أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024


استعراض عسكري أم تهديد؟!

بقلم : أ.د أمل نصير
24-04-2013 10:00 AM

تتزاحم الأخبار التي تزيد من تهديد الأمن والاستقرار، فمن أحداث إربد المؤلمة! إلى تهديد بشار الأسد ! وأخيرا الاستعراض العسكري للإخوان المسلمين يوم الجمعة الفائت!
لقد رفض غالبية أبناء الوطن ما حدث في إربد وكتبت يومها: لا للأمن الخشن، محذرة من عواقبه الوخيمة، وقلت إن الغاضبين والثائرين أفادوا من كل ما رأوه في دول ما يسمى بالربيع العربي، فهل يستفيد النظام أيضا من كل الأخطاء التي اقترفتها الأنظمة في تلك الدول؟ فيسارع إلى إدارة دفّة الدولة بما يحفظ الوطن بثورة إصلاحية بيضاء على كافة الصُعد.
ولكن ما هو هدف استعراض الإخوان الأخير؟! يقول أحد قياديهم: العرض ليس تهديدا للنظام! إذاً هو تهديد لمن؟ للشعب القابض على الجمر أم للوطن المهدد من قبل كثيرين غربا بالوطن البديل، وشمالا بعدم النجاة من الحريق الذي جاء على الأخضر واليابس في سوريا الحبيبة؟! أم إغراق الأردن باللاجئين مع ما يتبع ذلك من تهديد لأمنه وسلمه الاجتماعي!
ويقول قيادي آخر منهم: غاية المسيرة الإصلاح، وللرد على ما حدث في مسيرة إربد من أعمال إرهابية! وأقول هناك أخطاء نعم، وبعضها كبير ومحرج نعم، لكن لا تصل في وصفها إلى الإرهابية! محتذين في ذلك وصف الغرب للمسلمين في كل مناسبة! أما الإصلاح، فهل يكون باستعراض القوة، وكل ما يتبعه من تشجيع العنف المجتمعي الذي بات مشهدا يوميا في أرجاء الوطن لاسيما عند الشباب في الجامعات وغيرها؟! وهل يكون الإصلاح بفساد آخر مآله إيصال الوطن إلى نفق مظلم بوجود كل هذا الاحتقان داخل الوطن، وعلى حدوده ؟ وأين إذاً هي حكمة الشيوخ؟! بل أين نحن من من الخطاب القرآني في قوله تعالى مخاطبا نبيه العظيم: (ادعُ إلى ىسبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن...)؟!
إن أي استهداف لأمن الأردن واستقراره من أي طرف مستنكر جملة وتفصيلا، وليس له أدنى علاقة له بحرية الرأي والتعبير، ولا يتسق مع فكرة المطالبة بالإصلاح، بل لا يليق بالدعاة إليه إذ يتوقع منهم أن يكونوا أكثر صلاحا ممن يتهمونهم بالفساد والتخريب الذين هددوا أمن الوطن اقتصاديا واجتماعيا...، فهل يحذون حذوهم، فيهددون أمنه واستقراره بصورة مباشرة؟!
الخطاب المعتدل هو المطلوب في هذه المرحلة أيا كانت خلفياتنا الدينية أو السياسية أو الاجتماعية، فكلنا ضد الفساد- مطلب الأردنيين الأول- ونرفضه جملة وتفصيلا، ونود القضاء عليه ومعاقبة الفاسدين، واسترجاع ما نهبوه ، والاردنيون لا ينسون المسيئين، ودليل ذلك تخليدهم لوصفي وهزاع وغيرهما من أحرار الأردن، فمثلما كتبوا اسميهما بحروف من نور سيكتبون أسماء الفاسدين بحروف من نار، وشتان ما بين النور والنار، أما الاعتداء على الأمن، فهو خدمة كبيرة نؤديها للفاسدين، فننشغل ببعضنا، وينجون هم، وهو مما لا ينفع معه عذر، ولا تدثر بعباءة الدين أو الإصلاح.
لا موالاة، ولا إخوان، لكنْ كلنا أردنييون عاشقون لثرى الأردن الطهور نحتاج في هذه المرحلة إلى أعلى درجات ضبط النفس، وإلى نشدان ضالة المؤمن( الحكمة)، والتعقل للنجاة من العاصفة.
لقد ضيعنا فلسطين والعراق وليبيا وسوريا وجنوب السودان، ومصر تهتز بقوة ... ولم نتغير قيد أنملة، فما زلنا نشهر سيوفنا بوجه الأشقاء، ونغمدها بوجه الأعداء، وتمتد حروبنا الداخلية مهاجمين ومقاومين سنوات، وننكفئ أمام أعدائنا بساعات أو أيام ، وما حرب الأيام الستة عنا ببعيدة!
وإذا نسينا أو تناسينا كل ما ضيعناه، فهل ننسى نزيف سوريا المعيش، وقد سارع كثيرون إلى تشجيع الثورة بالوعود والتطمينات بأن سقوط الأسد في أيام، وأنهم لن يسمحوا بحماة جديدة، حتى تأكدوا أن لا مجال للتراجع، فتركوا الطرفين يقتتلان حتى ينهكا، ويدمرا وطنهما، ويمهدا الطريق للمستعمر، فيدخلها آمنا مطمئنا دون عناء، أو لوم، أو نقطة دم!
لقد بات الأردن مثل سفينة تتقاذفها الأمواج في عرض بحر عاصف، ولا قوارب نجاة سوى أولئك الذين يحبون الأردن أكثر من أي شيء آخر، ويتمتعون بحكمة عميقة، فأين الحكماء من كل ما يجري في وطني؟!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012