أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


اليوبيل والدرس الأخير من الأمير

07-08-2010 12:52 AM
كل الاردن -

جميل النمري - الغد

 

أقصد مدرسة اليوبيل التي تعرفت عليها على مدار

6 سنوات، هي فترة دراسة ابنتي الأولى والثانية التي ستنتقل الآن الى الجامعة، بتأهيل أفضل مما توفره الجامعة نفسها لشخصية الطالب حتى أكاد أقول إن الأمر سيكون معكوسا، أي أشبه بالانتقال من الجامعة إلى المدرسة، فبينما تستمر جامعاتنا بنظام تدريسي مدرسي تقليدي تلقيني، توفر اليوبيل بيئة تنمي شخصية الطالب وتوسع مداركه وتزوده بأدوات التفكير والتحليل والفهم.

 

قبل أيام، حضرت احتفال تخريج دفعة جديدة من طلبة اليوبيل، وقد كانت عرافة الحفل والكلمات والترتيبات كلها من صنع الطلبة، وقدمت فقرات إبداعية، إلى جانب شهادة من خريج قديم احتلّ بسرعة مواقع متقدمة في ميكروسوفت، وسيعود الآن إلى الأردن، وشرح كيف وكم أثرت فيه تربية اليوبيل، التفكير الحرّ والنقدي وتحفيز البحث وتحمّل المسؤولية والتنافسية وقوّة الشخصية والتواضع والإيجابية، وصدف أن تلقى الطلبة في الحفل الذي رعاه سمو الأمير حمزة بن الحسين درسا أخيرا، إذ وقعت قبعة التخرج عن رأس طالبة وهي تقترب من الأمير لاستلام الشهادة، وإذا بالأمير يترك مكانه ويسارع لالتقاطها عن الأرض، فانتبهت الطالبة وسبقته إليها. كانت حركة عفوية تماما وأعطت درسا مؤثرا في التواضع الذي هو ميزة الكبار الحقيقيين.

 

لم أحصل على إثبات عملي حول أثر المدرسة عموما على شخصية الطالب بأكثر مما حصلت عليه في التجربة مع مدرسة اليوبيل، وفي الجامعة يمكن أن تلمس فورا الفارق بين الطلبة حسب المدارس التي قدموا منها، ولا شكّ أن هناك العديد من المدارس الخاصّة لا تقلّ أنظمتها وبيئتها التعليمية تقدما عن اليوبيل، لكنها في الغالب تجارية جدا وأقساطها أضعاف اقساط الجامعات. ولعلّ اليوبيل وهي تقتصر على الصفوف الأربعة الأخيرة، المدرسة الوحيدة من نوعها شبه العامّة وغير التجارية، وهي كانت شبه مجّانية يأتي إليها طلبة أغنياء أو فقراء، معدمون من كافّة الأوساط والأماكن من دون تمييز وبمعيار وحيد وهو العلامة من المدرسة السابقة وامتحان القبول، وبهذا فهي ليست مدرسة نخبوية لطبقة معينة، وهي تمتاز بتحقيق الانصهار بين فئات اجتماعية من مختلف الأوساط والمستويات يتلقون ثقافة مشتركة، وقد اضطرت المدرسة لوضع اقساط بسبب تراجع الموارد المالية وتزايد الكلف، لكنها اقساط لا تقارن بمثيلاتها من المستوى نفسه في القطاع الخاص.

 

وتصلح اليوبيل نموذجا للاصلاح الذي لا يتطلب مالا كثيرا، بل افكارا جريئة وعقلية تقدمية. في اليوبيل مثلا لا يجلس الطالب طوال العام في الغرفة نفسها على المقعد نفسه، فمثل الجامعة تتوزع الغرف الصفية على المواد وينتقل الطلبة الى الغرفة الخاصّة بكل مادّة، فهناك غرفة خاصّة للكيمياء أو الفيزياء أو الانكليزي للصف العاشر أو الحادي عشر، وقد يبدو هذا أمرا غير عملي لأول وهلة، لكنه ممكن كما ثبت في الواقع وله اثر تربوي ونفسي هائل على الطلبة، هذا لأضرب مثلا واحدا على الأفكار والأساليب الجريئة التي لا تكلف مالا.

 

كنت قد كتبت عن الحاجة الى "ثورة" في التربية والتعليم، فنحن في سباق مع الزمن والتغيير بطيء جدا ومتعثر، خصوصا في المناهج وأساليب التدريس والبيئة المدرسية، ولذلك أيدنا بقوّة مشروع القانون الخاص بالمركز الملكي لبحوث وتطوير التعليم، الذي سيتولى عن وزارة التربية مراجعة المناهج وتطويرها وتدريب وتأهيل المعلمين على أمل أن لا يقع المركز نفسه في الوتيرة البطيئة والبيروقراطية للوزارة.

 

jamil.nimri@alghad.jo

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012