أضف إلى المفضلة
الخميس , 09 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
السعودية تضم 3 دول لقائمة المؤهلين لـ«تأشيرة الزيارة إلكترونياً» 3.2 مليون دينار تكلفة مشروع الصحراوي من القويرة حتى جسر الشاحنات مفتي المملكة: الخميس غرة شهر ذي القعدة اشتعال صهريج في طريق العقبة الخلفي الأمير الحسن: الحوار بين أتباع الأديان يتمثل بتحقيق العدالة ورفع الظلم بينهم مكافحة الأوبئة: لا آثار جانبية لدى متلقي لقاح أسترازينيكا منذ عامين ألمانيا تقدم 619 مليون يورو كمساعدات تنموية للأردن الأوقاف الاردنية تُحذر من الذهاب للحج بدون تصريح الملك يحذر من العواقب الخطيرة للعملية العسكرية البرية في رفح مليون دينار لدعم إقامة مشاريع الصناعات الغذائية أورنج الأردن تطلق بالشراكة مع المجلس النرويجي للاجئين برنامج تنمية المهارات الرقمية للأردنيين واللاجئين تعيين أسماء حكام مباريات الأسبوع التاسع عشر بدوري المحترفين سلطة إقليم البترا تُطلق 26 خدمة إلكترونية جديدة العيسوي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية في مأدبا والعاصمة - صور انخفاض احتجاجات عمال الأردن إلى النصف في عام 2023
بحث
الخميس , 09 أيار/مايو 2024


إمرأة المغارة

بقلم : رائد علي العمايرة
28-01-2013 11:38 AM


مرت ليلة الثلج كئيبة مُتخَمَةً بالبرد ....وطويلة جدا... فالجميع كانوا ينتظرون الصباح حيث تغدو الجبال والوديان بلون القطن وهشاشته،فَيُهرَعُ عندها الصغار والكبار الى الطرقات وأسطح البيوت ليبدأ التراشق بكرات الثلج وصنع التماثيل.



وحيث يشكل الثلج بهجة لكثير من الناس كان في ذات الوقت يشكل مأساة لغيرهم من المحرومين من الدفء والقوت فهو لأناس ترف لا يشترى بالمال ينتظرونه ولأضدادهم نقمة يتعوذون منها ولكنه لا يميز أثناء سقوطه بين المترفين والمحرومين.



في الليلة التي أعقبت سقوط الثلج التقيت بصديق تواطأت وإيَّاه كي نكسر الملل المتراكم وأخذنا نطوف هنا وهناك ثم اقترح أن أوصله وبعض الحوائج ليزور عائلة تعود أن يتفقدها، فوافقته وسرنا إلى أسفل واد في السلط ،وعندما انتهت الطريق وإذ بقطع صخري كأنه سور على جانب الطريق وعلى يمينه غرفة من الطوب العاري ولا يستر ما بداخلها أي باب من أي نوع وقد أُُطلق عليها كما ذكر صديقي إسم مطبخ مجازا،وبينها بين السور الصخري ساحة صغيرة في منتصفها بابٌ حديديٌ يتوسط الواجهة الصخرية وعلى يسار الباب خزان ماء تتقاطع فوقه بعشوائية حبالٌ مليئةٌ بغسيلٍ من كل الأحجام يُؤَمَّلُ عبثاً أن يجف في هذا الزمهرير .



ترجّل صديقي من السيارة وتوجه تلقاء الباب وطرقه فَفُتِحَ فظهر نورٌ ينبئ أن هناك حياةٌ كامنة خلفه ....عندها كسر سكون الليل البارد وظلمته دفق الحياة من خلف الباب وظهر على فتحته امرأة يحوطها الصغار كلهم يحاول أن يُخْرِجُ رأسه من أية فجوة يسمح بها جسد الأم ليرى زوار الليل .


سألها صديقي عن زوجها فقالت قد ذهب لقضاء حاجة،فدفع اليها صديقي ما يحمله ثم استدار وسألني: أتريد النظر إلى الداخل فقلت :نعم... فاستأذن المرأة فرحبت ...وأفسحت .....


فإذا الباب يفضي إلى مغارة ضيقة لا تساوي في حجمها حجم غرفة متوسطة، وسقفها خشنٌ مكورٌ وخشن ومتعرج جدا ولا يحسن الرجل البالغ الوقوف إلا في وسطها، وفي محيطها الداخلي فٌرشٌ مكومة في جهة ومكفوفة في الجهة المقابلة اتقاءً للماء الذي يتسرب من بعض جنبتاها وقد ظهر أن المرأة تجمعه بخرقة ثم تعصرها في إناء حتى لاتسيل المياه المتسربة وتنتشر في كل ارض المغارة .


في زاوية منها -ان صح تسمية ركن المغارة زواية- أربع فتيات صغيرات تَكوَّمْنَ حتى لا يتسرب الدفء من بينهن، وفي مقابلهن أولاد ثلاثة يصغرونهن سناً يترددون بين الاجتماع للدفء والتفرق للعب ....وبرغم صِغَرِ المغارة وإحكام غلقها إلا أن البرد يتفشى في كل شبر منها ويخيل إليَّ أنها لاتختلف عن العراء بشيء.


سألت المرأة :ألا تتلقون أية معونة قالت : ما يجود به أهل الخير وهم كثر وأولهم وأكثرهم تفقدا صاحب (مولٍ تجاري كبير في السلط ) لا يفتأ يتفقدنا دوما جزاه الله خيرا


قلت: والدولة!؟ ........... قالت: أربعون دينارا فقط يصرفونها لي لأنني الوحيدة من الأسرة أملك الجنسية الأردنية ..أما زوجي وأولادي فلا يعطونهم شيئا لأنهم ليسوا بأردنيين وإنما !غزيِّون! وهؤلاء لا يُعترف بهم .

قلت ألا يعمل زوجك ......قالت: هو منذ أصابه مرض الصرع لا يحسن عملا


قلت :ما أكثر ما تشتكين هنا؟ ...قالت: كل ما اشتكيه هو سكنى المغارة فهي ضيقة رطبة باردة ولا تصلح للعيش وقد كنت قبلها أسكن في بيت جيد إلى أن مرض زوجي وخسرنا البيت وكل شيء.

ونظرت إلى البؤس المنتشر في أرجاء المكان وإلى خلاء لا يستره ساتر وإلى مطبخ أرضيته من التراب والى فتيات قد يضيع مستقبلهن من خلال النظر إلى أكياس الصدقات التي يأتي بها الغرباء، وإلى مستقبل أولاد قد لا يعرفون في يوم من الأيام طعم العزة والاستغناء عما في أيدي الناس وامرأة تضطر أن تشرح لكل زائر مصيبتها وضيقها .


تذكرت عندها بحسرة (بغلة العراق) التي استحقت طريقا ممهدة ينشغل بها الخليفة من غير ان تشكو وعورة الطريق ............وتذكرت المرأة التي كانت تطهو الحجارة كيف اهتدى اليها زعيم الامة فنفخ في نارها وملأ قدرها من غير منة ولا إذلال .


وتذكرت آلاف اليافطات التي كست فضاءنا وهواءنا وسَكَّرَتْ أبصارنا كيف تُهدر في الشوارع بِسُعارٍ مجنونٍ والجوعُ والعريُ والبردُ بجوارها ولا يراه من تتلألأ أسنانه ويفز الدفء من خديه المتوردين على تلكم اليافطات .


وتذكرت من نشطوا قبل الانتخابات للبذل المصحوب بالكاميرات والثرثارين من الأتباع المُمْعِنينَ بذكر إحسان مرشح الغفلة، كيف نسوا هذه المرأة ومغارتها ...فهل (لغزة) يا ترى دخلٌ في ذلك لأنها لا تشارك بالتصويت .



فهل من نخوة عند ذي نخوة وسعة ليستر هذه الأجساد لتئوي تلك الأنفس المكلومة من ذل المسألة إلى جدران تشبه الجدران وسقف يستر عفة هؤلاء الفتيات ويغنيهن من خلال جهة واحدة عن رؤية أكياس الصدقات ونظرات الاشفاق.


أما (غزة) هذه فلها الله تعالى وقد أصبحت لعنةً تطارد من ينتسب إليها في زمن تغنى به أرباب الكذب برفض العنصرية والطائفية وسائر المستهلكات من الشعارات البالية.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-01-2013 12:40 PM

أخي رائد
قصة مؤثرة ولكن القانون يسري على الجميع - وأستغرب زواج الأردنيات من رجال غير أردنيين (غزيين أو مصريين) معظمهم أما عاطلين عن العمل أو مرضاء أو مقعدين - شو إنقطعت البلد من الرجال ؟؟؟؟ والله من وراء القصد

2) تعليق بواسطة :
28-01-2013 02:41 PM

لماذا لايوجه الكاتب المحترم نداء تلو نداء الى الفاسدين الكبار الذين باعوا الاردن للتصدق ولو بالقليل على هؤلاء الفقراء ؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012