سكت المفتشون كل هذا الوقت، ومن يتحمل كلفة الاف اطنان الاغذية الفاسدة التي دخلت بيوتنا وتسببت بكوارث صحية؟.

لماذا لا نتحدث بصراحة ولو لمرة واحدة، اذ يشعر الناس بفاجعة امام هذا المشهد، هذا على الرغم من انهم يجب ان لا يفجعوا، لان الفساد بات ثقافة منتشرة بين الجميع، فالمسؤول يُسمسر على المشاريع، والموظف الصغير يرتشي لتمرير معاملة، وبائع اللحوم يخلط البلدي بالمستورد، والميكانيكي يسرق قطع الغيار من سيارتك ويستبدلها بقديمة او مضروبة.

بائع البنزين يخلط الاصناف، وبائع الكاز يخلطه بالماء، وبائع اللبن يستخدم البودرة ويقسم الف يمين ان البقرة مربوطة خلف المحل، تحلب مباشرة الى فمك اخي المواطن، وبائع الغاز يسرق من الاسطوانة، وبائع الخبز يلعب في وزن الرغيف.

الامر بات ممتداً. هذه هي المدن العمياء. المدن اذ تصبح بلا ضمير. لا وازع دينيا ولا اخلاقيا. والوطنية مجرد كلام في كلام. والفساد عم وانتشر، وانفس الناس في اغلبها باتت تميل الى الفساد الصغير والكبير، ونمارسه يوميا بأشكال مختلفة.

اخلاقيا، نبيع الورع على الناس، لكننا نمضي ليلنا وقد احمرَّت عيوننا مما نرى على الانترنت من افلام، وتخدر اطرافنا «ليلا» في حوارات غير اخلاقية مع الاصدقاء والصديقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونعود لارتداء اقنعتنا «نهاراً» ونخرج لنحوقل ونسبح ونستغفر ونبيع العظة على مارقي الطريق.

نحن نندد ليل نهار بفساد الكبار، لكننا عند اول مصلحة، نبحث عن واسطة لسرقة وظيفة شخص آخر، وتوظيف من يخصنا، وعند اول حاجة لسرير طبي، نبحث عن واسطة لانزال مريض اخر واخذ مكانه.

عند اول مسعى لقطع الماء او الكهرباء لتأخر سداد الفواتير نرشي الجابي حتى لا يقطع الخدمة، او يسكت على سرقة الماء والكهرباء، والمزارع الذي يسقى بماء غير نظيف، او يستعمل مواد كيماوية محرمة، هل هو مجاهد ام فاسد وقاتل ايضا؟!.

سمسار الخضار والفواكه الذي يرهن المزارع مقابل ان يداينه، وينهبه ليلا ونهارا، ويشتري بضاعته بسعر بخس، ثم يبيعها بسعر جنوني، هل هو فاسد ام مجرد تاجر. في الاغلب فاسد يستحق الدفن حيا؟!.

سائق التاكسي اذا تمكن من سرقتك فلا يوفر في حالات، واذا وقع معه سائح عربي او اجنبي، لف به ودار لزيادة الاجرة، والطبيب لا يرحم ايضا ويرفع اجرة الكشفية، ويضع المريض العربي في «مولينكس» الاجور والفحوصات الوهمية.

البائع يبيعك البضاعة ويقسم الف يمين عليها، ويتبين لاحقا ان ايمانه كاذبة، والاف التجار يبيعون بضائعهم باسعار تشوي وجوه الناس، فلا يرحمون احدا، والمدارس والجامعات ايضا تشوي الناس، وتمارس الفساد والفهلوة بطرق مختلفة.

حتى لا نبقى نضحك على انفسنا، لم نعد مجتمع الملائكة، وقد تغيرنا كثيرا، والكل يمارس الفساد والفهلوة بطريقته، الا من رحم ربي، والفاسد الصغير شريك مع الفاسد الكبير، والكل ينهش بطريقته، من خلطة «القطايف المغشوشة» وصولا الى «الاراضي المبيوعة».

بعد ذلك لا تسألون عن المطاعم المغلقة فقط، لكن اسألوا عن الضمائر الباردة لمن عملوا فيها، وسكتوا طوال هذا الوقت على اطعام الناس طعاما فاسدا، لكنهم تذمروا من سائق السرفيس عند عودتهم اذ حاول اخذ قرش زيادة منهم، باعتبار ان السائق فاسد صغير.

لم يسرقنا الفاسدون الكبار، لولا ان بيننا اضعافهم من الفاسدين الصغار، والكل يعبد القرش، ويقول له: أُعلُ هُبَل، فقد عدنا الى جاهليتنا.

(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
29-07-2012 01:20 AM

اخ ماهر اسمح لي ان اختلف معك والاصح هو لولا فساد الكبار لما تجرأ الصغار اي اذا فسد الكبير يفسد الصغير والدليل اخ ماهر هو انه اذا كانت الفلينة محكمة الاغلاق لايفسد مابداخل القنينة. ومشكلة الامة العربية هي صدقني مشكلة فلينة وليست مشكلة قنينة, القنينة مصنوعة من الزجاج الاصلي الكرستال والفلينة معمولة من المواد الهاملة. وفهمك كفاية.

2) تعليق بواسطة :
29-07-2012 01:47 AM

بالعكس، لولا فساد الكبار لما فسد الصغار. هل سمعتم عن "Leading by example".

3) تعليق بواسطة :
29-07-2012 02:43 AM

لو عوقب الفاسد السارق المارد الكبير لكان عبرة لمن خلط «القطايف المغشوشة» كون من سرق «الاراضي نال جزاؤه اولا .!! لا اظن ان هذا فاتك يا مارد الكتابة ويا بعيدا عن الضمير البارد لتشقلب الموازين ، حكم الاسلام للسارق قطع يده ليكون عبرة لغيره ، ولكوننا دستوريا دولة مسلمة ان طبق هذا الحد لنهار المجتمع الاردني حسب مقالك ولن يستطيع احدا ان يصفق لا لموكب قادم ولا لمغني يطربنا باغانيه الوطنية ، وان بقي النظام على حاله من المؤكد سيسارع بسن قوانين مؤقتة جديدة لاجبارنا بوجوب اطلاق الزغاريد تعبيرا منا للحفاوة بالموكب القادم وإلا سنكون قليلين الادب على حد فهمه !! هذه الحلوله وهذه منهجيته نظامنا . يطبق الغلاء على المواطن الكحيان والغلاء لن يصيبه او يتأثر به فهو قادر على شراء الخبز لو بلغ سعر الكيلو عشرة دنانير . هذا ان كان الخبز ما زال اساسيا له ولم يستعيضه بالبسكويت او الكرواسون .من المغفل الذي لا يصدق بان ما جاء بمقالك غير مبرمج ومخطط له يا ابو طير

4) تعليق بواسطة :
29-07-2012 05:48 AM

It is very simple . Take the west for example what they do and how they live .Laws control their lives and transparency. Electricians , carpenters, mechanics.........name it they have to have license to practice their jobs. Nurses too they call it registered nurse...... so it is not enough that people graduate from colleges or universities , they compete within a license procedures.
Look at this Web site in North America
http://www.bbb.org/canada/ it is called better Business Bureau, where they accredit Business and you can as consumer file a complain against any type of business . Bottom Line they live in an organized manner with LAWS govern their life style .While on the other hand we live in Chaos , no one bothers to have creativity in his work.read my comments on food pollution and violations and what I suggested we should have
accreditation of restaurants, bakeries.....where public can view it on line and even these places hang it on their door .This make them compete to provide better services.Pay the inspectors 50% of the fine ,this will stop bribery and have special courts
environmental, food, water, ....all health and safety matters .

5) تعليق بواسطة :
29-07-2012 06:43 AM

كثر الكلام في هذه الأيام عن الإصلاح ومحاربة الفساد فالفساد منتشر في كل مكان، والفاسدون موجودون في كل موقع، وطاقات وقدرات وأموال الأمة مسروقة منهوبة، والشعب المسكين في عالمنا العربي لا يملك شيئاً..
وتذكرت في هذا الجو العجيب؛ الصحابة وخليفتهم الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان هو القدوة العملية لهم في الإصلاح وأداء الأمانة
لما أرسل إلى الخليفة عمر بن لخطاب في المدينة نصيب بيت المال من غنائم بلاد فارس - وهو خمس الخمس - وكان كبيراً يقدَّر بالملايين.. وأمر عمر بوضع هذه الغنائم في بيت المال..
وبعدما أدوا الصلاة؛ أراد عمر أن ينظر إلى الغنائم، فتوجّه إلى مقر بيت المال، ومعه مجموعة من كبار الصحابة، منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونظروا إلى الغنائم وكثرتها ونفاستها وارتفاع ثمنها.. فأعجب عمر بذلك، وشكر الله عليه..
ثم تكلّم عمر بكلمة عجيبة، ردّ عليها عليّ بردٍّ أعجب، ويصلح كلام عمر وردّ علي أساساً لخطة الإصلاح ومحاربة الفساد!
قال عمر يمدح رجاله: إن قوماً بعثوا هذا لأمناء!!
فقال له علي: يا أمير المؤمنين! عفَفْتَ فعفّوا، ولو رتعتَ لرَتَعوا!!
أي: كنتَ أميناً قبلهم، فاقتدوا بك في الأمانة، فصاروا أمناء!
لقد عففت أنت عن أموال الأمة، ولم تأخذ شيئاً من المال العام، فعفّوا هم مثلك، ولم يأخذوا منه درهماً ولا ديناراً.. ولو رتعت في المال العام لرتعوا، ولو سرقتَ منه لسرقوا، ولو جمعتَ منه الملايين لجَمَعوا منه ما استطاعوا، فأنت القدوة لهم.
لقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قمة الذكاء، وهو يضع أصبعه على أساس الصلاح والفساد في الأمة، ويجب على كل جاد وصادق في تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد في أي بلد في هذا العالم أن يأخذ معادلة علي رضي الله عنه..
إن الأساس في ذلك هو الزعيم، الحاكم، المسؤول، رأس النظام، سواء كان ملكاً، أم رئيس جمهورية، أم رئيس مجلس قيادة الثورة.. إذا «عفّ» هذا المسؤول الأول؛ «عفّ» رجاله ووزراؤه وحاشيته ورعيته.. أما إذا «رتع» فيه، واعتبره ملكاً له؛ فإن رجاله ووزراءه سيفعلون مثله..
فإذا أردت أن تعرف وضع بلد في هذا العالم؛ فانظر إلي تصرف المسؤول الأول فيه!!
ورضي الله عنك يا علي! فقد وضعتَ المعادلة الصادقة في الإصلاح ومحاربة الفساد: إذا عفّ الحاكم عفّت الرعية، وإذا رتع الحاكم رتعت الرعية!! والله المستعان!!

6) تعليق بواسطة :
29-07-2012 12:54 PM

آخ يا زمان الشقلبة وش سويت...جمله كان يكررها الفاضل نبيل المشيني أطال الله في عمره.

7) تعليق بواسطة :
29-07-2012 01:26 PM

التلم الاعوج من الثور الكبير واكبر دليل شوفو الاطفال كيف يقلدون اكبرهم

8) تعليق بواسطة :
29-07-2012 10:32 PM

أصبح من حق الكبار وحتى صغار الموظفين في الدولة الذين إنبرت ألسنتنا ونحن نهتف ضدهم ونلمزهم بالفساد أصبح اليوم من حقهم أن يكيلوا لنا الصاع بصاعين ويتجمعوا في مظاهرات صاخبة تدين فساد العامة من شعب احسن الكاتب في توصيف سلوكهم وفسادهم .
عندما علقنا اكثر من مرة أن الفساد ليس فسادا حكوميا فحسب ولكنه فساد مجتمعي أصابنا وكأنها لعنة إلاهية .
لن يصلح الفرد إذا لم تصلح أسرته .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012