أضف إلى المفضلة
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024


مرة أخرى ، على حساب الأردن

بقلم : ناهض حتر
16-10-2012 11:59 PM
هناك اضطراب في إسرائيل؛ فالتطورات الإقليمية والدولية، تشير إلى نهاية مرحلة السماح، وبدء مرحلة الاستحقاقات. تواجه تل أبيب في الشمال عدوا صغيرا لكنه بالغ الكفاءة والجدية ويتمتع بقدرة استثنائية على الردع، يتمثل في حزب الله. وهو ما يجعل الصراعات الإسرائيلية ـ اللبنانية حول الأرض والمياه والغاز والنفط، غير ممكنة الحل بوسائل القوّة. توازن الرعب يفرض النزوع إلى تسوية أصبحت ضرورية لتأمين سلامة الاستثمارات الضخمة القائمة والقادمة.
كان حلف الغاز الإسرائيلي ـ القَطري يأمل بإسقاط النظام السوري، وترك حزب الله لمواجهة مصيره في حرب أهلية مذهبية. هذا السيناريو هو الذي يسقط؛ سورية صمدت وستصمد، وأي تغيير سياسي فيها سيكون داخليا ولن يقترب من الثوابت الجيوستراتيجية للدولة السورية. وهذا هو لب السياسة الروسية والمبادرة الإيرانية: انتخابات رئاسية بإشراف الرئيس بشار الأسد، بإشرافه ( أي في سياق خياراته الاستراتيجية) وليس بمشاركته. هذه هي التسوية السورية. وستديرها موسكو وطهران. معنى ذلك أن الفرص الإسرائيلية للحرب على إيران قد تراجعت كليا. بدلا من ذلك، يعترف المبعوث الدولي، الأخضر الإبراهيمي، صراحة، بالدور الإيراني في التسوية السورية. يتطلب ذلك، أقله، تسويات إقليمية جزئية ؛ملف الجولان سيكون حاضرا، بالضرورة، على الطاولة. هنا، ليس أمام إسرائيل سوى الانسحاب إلى حدود 4 حزيران 1967 بلا قيد ولا شرط. (وسأشرح في مقال لاحق لماذا.)
بالمقابل، هناك تصعيد غير مسبوق من قبل حزب الله في اتجاهين؛ الطلعات الاستكشافية للطيارات من دون طيارين فوق فلسطين المحتلة و' المنشآت الحيوية' في البحر والبر، رسالة بليغة حول إمكانات حزب الله وعزيمته على المواجهة، لكن الأهم إعلان حسن نصرالله الصريح عن استعداد الحزب للقتال إلى جانب السوريين في مواجهة غزو خارجي، خصوصا من قبل تركيا.
تركيا ـ مثلما السعودية وقَطر ـ الآن تلملم شعث تورّطها في سورية، حيث خسرت المعركة. يعني ذلك تراجع الخيار الحمساوي، المقترَح قَطريا، للتسوية الفلسطينية، وتراجع الخيار الإخواني في الأردن. سيعود محمود عباس ـ المهمّش خلال سنتيّ الصعود الحمساوي الإخواني ـ إلى موقع المفاوض الرئيسي، وسيتمكن الأردن من إجراء انتخابات ذات صدقية ومعترف بها إقليميا ودوليا من دون الإخوان المسلمين وحلفائهم.
في إسرائيل يدرك الزعيم العمالي ، أيهود باراك، مع تيار رئيسي في المؤسسة الحاكمة، كل ذلك، ويرى فيه فرصته السياسية. وسوف يبدأ باكتشاف إمكانيات الحل المؤقت في المسألة الفلسطينية، كضرورة لحرية الحركة الإسرائيلية في الملفات الأخرى، وخصوصا لتلافي تسوية دولية تُفرَض على تل أبيب في فلسطين ، في سياق التسويات الإقليمية الكبرى.
مشروع باراك جاهز: الانسحاب الأحادي من أجزاء من الضفة الغربية بعد قضم المستوطنات ومحيطها وطرقها، خلف الجدار الاستيطاني، بالإضافة إلى الشريط الأمني في الأغوار الفلسطينية. ميزة هذا المشروع بالنسبة له تكمن في إمكانية تحقيق إجماع المؤسسة الإسرائيلية حوله الآن. لكن تظهير الانسحاب الأحادي الجزئي كتسوية ـ ولو مؤقتة ـ يتطلب التفاهم مع السلطة الفلسطينية التي سيكون بإمكانها إعلان دولة بحدود مؤقتة، والغرق، لاحقا، في مفاوضات ماراثونية تكرر سنوات أوسلو الطويلة.
في عمان، عرض باراك مشروعه على عباس، وقيل إن الأخير رفضه. لكنني ، مع ذلك، ورغم أننا نعيش في ربع الساعة الأخير قبل خضوع إسرائيل للتسويات الدولية، فإنني أخشى أن تتورّط السلطة الفلسطينية، مرة أخرى، في اللعبة الإسرائيلية.
المشكلة الكبرى ـ بالنسبة لي ـ هي تورّط عمان في تلك اللعبة؛ فالانسحاب الأحادي الجزئي من الضفة وقيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة، سيقودنا، حتما، إلى كونفدرالية تحمّل الأردن، الأعباء الديموغرافية والاقتصادية والسياسية والأمنية للكانتونات الفلسطينية في الضفة ( الفتحاوية ـ الأردنية ) التي سيتكرّس انفصالها نهائيا عن غزة (الحمساوية ـ المصرية).
عودة إلى وضع ما قبل 1967 ؟ شيء كهذا.. لكن مع نصف الضفة الغربية ممزقة وأشلاء مشروع سياسي فلسطيني سيكون على الأردن أن يستوعبه! ما سيفتح أبواب جهنّم شرقي النهر ! .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012