أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


أفول عصر "الرموز الوطنية"!

بقلم : د.محمد ابو رمان
25-10-2013 12:25 AM
ثمّة أسباب موضوعية، خارج إرادة الحراك السياسي الأردني، تتحمل مسؤولية كبيرة عن ضعف هذا الحراك ومحدوديته، وعدم قدرته على تشكيل 'ضغط شعبي' حقيقي كما حدث في دول أخرى. وربما يتمثل أهم هذه الأسباب في المتغيرات الإقليمية، وما أنتجته من مشاهد مقلقة للمواطنين الأردنيين؛ ما دفع بالشارع إلى تغليب هواجس الخوف على طموح التغيير، بخاصة في ظل ما حدث في سورية ومصر مؤخراً. هذا من زاوية.من زاوية أخرى، فإنّ هذه الأزمات قصمت ظهر محاولات الائتلاف والتوافق داخل المعارضة الأردنية، ما أصاب حتى الجبهة الوطنية للإصلاح، بقيادة أحمد عبيدات، بضربات قاتلة، جراء الصراع بين الإسلاميين والتيارات الأخرى، والتشكيك المتبادل.بالرغم من ذلك، ينبغي الاعتراف بأنّ السبب الجوهري والرئيس لتراجع الحراك وتلاشيه، هو ذاتي وداخلي، مرتبط بطبيعة الحراك نفسه: أولاً، من زاوية عدم وجود توافق وتفاهم داخل الحراك نفسه على أجندة وطنية موحّدة، ومطالب مشتركة، تعرّف المقصود بالإصلاح وأولوياته، والأهداف المطلوبة؛ بل على النقيض من ذلك، كانت هناك أولويات متباينة وأجندات مختلفة، وتصوّرات متضاربة تماماً للحراك فيما بين القوى السياسية، وحتى الشبابية الجديدة نفسها. إذ هناك من يركّز على الشق الاجتماعي- الاقتصادي، ويريد 'عدالة اجتماعية'، في مقابل من يركّز على قضية 'المواطنة' والحقوق المدنية. وما بين هذه التصورات، توجد ثغرات وتساؤلات واختلافات كبيرة.ثانياً، من زاوية فشل الحراك في الوصول إلى الجماهير والشارع بصورة فاعلة. فبالرغم من العنصر الشبابي الجديد في الحراك، إلاّ أنّه بقي محدود التأثير على شرائح اجتماعية واسعة. وربما يحتاج هذا بحد ذاته إلى تفسير حول الأسباب؛ فيما إذا كانت قناعة من الناس بالوضع القائم، أو أنّه أفضل الأسوأ، أو هو الخوف المتبادل بين المواطنين أنفسهم؟!ثالثاً، غياب الرموز. إذ من الواضح أنّ الحراك يفتقد إلى رموز تمثلّ 'حالة شعبية'، بل إذا أخذنا الأمر على الصعيد المايكرو-الجزئي، فإنّ الأحزاب والقوى السياسية نفسها تفتقر إلى رموز على درجة كبيرة من القبول والحضور؛ فهنالك حالات استقطاب وتجاذب تمنع من بروز هذه القيادات الشعبية حتى على هذا الصعيد، فضلاً عن المجال الوطني العام.ربما إذا تأملنا في هذه الظاهرة، سنجدها تتجاوز الأردن إلى مختلف الحالات العربية؛ فالثورة السورية تعاني اليوم من غياب الرموز، ما يجعلها منقسمة مشتتة. والحالة المصرية دليل بارز على ذلك أيضا، حيث أصبح الاختلاف على كل شيء تقريباً، بما في ذلك ما كان يعتبر بالأمس محصّناً أو 'خطّاً أحمر'.لكن هذا بدوره يطرح سؤالا آخر: فيما إذا كان غياب الرموز نتيجة منطقية مرتبطة بطبيعة التحولات والمتغيرات العالمية والمحلية، مع تأكيدي على أهمية 'الرموز' في المراحل الانتقالية والدقيقة في تاريخ الشعوب، فعندئذٍ يمكن استبدال هذا المشكل بمشكل آخر أكثر أهمية وخطورة في مسار الحراك السياسي، وربما حتى في الحالة العربية بأسرها، ويتمثّل في ضعف الجماعة الوطنية الجامعة، التي من المفترض أن تمثل مظلة ومنبراً للفئات والشرائح والقوى كافة، ويؤدي ضعفها وعدم حضورها إلى صعود الهويات الفرعية والطائفية والعصبيات الأيديولوجية بدلاً منها!مع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أنّ الحراك كان له دور كبير في ما تحقق من إصلاحات، على الأقل دستورياً وسياسياً خلال العامين الماضيين. وتحمل الشباب المشاركون فيه أعباءً كبيرة في المطالبة بالإصلاح، سواء اتفقنا مع بعض الشعارات والأفكار أو اختلفنا معها، فقد عكسوا مطالب جيل جديد يبحث عن هويته ومصالحه في وسط هذه الفوضى الفكرية والسياسية العامة.m.aburumman@alghad.jo

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
25-10-2013 01:02 AM

والله ياخي منذ عصر وصف التل لم نعايش رموز وخليها على الله ولن يأتي افضل مما كان والدنيا سائرة الى الزوال ؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
25-10-2013 02:21 AM

"الرموز الوطنية" .
المقال جميل !!؟؟ لكن الكاتب تأخر كثيرا جدا في نشره رغم وضوح المشكله من بداية انطلاق الحراك في الاردن ، السؤال لماذا دائما قوى الشد العكسي تنتصر في النهايه ؟؟ وبعد تمكتها من محاصرة الموقف وتفكيكه وتفتيته !!؟؟ بعدها تنطلق قريحة الكتاب وتتفجر لشرح المعضلة والاسباب دون جدوى او فائدة ترجى !!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012