أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


هل فشل المشروع الأمريكي في العراق؟

بقلم : د. رحيّل غرايبة
22-03-2013 12:29 AM
إن عملية تقويم المشروع الأمريكي في العراق، تحتاج أولاً إلى معرفة الأهداف الحقيقية للمشروع، وربما تكون في أغلبها غير معلنة على الملأ، وإنما يمكن الوقوف عليها من خلال قراءة المشهد بأكمله، ومن خلال التوقف على معالم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ومن خلال الزلات التي تجرى على ألسنة بعض القادة.
الأهداف التي تم إعلانها حسب الزعماء الأمريكان قبل شن الحرب وقبل احتلال العراق تمثلت بتدمير ترسانة أسلحة التدمير الشامل ووقف مشروع العراق النووي، ووقف برنامج التسليح الذي يقوده علماء العراق، إضافة إلى تحرير الشعب العراقي من الاستبداد والديكتاتورية وإقامة نظام ديمقراطي في العراق يكون مقدمة لنشر الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان في المنطقة كلها، هذا ما ركزت عليه الآلة الإعلامية الأمريكية، وهذا ما تم التأثير من خلاله على الرأي العام العالمي، وعلى مؤسسات الأمم المتحدة.
ما يعرفه العالم الآن، وما تم كشفه من حقائق، وما تم الاعتراف به من بعض القادة الأميركية والغربيين، وما صرحت به وكالة الطاقة النووية، وما توصل إليه المفتشون الدوليون، أن ترسانة أسلحة التدمير الشامل في العراق أكذوبة، ولم تكن موجودة، ولم يتم العثور عليها، كما أنه تم إلغاء مشروع التسليح النووي، وتم وضع اليد على كل الأبحاث والأوراق بشكل فعلي، وهذا ما ثبت للعالم كله بعد الاحتلال الأمريكي الكامل لكل الأرض العراقية وإسقاط نظام الحكم فيها.
عملية التقويم يجب ألا تستند إلى هذه الأهداف الكاذبة التي ثبت زيفها، ولكنها يجب أن تتم من خلال الوقوف على الأهداف غير المعلنة التي تحقق جزء منها بكل تأكيد أو معظمها وفقاً لبعض التقديرات ومن أهمها ما يلي:
الهدف الأول والأكبر للمشروع الأمريكي يتمثل بتدمير دولة العراق القوية الصاعدة بعد الحرب الإيرانية-العراقية، التي تتمثل بوجود جيش قوي، وبرنامج تسليحي متطور يقوم على عقل ذاتي عراقي، مما أثر بشكل مباشر في معادلة الصراع العربي مع الكيان الصهيوني وأصبح العراق يشكل تهديداً واضحاً للمشروع الصهيوني ومستقبله في المنطقة العربية، وبالنظر إلى هذا الهدف فقد جرى تحقيق جوهر الهدف، إذ تم إنتاج دولة جديدة فاشلة وضعيفة في العراق تقوم على المحاصصة والانقسام المجتمعي الحاد الذي قسم الشعب العراقي إلى طوائف ومذاهب متصارعة، كما تم حل الجيش العراقي، وتم إلغاء برنامج التسليح العراقي بكل مساراته، وأصبحت العراق أداة سياسية غير فاعلة في خدمة البرنامج العربي ومستقبل المنطقة، وربما يكون المستفيد الأكبر مما جرى في العراق هو 'إسرائيل' قطعاً.
الهدف الثاني يتمثل بوضع اليد الأمريكية على الاحتياطي النفطي العراقي الذي يعد من أكبر مقادير مخزون النفط العالمي، وإحكام القبضة على آباره وضمان تدفقه إلى أمريكا وفقاً لشروطها إلى الأبد، إضافة إلى حماية وتأمين النفط الخليجي والهيمنة عليه من خلال عقد المعاهدات الاستراتيجية مع الأنظمة الخليجية وإقامة القواعد العسكرية الكبرى للجيش الأمريكي في معظم دول الخليج من خلال استثمار الظرف الطارئ الذي أنشأه الاحتلال الأمريكي للعراق، ليصبح احتلالاً شاملاً لكل منطقة الخليج العربي، وبالنظر إلى هذا الهدف فقد تحقق أغلبه على الأرجح إن لم يكن كلّه.
الهدف الثالث يتعلق بحماية المشروع الصهيوني، وضمان أمن الكيان الاحتلالي الاستيطاني ومستقبله من الأخطار المحتملة، وهذا ما تم من خلال تدمير القوة العراقية العربية التي جرى الحديث عنها في الهدف الأول، وتأتي زيارة الرئيس الأمريكي 'أوباما' اليوم للمنطقة لتؤكد أولاً وبشكل قاطع على أهمية هذا الهدف وخدمته من قبل الحزبيين الجمهوري والديمقراطي، ومن قبل جميع الرؤساء سواء كانوا محافظين جدد أو غير جدد، وهذا ما أكده 'أوباما' أمس بكل وضوح وصراحة، بحيث يتم إشعار جميع الأطراف بأن خدمة هذا الهدف أمر استراتيجي بعيد المدى، وليس تكنيكاً أو مشروعاً مؤقتاً، ويبسط ظلاله على كل تفصيلات الأحداث والمواقف الأمريكية في المنطقة، وهذا يفسر موقف النظام العراقي الجديد المؤيد للنظام السوري ضد الثورة الشعبية السورية.
الهدف الرابع الذي تم التصريح به أكثر من مرّة على لسان 'باول' وعلى لسان 'رايس' وزيري الخارجية في عهد 'بوش الابن' عندما قالا أن احتلال العراق يمثل خطوة استراتيجية ومهمة في محاربة التطرف الإسلامي، ومن أجل كسب الحرب على 'الإرهاب' التي بدأت في أفغانستان وفي العالم الإسلامي كله، وقد تم وصف هذه الحرب بأنها حرب القرن القادم، حيث تم تشكيل تحالف عالمي واسع يضم معظم دول العالم في هذا الحلف، الذي يستهدف مشروع النهوض الإسلامي الكبير بشكل شامل وإجمالي، تحت ستار الحرب على الإرهاب، والحديث عما تحقق تجاه هذا الهدف يحوي آراء مختلفة ومتباينة، ويختلف المحللون السياسيون حول مقدار النجاح الذي تم تحقيقه في هذا المضمار، لأن ما جرى من انتفاضات شعبية عارمة في عدد من الدول العربية شكل مفاجأة كبيرة للمشروع الأمريكي، والآن يجرى مخطط استيعاب نتائج هذه الثورات، وتجري محاولة إفشالها، من خلال خلق العوائق والمصاعب الجمة وإثارة الفوضى واحداث انقسام مجتمعي كبير من أجل محاصرة المشروع النهضوي العربي الإسلامي الكبير وعرقلة مسيرة الاستقلال والتحرر من الاستبداد والفساد.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-03-2013 12:26 PM

هذا اكبر دليل على العهر السياسي والإرتباطات الإستراتيجيه بين الإسلام السياسي والإمبرياليه الأمريكيه وهذا ليس مجرد صدفه !
لقد حلل الكاتب وبطريقة علميه وواضحه الإستراتيجيه الأمريكيه في المنطقه العربيه وكان في الحقيقه قريب من الواقع. هذه السياسه التي بدأ تطبيقها منذ وعد بلفور وسايكس بيكو وكامب ديفد والسودان والعراق .إلا ان الكاتب اظهر العهر السياسي الإخواني عندما بدأ في الحديث عن سوريا وكأن سوريا لم تدرج في مخطط الإستراتيجية الأمريكيه الصهيونيه الماسونيه ....!! هنا بدأ الكاتب يظهر امريكا بدور إنسانيٍ مناصر لحقوق الشعوب وانهم يساعدون الشعب السوري وبإمكانيات هائله لتحقيق الحريه والديمقراطيه !
بالله عليكم ايها القراء الكرام اليس هذا فعلآ عهر سياسي ومغالطة تاريخية إخوانية مقصوده لا بل وكفر في حق شعب سوريا !؟ على كل حال لايخفى الأن على أحد ان الإسلام السياسي ومن يدعمه في دول التخلف في الخليج هم الأداه التي تنفذ بها أمريكا إستراتيجيتها العدوانيه في المنطقه....!!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012