أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


ولادة الطريق العربي الثالث

بقلم : ناهض حتر
28-11-2012 11:20 PM
الطريق الثالث بين الأنظمة والإسلام السياسي، لم يعد مجرّد فكرة لها أنصار بين المثقفين اليساريين والقوميين؛ بل تحوّل إلى حركة شعبية جماهيرية ضخمة في أكبر بلد عربي، مصر.
يسعى الإعلام الإخواني، جاهدا، إلى إلصاق تهمة ' الفلول' بالانتفاضة المصرية ضد الدكتاتور محمد مرسي، ولكنه مسعى لا يستحق النقاش بالنظر إلى ملايين المصريين المشاركين في الانتفاضة ضد الدكتاتورية الإخوانية.
لم تمض شهور بعد على حكم ' الإخوان' حتى طفح الكيل بالمصريين الذين اكتشفوا، في مرسي، مجرد وجه العملة الآخر لحسني مبارك، وفي شتى المجالات؛ فالإخوان، متلهفون ومستعجلون على ترسيخ سلطانهم، يعيدون تأسيس النظام السابق نفسه بالعلاقة مع رجال الأعمال والاستثمار الأجنبي والولايات المتحدة وإسرائيل، ويفرضون، فوق ذلك، دكتاتورية شاملة تتخطى الدكتاتورية المباركية.
الإخوان ليسوا بديلا عن الأنظمة. كلا . وقد أطلق ميدان التحرير حكمه القاطع بأن مرسي ليس سوى مبارك ملتحيا:
' احلق ذقنك
اكشف عارك
يطلع وجهك
وجه مبارك'
ولا شيء يدعو إلى سخرية ثوّار ميدان التحرير مثل ادعاء الإخوان بأن فلول النظام السابق موجودون في الانتفاضة. يردّون: كلا .. بل الفلول موجودون في الحكومة الإخوانية ( حوالي نصف الوزراء) وخصوصا في وزارة الداخلية التي لم تغيّر أساليبها المعادية للشعب، مثلما هم موجودون في وفود رجال الأعمال الذين يصطحبهم مرسي في زياراته خارج مصر الخ ...
خارج هذا السجال، هناك حدث سياسي اجتماعي لم يعد ممكنا تجاهله، وهو أن القوى التي اجتمعت لإطاحة مبارك، انقسمت الآن بين تيارين، تيار الإسلام السياسي ـ وهدفه تثبيت سلطانه في إطار النهج السابق نفسه ـ وتيار الطريق الثالث، المدني الساعي إلى تغيير النهج وفتح الآفاق نحو الديموقراطية السياسية والاجتماعية والثقافية. وهذان التياران تبلورا في مصر اليوم، وانخرطا في صراع سيكون مديدا، لكنه أظهر، منذ اللحظة الأولى، أربع حقائق هي :
ـ لا تعبّر حركات الإسلام السياسي، مثلما تدعي، عن شرعية الإسلام التي يحوزها المسلمون ـ على الشيوع ـ دينا، ويحوزها العرب ـ على الشيوع ـ حضارة. والضربة التي وجهها الشعب المصري للإسلاميين فادحة؛ فالمصريون ـ على خلاف أشقائهم الشوام ـ شديدو التديّن، وهم سنّة تقليديون، وانتفاضتهم ضد الإسلام السياسي تضعه في خانته الصحيحة كتيار دنيوي يرتكز على مصالح فئوية،
ـ لا يستطيع التحالف الأميركي ـ الخليجي أن يأخذ مصر إلى جبهة الصراعات المذهبية والدينية؛ فالإسلام المصري المتحضر المتسامح، السني والمحب لآل البيت وللحسين ( عليه السلام) هو، أيضا، طريق ثالث. وهكذا، فإن حلف غزة الذي رسم ملامحه الأميركيون ليشمل مصر وقَطر وتركيا وحماس ضد إيران وسورية وحزب الله، أصبح ركاما.
ـ التحولات الحاصلة في مصر سوف تفرض نفسها على غيرها من البلاد العربية؛ سوف تفعّل إمكانية التسوية في سورية، وتحسن شروط التحول الديموقراطي في أكثر من بلد عربي، وخصوصا الأردن، حيث آن الأوان لكي تتجسد فكرة الطريق الثالث في جبهة تفرض حضورها السياسي .

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012