أضف إلى المفضلة
الخميس , 09 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
شحادة أبو بقر يكتب : الملك والملكة والاعلام العالمي السعودية تضم 3 دول لقائمة المؤهلين لـ«تأشيرة الزيارة إلكترونياً» 3.2 مليون دينار تكلفة مشروع الصحراوي من القويرة حتى جسر الشاحنات مفتي المملكة: الخميس غرة شهر ذي القعدة اشتعال صهريج في طريق العقبة الخلفي الأمير الحسن: الحوار بين أتباع الأديان يتمثل بتحقيق العدالة ورفع الظلم بينهم مكافحة الأوبئة: لا آثار جانبية لدى متلقي لقاح أسترازينيكا منذ عامين ألمانيا تقدم 619 مليون يورو كمساعدات تنموية للأردن الأوقاف الاردنية تُحذر من الذهاب للحج بدون تصريح الملك يحذر من العواقب الخطيرة للعملية العسكرية البرية في رفح مليون دينار لدعم إقامة مشاريع الصناعات الغذائية أورنج الأردن تطلق بالشراكة مع المجلس النرويجي للاجئين برنامج تنمية المهارات الرقمية للأردنيين واللاجئين تعيين أسماء حكام مباريات الأسبوع التاسع عشر بدوري المحترفين سلطة إقليم البترا تُطلق 26 خدمة إلكترونية جديدة العيسوي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية في مأدبا والعاصمة - صور
بحث
الخميس , 09 أيار/مايو 2024


داء الحكم

بقلم : يونس نهار بني يونس
30-01-2013 10:58 AM


من خلال متابعة الأوضاع الحالية -لاسيما الوقائع التاريخية التي حدثت في تونس ومصر وليبيا وتحدث الآن في سوريا- نلحظ لأول وهلة مدى تعلق الحكام في تلك البلدان وفي غيرها من الدول العربية واستمساكهم بالسلطة، بل ومحاولة الالتفاف والخداع وممارسة ثورات مضادة حول الثورات الأصلية لإبقاء الرؤساء والحكام والمسؤولين الحكوميين في مواقعهم، أو على أقل تقدير تغيير بعض الوجوه والصور والتضحية ببعض أذيال الأنظمة من الوزراء والمتنفذين في الحكومة لبقاء النظام الأصلي وممارسته لأعماله سواء في الإفساد الداخلي ونهب مقدرات الدول وسياستها، أم في العمالة الخارجية للدول العظمى التي تكرس منذ قرون لتبعية الدول العربية والإسلامية لها وتنفيذ مخططاتها الاستعمارية في الوطن العربي وما وراءه من الدول الإسلامية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد الذي أرعبت تفصيلاته وخططه التي طُبِّقت خلال اندلاع الثورات أو حتى بعد خمودهما كلَّ متابع ومراقب للأحداث، ولكنّ هناك بعدًا آخر وقع خلال الثورات ولا يزال يقع في الثورة السوريه، فمنظومة الحكم المستبد والديكتاتوري التي تجذَّرت في تلك الدول الثلاث وغيرها من الدول المجاورة لا ترى حرجًا مطلقًا في أن تقتل من شعبها من تقتل في سبيل الاحتفاظ لأطول فترة ممكنة بعروشها ومناصبها، وهو ما وقع خلال ثورات تونس ومصر وليبيا ولا يزال يقع حتى هذه اللحظة على يد الرئيس السوري الذي استنفر قوات جيشه وشرطته ومرتزقته ليقتل مواطني بلده الثائرين ضده وينهب خيراتهم بل ويغتصب أيضًا نساءهم، ولا أكون مبالغا إذا قلت: إن هذه الأنظمة على استعداد كذلك لإبادة تلك الشعوب عن بكرة أبيها لأجل إطالة أمد بقائها ولو لأيام معدودات.

فما السر وراء تمسك الأنظمة غير المبرر بهذه المناصب التي تُبذل لأجلها كل هذه التضحيات، سواء بالشعوب أم بأموال الدولة أم بصورتهم التي تم تشويهها ورآها العالم كله على وضعها الطبيعي المخيف؟! ألا يكفيها ما نهبت من أموال وخيرات؟! أليست تلك الاموال تضمن لهم ولأبنائهم بل ونُطَفِ أبنائهم حياة كريمة بقية أعمارهم؟!
لكيلا نجافي الحقيقة فإن أحد أهم جوانب استبسال الحكام المستبدين في الدفاع عن مواقعهم هو تشجيع منظومات الحكم في الدول الغربية لتكريس الديكتاتوريات في الدول الإسلامية والعربية، لكي يظل المارد العربي والإسلامي منزويًا في قمقمه مكبوتًا مخنوقًا لا يرى نور الحرية ولا يشعر بدفء شمسها، لئلا يستيقظ هذا العملاق ليقف في وجه الغطرسة الغربية والظلم العالمي الذي بات أمرًا واقعًا في التعاطي مع القضايا العربية الإسلامية والعالمية، فالدول الغربية المدافعة عن العدالة والحرية والكرامة الإنسانية ومبادئ تكافؤ الفرص هي نفسها تلك الدول التي تغض طرفها وتصم آذانها عن كل ما يقع في بلادنا من قمع وتعذيب وظلم واستبداد وتحكم في إرادة الشعوب للحؤول دون عودة المجد والحريه لتلك الشعوب التي بنت بالاسلام والنهج العادل حضارة ودولة امتدت أطرافها الى شتى بقاع الارض ولا تزال الشواهد أمامهم قائمه والغرب يعلم جيدا أن الشعوب العربيه والاسلاميه ان توفرت لها سبل الحرية والعدالة والمساواه التي تضمن لهم استغلال موارد دولهم بالشكل الصحيح فسوف لن يبقى للغرب في هذه الموارد نصيب ولن يتسنى لهم حل مشاكل دولهم وأزماتهم باستغلال موارد تلك الشعوب من خلال الهيمنه عليها بدعم حكامها المستبدين بشعوبهم والمغيبين لارادتهم، فلأجل تحقيق مصالحها في المنطقة العربية والإسلامية تساند وتدعم أنظمة تابعة وعميلة لها، بغض النظر عن فسادها أو صلاحها، وقد رأينا كيف تحدثت الولايات المتحدة -على استحياء- عن ضرورة ضبط النفس في بداية نشوب الثورات العربيه وهكذا تصريحات محبطة، بل إنني لا أكون مبالغا إذا أكدتُ أن الدول الغربية تشترط وجود الحكام المستبدين الفاسدين الذين يشرعنون للاحتلال والممارسات الغربية الصهيونية العالمية، فالحاكم المستبد خير معين، فقط املأ جعبته بحفنة من الدولارات ولا تلتفت يمينًا أو شمالاً، فهو سيؤدي المطلوب منه على أكمل وجه، أما الحاكم العادل الأبي فإنه يأبى الخضوع والذلة للمستعمر وإن أكل ماله وضرب ظهره وأخضعه للحصار البري والجوي والبحري.

هذا أحد جوانب الصورة، وأما الجانب الآخر الذي لا يقل في أهميته عن ذلك هو طبع النفس البشرية غير المهذبة بالأخلاق والمبادئ والقيم على حب المنصب والجاه، بل وبذل المال الذي هو أحد المحبوبات الفطرية للحصول على المواقع الظاهرة في المجتمع وتقلد المناصب الحساسة والسيادية، وإن شهوة المنصب تعد أكبر الشهوات وأكثرها إلحاحًا، فهي أعظم من شهوة المال والجنس والبطن، حيث هي مكنونة في الضمير البشري، ومخفية في باطن النفس الإنسانية، تلحّ باستمرار على صاحبها للخروج والانطلاق من أسر ضلوعه، ومتى ما تمكنت من ذلك فإنها تنطلق غير عابئة بالتضحيات التي يمكن أن تُقدَّم لأجل فكها من أسرها؛ لذا فمتى انطلقت هذه الشهوة وعاش بها صاحبها استعبدته، وأوقعته هي في أَسْرِها، لا يستطيع منها فكاكًا، فهو يدور معها حيث دارت، فإذا أمرته انصاع، وإذا نهته انقاد، ولا يراعي خلال ذلك كله حرمة لنفس أو مال أو عِرض.

ومن عوارض هذا المرض تضخم الذات حتى تعلو فوق كل من جاورها، فلا يرى صاحبها إلا نفسه، ويستحيل من حوله مجرد أقزام لا يطاولون قدراته ومهاراته في التخطيط والتنفيذ والإدراك لمشكلات الشعب، فيرى نفسه الزعيم الملهم، مفجّر الثورات، وقامع النعرات، وحامي الحمى، ومنفذ الضربات الجوية والبرية والبحرية، والفضائية أحيانًا، لذا يستهين بكل ما من شأنه أن يساعد في نهضة البلاد وتنمية مكتسباتها، ويرى كل ذلك مجرد عبث هدفه التسلية والترويح وإضاعة الأوقات، فيصاب بالعظمه، فيري أنه الأفضل والأجمل والأذكى والأقوى، والناس جميعًا أقل منه فضلاً وقوة وذكاءً؛ ولذلك يبيح لنفسه استغلالهم والسخرية منهم والاستهزاء بإمكاناتهم التي ربما فاقت كثيرًا ما لديه من إمكانات، فيستشري الفساد في بلاده، وتعمها الفوضى، ويتصدر للأمر من ليس من أهله لمجرد أن القائد الملهم يرغب في ذلك، فهو يعلم وأنت لا تعلمون، ويرى ما لا ترون، ولربما تقمص عدة شخصيات في مجلس واحد ليدلل على مدى علمه وذكائه وتمكنه، فهو الأديب الأريب، والفقيه المتمكن، والكيميائي المتخصص، والفيزيائي الذي لا يغادر معمله، والمحارب الذي لا يشق له غبار، والسياسي المحنك، والصحفي البليغ، والاقتصادي الفذ، وينطق لسان حاله: أنا الدولة والدولة أنا. وهو ما يسمى بشخصنة الدولة واختصارها في شخص الزعيم القائد.
ومع الأسف تساعد الشعوب على ترسيخ هذا المفهوم عند الطاغية المستبد عندما تغرق في مدحه والثناء عليه بما يقصم الظهر ويعين عليه شيطانه ونوازع نفسه الخبيثة، فيستطيل في أعراض الناس وأموالهم بطريقة زائدة عما كان يفعل، حيث يراهم يصفقون له كلما نهب واستبد وظلم، فيزيد استبداده، ويتغول على رعيته وشعبه، بل ويرى مصلحتهم في إذلالهم ونهبهم، وكلما أحكم قبضته عليهم شعر بمزيد من العظمة والغرور والعشق لنفسه، فيزداد حبه للمدح والثناء، ويُستفَزُّ جدًّا من التجاهل والنقد، بل يصبح الناقد الذي يرجو مصلحة بلاده عدوًّا لدودًا عميلاً، لا لشيء سوى لأنه ينتقد القائد الزعيم أو أحد مكونات منظومة حكمه، فتصاغ له عرائض الاتهام بالتآمر والعمالة، لا على الرئيس وإنما على الدولة، فكأنما الرئيس هو الدولة والدولة هي الرئيس، وهذه الحالة من التماهي والتمازج يشعر بها غالبية القادة المستبدين، فهم لا يفرقون بين الخاص والموضوعي، فيظنون كل صوت ناقد بوقًا يهدد أمن البلاد، لذا فإن المعتقلات والسجون في تلك البلاد تضج بالشرفاء من العلماء والمتخصصين في فروع كثيرة من العلوم التجريبية والشرعية، ومن لم يتكرم عليه الزعيم بالسجن أو القتل فإنه مُنْـزَوٍ في طرف بعيد من أطراف البلاد، لا تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزًا.

إن الحكام المرضى لا يتصورون أن هناك أصلاً من يعارضهم أو يقول بخلاق قولهم أو يفعل خلاف فعلهم، فإذا نظر أحدهم لشعبه فكأنما ينظر في المرآة، لا يرى إلا نفسه، ولا يبصر إلا فِعله، فإذا ثار عليه الثائرون فإن نوازع الإنكار في داخله تتعاظم حتى تسيطر على وجدانه، حيث لا يصدق أن هناك من يثور على حكمه 'العادل اللطيف الظريف'، فينكر ثم ينكر ثم ينكر، حتى يصدِّق نفسه ويصدقه مَنْ حوله، فيتهم الثائرين بالعمالة والخيانة، وبأنهم قلة مندسة، ويقتلهم ويفتك بهم، أما غالبية الشعب فإنه راضٍ بحكمه، سعيد بالخطوات الواسعة نحو التنمية التي تخطوها الدولة!! يخرج في تظاهرات تطالبه بالبقاء، وبمزيد من الحكم المنصف الحكيم.

لقد أصيب هؤلاء الحكام بمرض نفسي عضال عصيٍّ على العلاج، إنه داء الحكم، لقد أدمن طغاتنا حكمنا، ووصل بهم الحال إلى أن أحدهم لا يمكنه الاستغناء عن العرش طرفة عين، فثقافة 'الرئيس السابق' لم يعتدها الحكام في بلادنا، لم يعتادوها لفساد أحوالهم وطغيان أفعالهم، فلو صلحوا لما خافوا، وإنما إدمانهم ذلك نتيجة للخوف من المساءلة، فهم يعلمون حجم إساءتهم لشعوبهم، وحجم سرقاتهم لخيرات بلادهم، وحجم انتهاكهم لأعراضهم ومقدراتهم، وحجم خيانتهم للأمة التي وثقت فيهم ووضعت الأمانة بين أيديهم، أو بالأحرى الأمانة التي انتزعوها من أيدي الأمة انتزاعًا، فكيف بعد كل هذا يسلِّم الحاكم ويرفع الراية البيضاء هكذا بيسر وسهولة؟! كيف يقدم نفسه على مذبح الشعوب؟! كيف يعرض نفسه لمقصلة الحقوق والحريات؟! بل كيف يستسلم من أول جولة وينزل عن مكانته التي رفعته فوق رقاب البشر بفعل الدساتير التي كانت تُحاك على قياسه؟! وذلك في غياب واضح للمبادئ والقيم الإنسانية فضلاً عن غيرها من المبادئ والقيم الإسلامية المنيرة؟! ضع نفسك مكانه، وقل لي بربك: ماذا تفعل لو كنت حاكمًا مستبدًّا ثار عليه شعبه!!

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
30-01-2013 10:15 PM

الاخ يونس انا من المطالعين لما تكتب سوى مقالات او تعليقات ويعجبني الكثير مما كتبت
هذه سنة الحياه عزيزي الانسان عندما يكون فقيرا يطلب من الله بان يرزقه ما يسد جوعه واذا رزقه الله يتمنى بان يعطيه الله المزيد واذا اصبخ المزيد في جيبه يقول هل من مزيد فاذا اتى المزيد واذا حصل على المزيد من المزيد حتى التخمه ولا يعرف ماذا يريد اصبح السلطان هو الوحيد والله لا يبلانا في هذه البلوه

2) تعليق بواسطة :
31-01-2013 04:28 AM

شكرا يونس انك استجبت لطلبي بكتابت مقالات فانا الي فتره لم اعلق على شيئ مقالك جميل والى الامام بتوفيق.

3) تعليق بواسطة :
31-01-2013 12:08 PM

اخي يونس ...تحية و شوقا لاحدود له
نحمد الله ان عدتم لنا والعود احمد ولو انك مهما غبت او احتجبت فأنت عندي الغائب الحاضر وستبقى في كلا الحالتين في سويداء القلب اخا عزيزا تثري هذا المنبر بماتختزنه من ثقافة واطلاع لنستفيد نحن والقراء الكرام مما تجودون به عبر سطور مقالاتكم او تعليقاتكم
اخي يونس..الحكام بشر كما نحن من لحم ودم,وكانت مشيئة الله عز وجل ان وهبهم الحكم (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاءبيدك الخير انك على كل شئ قدير)صدق الله العظيم.
العدل والظلم صفتان تجدهما في كل حاكم
كما الخير والشر في كل نفس بشرية طبعا باختلاف النسب فالكمال لله وحده لكن التقوى والخوف من الله هي المقياس في تطبيق الحاكم للعدل او الظلم في حكمه
ولاننسى الأهم في هذه المنظومة اي المحكوم
(الشعب)فبقدر ما يملك الشعب من وعي
وحسن اطلاع وجرأة في المطالبه في حقوقه
او رفع الظلم عنه اذا ظلم يكون الحاكم
ولا بد ان يرضخ لارادة الشعب..فكما تكونون يولى عليكم كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي حالتنا نحن كعرب ورثنا النفاق والتزلف لشيخ القبيلة بل وتجذر بنا
حتى كدنا ان نؤلهه كما قال الكواكبي
(مامن مستبد سياسي الا ويتخذ صفة قدسية يشارك بها الله او تعطيه مقاما ذا علاقة بالله).
هذا واقعنا للأسف لذا تجد شعبنا سحيجا
ومنافقا ينزلف الحاكم وخصوصا تلك النخبة التي اصطفاها الحاكم التي تكون غالبا من الحظوة المقربين الذين يتوارثون هذا الدور المناط بهم
ويحتكر طبعا لذريتهم. . وهم
للأسف حلقة الوصل بين الشعب والحاكم.
والى مقال جديد ولا تطول الغيبة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012