أضف إلى المفضلة
الأحد , 05 أيار/مايو 2024
الأحد , 05 أيار/مايو 2024


اسأل عن التعليم دائماً

بقلم : د. رحيّل غرايبة
12-03-2013 11:33 PM
كلما ظهرت أزمة متفاقمة على صعيد مجلس النواب، سواءً في أسلوب الحوار أو في مستويات الكفاءة والأداء في التعامل مع القضايا الوطنية، أو في مدى القدرة على تحمل مسؤولية حماية الحق العام، لا بد من السؤال عن العملية التعليمية والتربوية ومخرجاتها وقدرتها على بناء الجيل ورجال السياسة.
كلما وقع ناظرك على سلوكات اجتماعية غريبة في الشارع العام وفي أسلوب قيادة المركبات، وترى من يرتكب مخالفة قاتلة تكاد تودي بالأرواح ومع ذلك لم يتوقف عن الحديث عبر الهاتف الخلوي على أذنه، ولم يكلف نفسه عناء الاعتذار، عليك أن تسأل عن التعليم مرة أخرى.
إذا رأيت سائق المركبة التي أمامك يرمي القاذورات والنفايات والمناديل المستعملة من نافذة السيارة في الشوارع والساحات العامة، فعليك أن تسأل عن التعليم الذي أنتج هذه النوعية وهذا المستوى من الانتماء للوطن والانتماء لعالم القيم.
إذا رأيت أو سمعت أن هناك تجاراً وأصحاب شركات يتاجرون بالأغذية الفاسدة، أو يعمدون إلى التحايل على القوانين والأنظمة، وبعضهم من يعمد إلى تغيير 'الماركات' وبعضهم يلجأ إلى تغيير تاريخ الانتهاء، فعليك أن تسأل عن التعليم والتربية.
عندما تستفحل الأزمة الاقتصادية، ويزداد العجز في الموازنة، وتزداد أرقام المديونية بشكل جنوني وتقل قيم الانتاج وتزداد مساحة الفقر وتزداد أعداد العاطلين عن العمل، فهذا يعني أن المسؤولين عن هذه الملفات عاجزون عن إدارتها بطريقة سليمة وليسوا بتلك الكفاءة التي تؤهلهم لإيجاد الحلول المناسبة، فهذا يمثل نتيجة ضمنية من نتائج التعليم المتردي والمترهل.
عندما يعيد الناس انتخاب النائب الفاسد، وعندما يتم انتخاب البلطجي أو صاحب الفلوس، من أولئك الذين لا يحملون فكراً سياسياً ولا برنامجاً عملياً، وإنما جاء وفقاً لمعايير القرابة والنسب أو العشيرة أو الشللية أو عن طريق شراء الذمم، فهذا يعني أن البلاء عام ومنتشر، وأن مستقبل البلاد والعباد مهدد بكل تأكيد، وهنا يجب السؤال عن التعليم مرة أخرى أيضاً ودوره في إيجاد هذه الثقافة البائسة.
عندما يتم تعميق التعصب المقيت للجهة او للفئة، او العرق أو الدين أو المذهب، ويصبح ذلك منهجاً معلناً لكسب الأصوات، ويتم تجميع الناس بطريقة غرائزية، فهذا يعني السقوط في الهاوية، ويعني تعميق المأساة، وهنا أيضا يجب السؤال عن التعليم.
عندما يتم تغييب العقل، والابتعاد عن المنهج العلمي في التفكير وعندما يتم اتباع منهج التلقين، وفرض الاراء، والاعتداء على إنسانية الانسان وكرامته وآدميته، وتحويله الى مجرد كائن متلق ينتظر التوجيهات الفوقية ويستغرق في التقليد الأعمى، فهذا يعني أن المستقبل كله في خطر وعند ذلك يجب السؤال عن التعليم والمناهج مرة أخرى.
عندما يصبح الانسان راضياً بالظلم، ساكتاً على الضيم خانعاً ذليلاً، لا يسعى لاستعادة حقوقه المغصوبة، ولا لاسترجاع حريته المفقودة وكرامته المهدورة، لا يجرؤ على قول الحق ولا يقوى على المجاهرة برأيه، ويميل نحو المداهنة والمجاملة على حساب المصلحة العامة، فيجب إعادة النظر في العملية التعليمية والتربوية برمتها، ويجب العمل الفوري على إيجاد المناهج التي تزيل العطب وتصلح الخلل في البناء الانساني من جديد.
لا مجال للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي المنشود إلاّ من خلال اصلاح الانسان وإعادة بناء الجيل، صحيح العقل، سليم التفكير، صالح الوجدان، مكتمل الجسم، عميق الانتماء لوطنه وأمته وثقافته وهويته الحضارية، مرتفع الكفاءة يملك ناصية العلم والمعرفة ومدرب ومؤهل لممارسة دوره، ويتقن تخصصه، ومليء بالثقة ويتصف بالشجاعة والجرأة بقول الحق الممزوج بالأدب واحترام الذات وحسن الخلق.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-03-2013 11:54 PM

نفس النظرية الزمزمية .......انه ليس المشكلة بقانون الانتخاب بل بالناس الفاسدة فهي تنتخب نواب فاسدين اما القانون ماله علاقة !!! ومشكلة الفساد سببها ضعف التربية والدليل رمي القاذورات وليس وجود عصابات فوق القانون !!! حتى الاغذية المنتهية الصلاحية فليس سببها تغاضي الدولة عن هوامير الفساد وضعف الرقابة بل التربية والاخلاق !!! يا سلام!!! كل النظرية الزمزمية قائمة على وضع اللوم على الناس وضعف تربيتهم واخلاقهم

2) تعليق بواسطة :
13-03-2013 07:49 AM

بارك الله فيك يا شيخ والله انك حرام تكون تحت قيادة همام وبني ارشيد

3) تعليق بواسطة :
13-03-2013 10:11 AM

الى الاستاذ خالد التل المحترم..انا ليس لدي موقف من النظرية الزمزمية بل موقفي تمثل بما طرحة الدكتور الغرايبة في مقاله وهو لا يتناقض مع طرحك بتحميل الدولة والحكومات واجهزتها المختلفة مسؤولية ما حصل ببلدنا وادى بها لما وصلت اليه ولكن ألا ترى من من طرق النخب الفاسدة التي ادارتنا كان تهميش وتدمير التعليم لاخراج بشر بالمواصفات التي ذكرها حضر الدكتور رحيل وبالرغم من اني اقرب للتيار الاخر من حيث ضرورة اتباع اساليب ضغط لتغير النهج السياسي للاردن الا ان لا احد يملك عقلا لا بستطيع ان يتجاوز السلوك المزدوج لابناء شعبنا وهذا لا يبشر بالخير

4) تعليق بواسطة :
13-03-2013 10:31 AM

لعل من قدر له ان يطالع في كتب ومناهج وزارة التربية والتعليم من بداية رياض الأطفال حتى التوجيهي ، سيجد انها كلها تحث على التعليم المجرد ولا تخص مواضيع التربية بالإهتمام والعناية.
كنا قبل اكثر من خمسين عاماً ونحن في الإبتدائية ندرس مقرراً اسمه كما اذكر التربية المدنيه وكان بما يتضمن من المواضيع البسيطة يعرف الطلاب بالكثير من ما يجهله طلاب اليوم عن أوطانهم وعادات وقيم أمتهم النبيله .
المناهج المدرسية بحاجة الى إعادة تطوير وتغيير بما يستطيع ان ينافس هجمة التكنولوجيا التي جردت الأجيال وأفقدتهم عواطف الإنتماء والحميمية

5) تعليق بواسطة :
13-03-2013 12:16 PM

الشيخ الفاضل نتمنى التوفيق لمبادرة زمزم لتصيح ما خربه الاخوان في هذا البلد

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012