أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


ابعاد الدعوة الملكية لتأكيد ترسيخ قيم المواطنة والعدالة وسيادة القانون

بقلم : الدكتور شفيق علقم
06-08-2012 11:00 AM


لما أكد جلالة الملك على ضرورة تكاتف الجميع بالعمل سويا لتعزيز قيم المواطنة والديمقراطية والعدالة ،وتحقيق سيادة القانون، والحفاظ على المنجزات والبناء عليها ،و اثراء روح العمل الجماعي، فإنما دعا جلالته المؤسسات المجتمعية بكل مكوناتها وهياكلها وأهدافها ورسالاتها... الاعلامية منها والدينية والتعليمية والثقافية والعلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية ... إلى التكاتف والتآزر والتعاون فيما بينها ؛ بتحمل المسؤولية لبناء وترسيخ هذه القيم النبيلة ، فهي دعوة استنفارية للمجتمع الاردني بكل أطيافه وتشكيلاته ، أفرادا
و جماعات لتحقيق أهداف هذه القيم ، وترسيخ معانبها وممارساتها والنهوض بها
فالمواطنة قيم وقانون وسلوك وولاء و انتماء ، وان كان مفهوم المواطنة ما زال ملتبسا وغامضا لدى كثير من دول العالم الثالث ؛ فإن جذوره ضاربة معانيه في تراثنا و مبادئنا ؛ فقد تم التنصيص على حقوق المواطنة في وثيقة المدينة التي نظمها الرسول الأعظم - صلوات الله وسلامه عليه - حيث وضع معالم العلاقة بين المسلمين وغيرهم ؛ فانطوت هذه الوثيقة على حقوق وواجبات متبادلة بين الطرفين . وهكذا فإن قيم المواطنة والعدالة والمساواة و الحرية هي قيم اسلامية عريقة نادى بها رسول البشرية صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرنا ونيف .

فأصبحت هذه القيم في العصر الحديث عماد اعلان حقوق الانسان ،حيث تعزز مفهوم المواطنة بالتنصيص على الحقوق والحريات في ميثاق الامم المتحدة ،و ضمن دساتير الدول الاوروبية كافة ،حيث تضمن مفهومها منظومة حقوقية متكاملة .
فالمواطنة هي المبادئ و الافكار والقيم و الأسس التي يستهدي بها ويسلكها المواطن ؛فتضمن له الرضا والاستقرار والثبات و الطمأنينة والتوازن في نفسه وذاته و حياته .
وان المواطنة الحقة هي ممارسة اجتماعية تمكن الافراد من الانخراط في خدمة مجتمعهم و وطنهم والمشاركة في تدبير شؤونه والمحافظة على تماسكه
ووحدته الوطنية ،ومع أن القول الشائع، بأن المواطنة تقوم على ثنائية الحق والواجب ،ومعالجة الاختلالات اللاتوازنية بين جدلية الحق والواجب؛ الا أن المواطنة ليست منبرا للمطالبة بالحقوق مع احترام أحقيتها ، انما المواطنة الحقة ترتكز وتبنى على منظومة القيم النبيلة المشتقة من العيش المشترك في هذا الوطن الكريم ،والانتماء اليه وحبه وخدمته و الذود عنه والتضحية من اجله ،ومن اجل عزته وازدهاره والحفاظ على أمنه واستقراره .

فكما يقال الوطن يملك أهله ولا يملكونه ، اذ ان الجميع أهل الدار وأهل الوطن ، وتقع المسؤولية عليهم جميعا دون استثناء؛ مما يفرض على الاردنيين جميعا الترابط والأخوة الوطنية والانتماء للأسرة الاردنية الكبيرة.
ان تشكيل الشخصية المنتمية للوطن، المتفانية في خدمته ،المحافظة على انجازاته وخيراته، هي ما يجب أن تكون عليه رسالة المؤسسات المجتمعية المقصودة، فالمواطنة مشاركة وتفاعل، وبذل وعطاء بين الانسان ووطنه ، والمؤسسات بشتى أنواعها باتت اليوم مسؤولة عن تعزيز قيم المواطنة واحترام القانون ؛وذلك يبنى على معرفة الانسان بحقوقه وواجباته في آن واحد، وهي التي تؤكد ترسيخ قيم الامن والاطمئنان والامان.

اننا بحاجة إلى اعادة بناء ثقافة المواطنة بطرق علمية سليمة، تقوم على منهجية مدروسة ،سلسة التناول والأهداف؛ لتقودنا إلى بناء الانسان المواطن بشكل متوازن ،يتقدم لديه الاحساس بالواجب على الاحساس بالحقوق، والاحساس بالهم الوطني على الاحساس والشعور بالهم الذاتي، فالمواطنة ليست حسبة مادية جافة في الربح والخسارة ،وانما هي روح وحب وعشق وتضحية للوطن واخلاص وتفان وجدية في العمل واتقانه دون شعور بالمنة ودون حاجة إلى رقابة من أحد مهما كانت درجة مسؤوليته
ان دعوة جلالته تحمل في طياتها رسالة كبيرة وعميقة
في مدلولاتها ؛فهي قواعد أساسية احتوت عناصر ومبادىء وأساسيات الدولة الحديثة،
كما أن تلقيح بث روح المواطنة لدى الافراد بالقيم الديمقراطية يجب ان يسير كفعل يومي في الاسرة والمدرسة والاعلام والمحيط المجتمعي بكافة اشكاله، فأينما توجد الديمقراطية فثمة مواطنة حقة وأينما تختفي فلا مجال للحديث عن المواطنة.
ويتأتى أن تصاحب عمليات وفعاليات ترسيخ قيم المواطنة قيم سيادة الحق والقانون ودمقرطة المؤسسات العامة والخاصة القائمة على ارادة شعبية حرة ؛ لأن توفير مناخ سليم دافيء تشارك فيه هذه المؤسسات هوأساس ترسيخ هذه القيم.
ان سيادة القانون واحترام الجهاز القضائي وتحصينه والعمل على استقلاله هو احد أهم أركان بناء الدولة الحديثة، وهو الاساس المتين لاستقرار المجتمعات، فبدون العدالة يلجأ الناس إلى أخذ حقوقهم بأيديهم ،فتنتشرحينئذ الفوضى وتسود شريعة الغاب، وحينئذ تقع الطامة الكبرى.

لقد رد تشرشل على رفض نقل مطار كان بجوار احدى المحاكم البريطانية أثناء الحرب الثانية ؛ لأنه كان مصدر تشويش على أعمال المحكمة رد بقوله: من الأفضل أن تخسر بريطانيا الحرب على أن يقال أنها لا تنفذ حكم القضاء!!! أرايتم ؟! بمثل هذه القيم تبنى الديمقراطية ،لا بفرض قوانين الطوارىء والاحكام العرفية.
ان انحدار منظومة القيم الاخلاقية يؤدي إلى فساد كبير وافراز المفسدين، وخلق مشكلات ومصاعب جمة؛ فاحترام القانون وترسيخ قيم العدالة ومحاربة الفساد والمفسدين، واعطاء كل ذي حق حقه ،واعادة تثقيف المجتمع بالقيم الراسخة ؛هي الكفيلة ببناء مجتمع حصين متماسك الاركان قوي البنيان .
فالديمقراطية التي دعا اليها جلالته ليست شعارا ولا معزوفة سيمفونية ، وانما هي ممارسة وسلوك مجتمع متكامل للمبادىء والافكاروالقيم والحقوق،وان اساس التطبيق الفعلي للديمقراطية هو الوعي السياسي للمجتمع وهذا مسؤولية الاعلام والاحزاب ومنظمات المجتمع المحلي .

ومن القيم الديمقراطية التي هي بحاجة إلى تعميق وترسيخ في مجتمعاتنا، ارساء دولة القانون واحترام السيادة الوطنية ؛حيت لا يكون هناك مكان لعابث او مارق ،وتطبيق التشريعات الوطنية حيت لا يكون مكان لمتنفذ او مهيمن، وارساء ثقافة الحوار والرفق حتى لا يكون مكان لمتسلط او متجبر، فالحوار ارقى ادوات الديمقراطية لان الديمقراطية تتغذى وتنمو مع صراع الافكاروعصفها ،و تفسد وتموت مع صراع الاجساد وتصادمها.
ومن القيم الديمقراطية التي تبنى عليها الدولة الحديثة التسامح وحرية الرأي والتفكير والتعبير، وحرية تكوين المجتمعات والجمعيات والمساءلة بشفافية ،ومكافحة الفساد والمفسدين، وحرية الاديان وحماية حقوق الافراد والاقليات
وحرياتهم السياسية والدينية والجنائية والمدنية والاقتصادية والمساواة بين ابناء الوطن الواحد فالوطن للجميع دون استثناء والجميع أهل الدار والمواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.

أما العدالة فمع اأنها قيمة عليا ترتبط بعالم المثل- كما يقول الفلاسفة- الا ان اعلاء قيمتها وممارستها يكون بالمساواة والانصاف والموضوعية واعطاء كل ذي حق حقه وان يتقاسم ابناء الوطن بينهم الافراح والاتراح والصالح والطالح بطريقة عادلة من لدن يد القضاء و النزاهة .

يقول عالم الاجتماع (كنت) ان العدلة ترتبط بثلاثة معايير أخلاقية هي الحرية والكرامة والواجب، فهي ضمان حق الانسانية للانسان، وحفظ كرامته وحقوقه،
وكما يقول ارسطو ان العدالة تتثمل في الوسط الذهبي لا افراط ولا تفريط.
ومن القيم العصرية التي أكد عليها جلالته؛ مما يجب تعليمه وترسيخه وتنميته وممارسته لبناء شخصية المواطن ،قيمة العمل الجماعي وغرس روح الفريق، فهي من أكبر مصادر اثراء العمل والانتاجية واتقان الاداء وتقدمه في كل مناحي الحياة الاقتصادية ،كما ان بث روح التنافس الشريف وبناء الانسان التنافسي من أهم عناصر النجاح في الادارةالحديثة.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-08-2012 12:55 AM

الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012