أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


حضـرت «كاترين» وغاب العرب!!

بقلم : حسين الرواشدة
01-08-2013 01:23 AM
وحدها، كاترين اشتون تحركت نحو مصر للقاء الفرقاء السياسيين والبحث عن مخرج للأزمة، ربما لم تفلح بردم الهوة بين الأطراف المتخاصمة، لكنها حظيت بشرف المحاولة التي امتنع العرب عن القيام بها.
حين تدقق في مواقف العواصم العربية والإفريقية والإسلامية والغربية من “الحالة” المصرية، ستكتشف أن صدى الانقسامات في الميادين انتقلت الى الخارج، لكن اللافت ان تلك الأصداء تعكس في مفارقاتها اتجاهين: احدهما القيم والأخلاقيات السياسية التي تحملها كل عاصمة او طرف له علاقة بالحدث المصري، والآخر “رزمة” المصالح التي تبحث عنها الدول في تحديد مواقفها تجاه الازمة.
تصور مثلا أن الاتحاد الافريقي انحاز “لقيم” الديمقراطية فوقف ضد “الانقلاب”، وكذلك فعلت تونس التي استشعرت أن “عدوى” الأزمة يمكن ان تنتقل اليها، فيما وجدت الدول المحسوبة على “محور الاعتدال” نفسها في صف ما فعله “العسكر”، أما تركيا التي تعتبر أن حكم “الإخوان” يشكل عمقا لنظامها السياسي “الإسلامي” فقد سارعت الى “ادانة” الانقلاب ودعم “الشرعية”.
فيما يتعلق بواشنطن التي تتهم من الطرفين في مصر بـ”التدخل” كان خطابها السياسي المعلن على الأقل “غامضا”، فهي من جهة تدعم الديمقراطية لكنها لم تعترف بأن ما حدث هو انقلاب: وهي من جهة ثانية تخشى من استحكام العسكر بالسلطة لكنها غير مرتاحة لحكم الإخوان، وبالتالي فهي تنتظر - كما تفعل دائما - لمن ترجح كفة “القوّة” وعليه تتدرج بتحديد تجاه بوصلتها السياسية، تماما كما فعلت مع ثورة يناير ضد مبارك.
المشكلة كانت في غياب “الجهد” العربي في التوصل إلى “مخرج” للأزمة التي يبدو أنها مرشحة “للتصعيد”، ومع أن هذا “الغياب” المخجل لا يمكن تبريره، إلا أننا يمكن أن نفهمه في سياق ثلاث حالات، إحداها حالة الانقسام الذي عكس موقف العواصم العربية مما حدث بعد 30 حزيران، فقد انحازت بعض الدول العربية بشكل معلن الى “العسكر” وقدمت لهم ما يلزم من دعم سياسي ومالي، فيما آثرت دول اخرى الانحياز للصمت، أو عبرت بخجل عن “قلقها” من مسار الأحداث، وفيما كانت قطر وتونس الوحيدتين اللتين وقفتا ضد الانقلاب.
حالة الانقسام هذه ربما حالت دون إمكانية أي تحرك عربي، لا في إطار فردي، ولا في
إطارجامعة الدول العربية، للتوسط في “المسألة” المصرية، باعتبار أن أية خطوة من هذا القبيل سيكون محكوما عليها مسبقا بالفشل.
أما الحالة الثانية فهي في سياق انحياز ورغبة بعض العواصم في “انتصار” الحل الانقلابي، وبالتالي فإن غيابهم عن الوساطة كان مطلوبا بذاته، فهم “داعمون” لطرف ضد الآخر، وبالتالي كان من المتعذر عليهم أن يدخلوا على الخط لأنهم غير مقبولين من الطرف الآخر.
أما الحالة الثالثة فهي في سياق “الانشغال” العربي بما يحدث في كل عاصمة من عواصمه، فبعض الدول مثل سوريا غير قادرة على حل ازمتها الداخلية فكيف تستطيع ان تكون طرفا وسيطا في مصر، وكذلك تونس والعراق وغيرهما من الدول التي ترضخ تحت لهيب صراعات دامية.
أما الدول الآخرى التي تبدو “اكثر” استرخاء فإنها ايضا مشغولة بأولوياتها التي من ضمنها “منع” امتداد الثورات والتحولات السياسية اليها، وبالتالي فإن معظمها انحاز “للانقلاب” باعتباره وضع “ مخرجا” لنهاية حكم الاسلاميين وعودة مصر الى “حلف الاعتدال” بما يعنيه ذلك من طي لصفحة الثورة التي اربكت هذه العواصم.
اذا اتفقنا على ان ارتدادات “الزلزال” المصري ستتجاوز الحدود المصرية الى محيطها العربي تحديدا، فإن ثمة مسألتين يفترض ان نتنبه اليهما: إحداهما ان هذا الغياب العربي عن خط “الوساطة” والتدخل الايجابي اعتمد على حسابات “اللحظة” السياسية العابرة تبعا لمصلحة كل دولة تجاه ماحدث، فيما غاب “التقدير” الاستراتيجي وحسابات المستقبل التي كان يفترض ان تكون حاضرة، لا سيما أن استقرار مصر او عدمه سينعكس على الآخرين بدرجة أو أخرى.
اما المسألة الثانية فهي ان هذا الغياب وكذلك الانقسام السلبي ينم عن قراءة مغلوطة للحالة المصرية، فقد شكل الانحياز لأي من الطرفين العسكر والإخوان تعبيرا عن مصالح سياسية داخلية، لا عن المصلحة العليا لمصر، ولا عن المصلحة العربية الجمعية، ومع ان هذه القراءة مفهومة في سياقات الدفاع عن الذات إلا أن نتائجها على المدى البعيد كارثية على الجميع.
صحيح ان “حل” الازمة المصرية سيتوقف على توافق الاطراف المحلية على “مخرج” لا غالب فيه ولا مغلوب، وهذا غير متاح في ظل حدة الانقسام، وعمق الازمة وتدخل اطراف مختلفة في الملف “الملتهب” لكن الصحيح ايضا أن انسداد الأفق الداخلي في مصر، يحتاج بالضرورة الى “توافق” عربي من خلال “مبادرة” للوساطة تحت مظلة الجامعة العربية، وهذا ما زال غير مطروح حتى الآن، لكنه سيكون الخيار الاضطراري اذا ما استمرت حالة الانقسام في تصاعدها، واذا ما قدر لصوت الحكماء ان ينطلق وسط هذا الضجيج وحساباته القصيرة المدى التي ما تزال تلقي بظلالها على ارض الكنانة وما حولها.(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-08-2013 04:02 PM

الكاتب متوهم ان شتون جاءت الى هنا للاصلاح بين ( الفرقاء السياسيين ) وردم الهوة بينهم .!!! ثم يشكر سعيها ! هذه المراه جاءت الى هنا للاطمئنان على نتائج افعالهم وانقلابهم الذي احدثوه في مصر وان كل شئ على مايرام . والضحك على جميع الاطراف وايهام كل طرف ان امريكا معه ! ودق اسافين طويلة وقصيرة المدى واعطاء ارشادات واوامر وما يجب فعله .. وخلق وهم ان امريكا لادخل لها في شئ .. ولتطمين اسرائيل .. وامور اخرى كثيره ليست في مصلحتنا وليس للاصلاح كما تتوهم بل للتخريب والدمار وسفك الدماء والفوضى .. يا محترم .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012