أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


أوقفوا "النزف الداخلي"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
07-08-2012 12:11 AM
هدأت الأوضاع في منطقة الهاشمي الشمالي على إثر زيارة وزير الداخلية ومدير الأمن العام إلى عشائر الدعجة ليلة أول من أمس، بعد ليلة صعبة على أهالي المنطقة، قام خلالها مئات من شباب العشائر بإغلاق طرق رئيسة بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على استشهاد الضابط عبدالله الدعجة، خلال تأدية واجبه الوطني في منطقة الموقّر.الضابط الشهيد لقي حتفه في أحداث شغب في منطقة الموقّر، قام بها أفراد من عشيرة الخريشة، وأدت إلى اعتداء على مركز للأمن ومركبات أمنية، ومواجهات بين الأمن والمحتجين على عملية الكمالية التي قامت بها الأجهزة الأمنية قبل أيام ضد 'خلية' مسلّحة.هذا المشهد ليس استثناءً، إنما خطورته في الرقعة الاجتماعية والعشائرية الواسعة له. ففي الوقت نفسه، انتهت اشتباكات في إحدى قرى الشمال على خلفية عشائرية، خلفت العديد من الإصابات، واستخدمت فيها الأسلحة النارية، وهي أحداث باتت بمثابة خبرٍ يومي لنزيفنا الداخلي.بالنتيجة؛ المشهد العام بات مختطفاً لأحداث العنف والشغب المتتالية على خلفيات عشائرية؛ سواء في المدن والقرى، أو في الجامعات أو حتى في ملاعب كرة القدم. وهي ظاهرة تستحق الوقوف عندها مطوّلاً، وقراءة ما ترسله من إشارات ودلالات خطرة، وفي صلب ذلك كله النتائج المباشرة للسياسات الرسمية خلال الحقبة الماضية التي أدّت إلى النفخ في الأوعية العشائرية بصورتها السلبية، على حساب الدولة والمواطنة والقانون.لأنّ الثقة بالدولة تضعضعت كثيراً، واحترام سيادة القانون محل شك عميق لدى شريحة اجتماعية واسعة، ولأنّ شعوراً بأنّ المعادلة القائمة على استعراض العضلات هي المحدّد الأهم اليوم مع الدولة والمكونات الاجتماعية الأخرى، من أجل ذلك بدا المشهد العام وكأنّه في حالة فوضى عارمة، تعلوه أحداث شغب ومكاسرة، تارةً تدخل الدولة طرفاً فيها، وتارةً أخرى بين العشائر والتجمعات المختلفة!في المقابل، لم يعد الملعب العشائري حكراً على الحكومة وأجهزتها، إذ تسعى المعارضة اليوم إلى توظيفه بما يخدم أجندتها وصدامها مع الدولة، وهو ما شهدناه بوضوح في المؤتمر الصحفي الذي أقامته شخصيات من عشيرة الخريشة، وتحدّث فيها معارضون حرّضوا الناس ضد الأجهزة الأمنية، بدلاً من أن يحاولوا تقصّي حقيقة العملية واحتواء دعوات التصعيد داخل العشيرة!نحن نلعب بالنيران، وانتشار المواجهات المسلّحة وأحداث الشغب والعطوات الأمنية، هو تعبير صارخ عن 'فلّة حكم' تقلق الجميع، وأسوأ تعبير عنها اليوم الإعلان عن مجالس سياسية للعشائر، وكأنّها أصبحت سلطة موازية أو بديلة للدولة. وهذا دفع –بالضرورة- أبناء المدن والأردنيين من أصل فلسطيني إلى القلق على أمنهم ومستقبلهم، وجذّر الشعور بالإقصاء السياسي والتمييز الإداري ضدهم، طالما أنّ المعيار العشائري أصبح أساسياً في المشهد السياسي.انحدار السياسات الرسمية بعد عقود من بناء الدولة ومؤسساتها إلى تعزيز الخطاب العشائري في الجامعات والتجمعات والحياة النيابية والسياسية، وما تخلله من سياسات الاسترضاء للنواب والوجهاء في التعيينات والقبول الجامعي والمطالب الخدماتية الأخرى، وفي قانون الانتخاب، بذريعة التعبئة الاجتماعية تحت راية الولاء والانتماء، هذه السياسات أنتجت لدينا 'استقواءً' على الدولة ومؤسساتها من جهة، ومنطقة رمادية في صوغ العلاقة بين الدولة والمجتمع تأخذ طابعاً وجاهياً واجتماعياً وعشائرياً!وقف النزف الداخلي والسلم الأهلي، واستعادة الدولة، تتطلب الخروج من حالة الفوضى الحالية البائسة والمقلقة لنا جميعاً، والطريق إلى ذلك تمر عبر تشريعات وسياسات مختلفة تماماً عما تتبناه الدولة اليوم؛ فالأصل أن تكون مظلة الدولة والقانون فوق العشيرة والانتماءات الاجتماعية، وليس العكس، بدلاً من ذلك فإن المسار الراهن يأخذنا باتجاه تكريس هذا المشهد الرديء!

(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-08-2012 09:12 AM

السبب لأنه في قناعه المواطنين الدوله غير قادره بل لاتريد محاسبه الفاسدين الذين افقرو البلاد ونهبو الاموال العامه والحكومه تستقوي على المواطنين الضعفاء وتستعرض بشكل عدائي وأرهابي فعند محاوله القبض على مطلوب تحرك قوات مسلحه ترافقها كامرات التصوير بصوره بهرجيه وأستعراضيه جعل المواطنين يرو ان الدوله غير واثقه من نفسها ؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
07-08-2012 10:30 AM

العشيره في الاساس ومن منظور نظرية
النظم هي (نظام اجتماعي - مع التأكيد
على ،إجتماعي)، ونظرية النظم تفترض ان
هناك انظمه رئيسيه وأنظمه فرعيه والفرعي منها يرتبط بالرئيسي او هو
متفرع عنه ولكل واحد منهما بيئته
الداخليه والخارجيه يتفاعل معهما
ويتبادل بينهما التأثيرات .
ولكل نظام اهدافه ووظائفه وعندما
يستخدم اي نظام لأداء وظائف غير التي
وجد اصلا من أجلها يعتريه الخلل والخروج
عن قواعده الوظيفيه وبالتالي فقدانه
لوظيفته.
ولكل نظام مدخلاته ومخرجاته وتغذيته
الراجعه،وعمليات تتم داخله والمدخلات
تكون على صورة مدخلات ماديه ومعنويه
وفي الانظمه الاجتماعيه تكون المدخلات
الماديه مدخلات بشريه واقتصاديه اما
المدخلات المعنويه فهي في الغالب ثقافيه
وحضاريه،يكون لها تعبيراتها الماديه، أما
من حيث المخرجات في الانظمه الاجتماعيه
فتكون متنوعه منها ماهو سلوكي او
طقوس اجتماعيه معينه بعضها يرتبط
بالدين اوبمناسبات اخرى كالأعياد
وخلافه.
وباتفاقنا أن العشيره نظام اجتماعي
فهي نظام قديم من أنظمة ماقبل الدوله
وماقبل(الأنظمه السياسيه)وهي بذلك
في الاساس نظام اجتماعي له وظائفه
(الاجتماعيه) المحدده.
أي انه لايرقى الى الوظائف السياسيه
التي تمارسها الدول والأنظمه السياسيه
لأنهما في الأساس ذوي وظائف سياسيه.
العشيره إذن نظام اجتماعي ذو
وظائف اجتماعيه وبالضروره أنه ومن
حيث شكله التنظيمي يجب ان يتطابق مع
وظائفه وتفاعله مع بيئته الداخليه
والخارجيه ومدخلاته ومخرجاته وعملياته
والتي كلها تتمحور حول ماهو إجتماعي
وقلنا أن أي نظام إذا ما مارس وظائف
غير التي وجد من أجلها فإن آلية عمل
النظام وميكانيزماته الداخليه
والخارجيه يعتريها الخلل.
وهذا ماحصل بالنسبه للعشائر التي
استخدمت لأداء وظائف غير التي وجدت من
أجلها ، فالعشيره وطيلة المرحله الماضيه
وبالأخص في مرحلة الحرب البارده المناهضه
لحركات التحرر الوطني،تم استخدامهالأداء
وظائف سياسيه وتنظيميه/سياسيه وفكريه
ثقافيه .
ونتيجة لهذا الاستخدام والتوظيف
الغير متوافق اصلا مع وظيفة العشيره
كنظام اجتماعي حيث أخذت بأداء وظائف
سياسيه وفكريه/ثقافيه سياسيه
وتنظيميه/سياسيه،فقد اعترى هذا النظام
خلل الوظيفه والأداء،وبالطبع فإن هذا
الخلل خضع لقانون(التراكمات الكميه
تفضي الى تغير في الكيف).
والحل ببساطه أن تعود العشيره لممارسة
وظيفتها(كنظام إجتماعي) وأن تمارس
السياسه والفكر السياسي والتنظيم
السياسي،الأنظمه المعنيه بالسياسه
والتظيم.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012