أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


ليست نزهة

بقلم : ناهض حتر
09-04-2013 11:16 PM
نجح الجيش العربي السوري في تنفيذ هجوم مضاد واسع النطاق ضد المجموعات المسلحة في ريف دمشق، ما أدى إلى انهيار خطة غزوة العاصمة. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحويل التحضيرات الإرهابية لاقتحام الشام إلى كمين محكم للإرهابيين. وفي غضون الأيام المقبلة، سوف تشهد الجبهة الجنوبية، تواصل الهجوم وطرد الإرهابين حتى الحدود السورية ـ الأردنية. وهو ما سيؤدي إلى موجة لجوء كثيفة معظمها من صفوف الجماعات المسلحة بما فيها جبهة النصرة الإرهابية؛ فهل سوف يتم استقبال هؤلاء بالترحاب المعهود أم أن واجبنا حيال الأمن الوطني الأردني بالذات، يحتم علينا إغلاق المنافذ الحدودية غير الشرعية حالا؟
لا يغترنّ أحد بأن ' الطريق إلى دمشق مفتوحة'؛ دمشق قلعة لها سوران، الدمشقيون ـ أهل الوطنية والاعتدال والحضارة ـ والجيش العربي السوري العقائدي المدرّب المحترف الشجاع، والذي لم يستهلك، خلال سنتين من الحرب الكونية ضد سورية، سوى جزء من قدراته المتوفرة والكامنة.
ولا يظننّ أحد بأن شبكة الأمان الدولية والإقليمية للنظام السوري قد تراجعت؛ كلا، هي لم تبدأ تدخلها الجدي بعد. علينا أن نلاحظ أن الرئيس الروسي فلادمير بوتين قد أعلن مجددا أن حل الأزمة السورية ممكن فقط في ظل الرئيس بشار الأسد، وليس بدونه، كما أعلن، للمرة الأولى، أن روسيا تزوّد سورية بالسلاح، وستزوّدها به، بوصفها الحكومة الشرعية، بينما يقوم الغرب والعرب بتدريب وتسليح المقاتلين غير الشرعيين. وعلى المستوى الميداني تتحرك الآن سفن الأسطول الروسي للإقامة الدائمة في المتوسط، وتحديدا على الشواطئ السورية. الرئيس بوتين لا يمزح ولا يناور؛ فالمشروع القومي الروسي كله مرتبط اليوم بانتصار الجمهورية العربية السورية، برئيسها وجيشها، ولا مجال للمساومة، بما في ذلك امكانية الاشتباك. في أواخر الشهر الماضي، أصدر بوتين أوامره بالقيام بمناورات حية مفاجئة في البحر الأسود، في رسالة إلى الحكومة التركية أن ترعوي، وتفهم حدودها. والرسالة تتفاعل، وتنطق بإمكانية الوصول إلى حافة الهاوية، وربما المواجهة.
إيران ـ والعراق ـ بدورهما أصبحا يشكلان عمقا استراتيجيا للدولة السورية. ومن الواضح أن إيران مستعدة لكل الاحتمالات التي تحول دون خسارة حليفتها الأساسية في المنطقة، سورية؛ فبسقوط الأخيرة، سوف تنكفئ طهران عراقيا ولبنانيا وعربيا، وتتم محاصرتها وعزلها وضربها من الداخل.
حزب الله ـ بكل قدراته القتالية والاستشهادية ـ لن يتردد لحظة واحدة في خوض معركة دمشق، عندما يلزم. إنه يواجه خيارا وجوديا في سورية؛ فإذا سقط النظام، غرق الحزب في حرب أهلية، وانتهى دوره الإقليمي.
موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية في ساحة الشام ، لا تسمح بسقوط الدولة السورية، ولا بحل خارج رئاسة الأسد، ومعاندة هذه الحقيقة، تعني حربا طويلة دامية، ليس للأردن مصلحة بالاكتواء بنارها.
الطريق إلى دمشق ليست مفتوحة وليست نزهة وليست قصيرة. وهو ما يتطلب منا أن نعي مصالحنا الاستراتيجية بغض النظر عن مصالح الأميركيين والخليجيين، فلا نتدخل بأي شكل من الأشكال في الشأن السوري من دون الاتفاق والتوافق مع النظام السوري.
لدى رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور معروف البخيت، اقتراح يبدو لي اقتراحا عمليا، وهو الاعلان عن وقف استقبال اللاجئين السوريين مؤقتا، لدراسة الموقف وتنظيم الإقامات، والبحث في خطة عودة اللاجئين إلى ديارهم، ومساعدتهم فيها بالتعاون مع دمشق، لا ضد إرادتها.

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012