أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


الحوار قيمة بحد ذاته

13-08-2010 02:20 AM
كل الاردن -

د. ارحيل غرايبه – الراي

 

الحوار مع الآخر قيمة بحد ذاته، تستمد جوهرها من الوجود الإنساني وطبيعته، وهو حاجة وضرورة بشرية دائمة لا تتوقف، من أجل فهم الآخر ومعرفته والتفاهم معه، وهو ضرورة مجتمعية كما هو ضرورة أممية، وقيمة حضارية من الطراز الأول لا غنى عنها مطلقاً، وهي ترفع من شأن المحاور ولا تنقص من قدره ولا تحط من شأنه.

 

ابتداءً خلق الله الناس مختلفين، طباعاً وعقولاً، أعراقاً وأجناساً، شعوباً وقبائل، ثقافات وحضارات، مستويات وطبقات...

 

ولكن لا بد للناس رغم هذا الاختلاف من التعايش والتقاطع بغض النظر عن المساحات وحدودها ومقدارها، ولا يتأتى التعايش إلا من خلال التعارف، ولا يتمّ التعارف إلاّ بالاتصال والحوار.

 

والحوار لا يعني النديّة أو المساواة بحال، بل الحوار مطلوب من جميع الأطراف مهما تباينت مواقعها واختلفت توجهاتها، وارتفعت مستوياتها، فصاحب الفكر والعالم والثقافة بحاجة إلى الحوار مع الآخر من أجل نشر فكره وعلمه وانتشار ثقافته، والأقل فكراً وعلماً يحتاج إلى الحوار من أجل الارتفاع بسويته والإطلاّع على أفكار وعلوم أخرى، وهذا هو ديدن أصحاب الفكر والثقافة، وهذا هو ديدن البشر في تجمعاتهم وتنقلاتهم ولقاءاتهم.

 

أمّا عن حوار الحكومات مع الشعوب، فهو أشدّ ضرورة وأوجب حاجة من أجل إقناع الشعوب بقرارات الحكومات وتوجهاتها، وسياساتها، وكل العقلاء يعلمون بداهةً أنّ القناعة المتولدة لدى الشعوب هي الثروة ورأس المال الحقيقي لدى الحكومة الذي يوفر عليها الجهد والمال والقلق والاستقرار.

 

الحوار بين الحكومة والشعب بما فيه من قوى سياسية وشعبية ليس حوار فوقي ولا ندّي، كما أنّه ليس بين صاحب الولاية من جهة وفاقدها من جهة أخرى، أعتقد أنّ هذا تصور خاطئ مستوحى من القرون الوسطى، أمّا الحوار في الأعراف الديمقراطية والنظم المعاصرة، أنّ صاحب الولاية الحقيقية الدائمة والعليا هو الشعب، وما الحكومة إلاّ أداة من أدوات الشعب وتستمد قوتها وضعفها من شعبها.

 

مادة الحوار بين الأطراف السياسية، ليس مصالح فئوية أو جهوية أو حزبية، أو مصالح تخص طرفاً دون طرف، بل هو حوار يجري على مصالح الوطن العليا، التي نتفق جميعاً على حفظها وصيانتها، وهي مقدمة على مصالح الأشخاص والفئات والأحزاب والجماعات.

 

ولذلك ينبغي النظر في قضايا الحوار والمطالب المبسوطة على المائدة، ابتداءً ماذا تخص وأين تصب في نهاية المطاف؟ فإذا كانت تصب في مصلحة فئة أو مجموعة فلا حوار ولا لقاء، أمّا إذا كانت القضايا تصب في مصلحة الوطن والشعب وأمنه واستقراره ونهوضه وقوته، فلا بدّ من الحوار ولا بدّ من أن يتعمق فيها الحوار ويكبر ويمتد حتى يصبح حواراً مجتمعياً وطنياً شاملاً بامتياز. فهل نحن نريد التقدم بالأردن درجة متقدمة نحو الديمقراطية الحقيقية، وهل نريد أن نرتفع بمستوى الشعب الأردني وقدرته على المشاركة والفرز والاختيار وهل نحن متفقون على الارتفاع بمستوى مجلس النواب، ليكون أكثر قوة وقدرة على تمثيل مطالب الشعب الأردني، وأكثر قدرة على القيام بدوره الرّقابي والتشريعي، وأكثر قدرة على النطق باسم الوطن.

 

إذا كانت هذه القضايا هي مدار الحوار، وهي محل الهم العام، فيكون عندها الحوار ضرورة، ومفخرة للحكومة، يرفع من شأنها ولا ينقص من قدرها، كما أنّه لا يلمع أحداً ولا يحرق أحداً، بل حوار بين أهل البيت الواحد، الذي ننتمي إليه جميعاً، وجميعاً نريد حمايته وحفظه دون مزايدة طرف على طرف، ودون انتقاص طرف من طرف، وكل حوار وأنتم بخير.

 

 

 

rohileghrb@yahoo.com

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012