أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


الفوسفات ... مئات الملايين الضائعة

بقلم : ناهض حتر
01-08-2012 11:42 PM
سعى أحد الصحافيين إلى تبييض صفحة إدارة شركة الفوسفات السابقة ( المتهمة بالفساد) بالوسائل المعتادة، كالتلاعب بالأرقام والتحايل في عرضها وخلط الأوراق وتقويل الناقدين ما لم يقولوه، وتبسيط القضية المطروحة بصورة مخلّة، ليتوصل، بعجالة، إلى أن كل ما أثير عن مئات الملايين الضائعة على الخزينة، في الفوسفات، لا أساس له.
لكنها، مع ذلك، مناسبة لإعادة بحث قضية الفوسفات برمتها:
أولا، الاعتراض الأول هو على خصخصة الفوسفات التي مكنت الشريك الأجنبي / المحلي، منذ 2007، من الحصول على أكثر من نصف الأرباح السنوية لشركة الفوسفات ( حققت عام 2009 في إحدى ذرواتها ما يقرب من ربع مليار دينار)، مقابل استثمار بسيط في شراء الأسهم ـ بلغ 88 مليون دينار ـ ومن دون أي استثمارات جديدة في التكنولوجيا أو العمليات أو الإدارة أو التسويق، بل إن الربح الصافي الذي حققته الشركة للنصف الأول من هذا العام 2012، والبالغ حوالي 76 مليون دينار، يغطي، وحده، حوالي نصف قيمة الاستثمار الأجنبي الأصلي.
إن الربحية الخيالية التي يحققها الشريك الأجنبي ـ مع افتراض النزاهة والكفاءة ـ تعد وصمة عار في جبين الخصخصة التي لم تقدم لقطاع الفوسفات في بلدنا شيئا، وإنما حصدت الأموال بالجاروفة، مما يفسر ما ورد في أحد خطابات خصخصة الفوسفات من أن الأردن يقدم فوسفاته هدية لسلطنة بروناي.
ثانيا، الاعتراض الثاني هو على عقد الخصخصة الذي يمنح للشريك الأجنبي (أ)حق الإدارة التي مارسها حتى الآن، أردنيون يمثلون المستثمر الأجنبي ( فما هي، إذاً، ضرورة الخصخصة أصلا؟) وكذلك (ب) حق الامتياز غير الدستوري للشركة المخصخصة، و(ج) الالتزام برسوم تعدين شبه مجانية ( دولاران للطن! وسأدع للقارئ أن يحسب الأموال الضائعة على الخزينة إذا افترضنا أدنى قيمة لرسوم التعدين، وهي 15 دولارا للطن في ثلاثة ملايين طن تم تصديرها في النصف الأول من العام 2012).
ثالثا، الاعتراض على سيطرة الإدارة السابقة على العمليات من الباطن، وما اعتورها من شبهات. ولا يمكن شطب هذا الملف بمجرد مقال دعائي، ولكن القضاء وحده هو الذي يمكنه البت بالنتيجة.
رابعا، بالمقارنة، فإن تغيير الإدارة، حقق للشركة في النصف الأول من العام الحالي 2012، زيادة في الأرباح الصافية بمبلغ 12 مليون دينار عن الفترة نفسها من العام السابق 2011. ولم تنجم هذه الزيادة عن ارتفاع الأسعار، وإنما عن انخفاض التكلفة وزيادة قيمة المبيعات. وهذان هما الملفان اللذان كانا موضع شك بوصفهما مجالا للتربّح من خلال استغلال النفوذ. وسنرى ، مع نهاية العام، نسبة الفارق في تكلفة المبيعات وقيمتها المقارنة بين 2011 و2012 لكي نرى حجم الأموال التي سبق تبديدها في سوء الإدارة أو الفساد.
خامسا، بالنظر إلى ما سبق، يمكن لأي مراقب أن يحسب الأموال الضائعة على الخزينة جراء خصخصة الفوسفات وتدني رسوم التعدين وعمليات التربّح السابقة، لكن تصوّرنا لتحويل الفوسفات إلى مورد ملياري للخزينة، ينبني على جملة من العناصر المتعاضدة، وهي:
فسخ عقد الخصخصة، واستعادة ملكية حصة الشريك الأجنبي / المحلي، زيادة رسوم التعدين بصورة عادلة،الاستثمار في عمليات التنقيب والتعدين والتصنيع والتسويق التي يقوم بها الآن متعهدون، وتنفيذها من خلال شركات قطاع عام حليفة.
أخيرا، فإنه من المؤسف أن تتداخل أوراق الإعلام والإعلان في مناقشة القضايا الكبرى.

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012