أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 21 أيار/مايو 2024
الثلاثاء , 21 أيار/مايو 2024


ناهض حتر يكتب: حكومة " الوطن البديل".. بزعامة " نائب"!

19-01-2014 12:28 PM
كل الاردن -



القرارات الحكومية الكبرى ـ وربما الصغرى ـ التي تتخذها حكومة الدكتور عبدالله النسور، اليوم، ليست من عنديّاتها؛ لقد تخلى النسور، بصورة منهجية، وكذلك، مجلس وزارئه، عن الحق الدستوري المكفول لهم بالولاية العامة لمجلس الوزراء.

 

الرئيس الفعلي اليوم هو ' نائب' بات 'يأمر' النسور بما هو مطلوب، ابتداء من قرارات التوطين إلى التدخل في خريطة الأمناء العامّين والمحافظين! ويخاطب الوزراء، ويأمرهم!


إذا كان برنامج ' النائب الحاكم بأمره' ـ ومبادرته ـ تشكل، اليوم، البرنامج المطلوب لدى الحكم؛ فأقله الانسجام مع الدستور والأعراف السياسية، وإقالة النسور، وتكليف النائب وجماعته، بتشكيل حكومة ذات ولاية، حكومة نستطيع أن نحاسبها، ولا يقول رئيسها ـ كالنسور ـ هذه أوامر 'السيد النائب'!


ليس ذلك، بالطبع، التعاون المطلوب بين مجلس النواب والحكومة؛ فالنائب المذكور تجاوز المجلس كله، وهو ليس مفوضا باسم المجلس، بل باسم عدد من النواب، أوهمهم بأنه يضمن لهم المستقبل .

 

للنائب الحق في تشكيل كتلة نيابية، لها أن تقترح تحت القبة ، وتناقش وتراقب، ولكن ليس لها ولزعيمها الحق في تشكيل حكومة فوق الحكومة ، وسلبها ولايتها العامة، وفرض برنامج سياسي عليها. البرنامج ذاك مصمم لدى دوائر المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، الحلفاء الثابتين لدولة العدو الصهيوني.


بخضوعه لمتطلبات التنسيق مع 'السيد النائب'، يثبت النسور أن الكرسي أهم عنده، من مكانته السياسية وولائه الوطني.

 

و النائب ـ نائب المحافظين الجدد في البرلمان الأردني ـ مستعجل ـ على وقع استعجال سادته ـ والحكومة تنفّذ المطلوب حرفيا:


أولا، وقف تعليمات فك الارتباط.


ثانيا، رفع القيود عن إصدار جوازات السفر المؤقتة لغير الأردنيين، بالدرجة الأولى للأخوة الفلسطينيين، لمدة خمس سنوات. ونلاحظ، هنا، ما يلي (1) أنه لا يوجد أي دواع انسانية أو عملية لهذا القرار؛ فجوازات السلطة الفلسطينية معترف بها، ويمكن لحاملها الحصول على الفيزا إلى معظم دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، (2) أن إصدار جواز سفر مؤقت تتساوى فترته مع فترة جواز السفر الدائم، يجعل من هذا الجواز حقا سياسيا واقعيا مكتسبا. الجواز المؤقت، لكي يكون مؤقتا، ويبتعد عن الشبهات التوطينية، تنبغي ألا يزيد عن سنتين. وحتى هذا مرفوض إلا في حالات خاصة جدا.


ثالثا، إذا كان منح الحقوق المدنية لأزواج وأبناء الأردنيات، إيجابيا، ـ وقد طالنا به سابقا ـ فقد اعتور القرار ذاك ما يجعله مشبوها؛ فمن الإنساني، بالطبع، منح الأسر ـ العائدة لزوج غير أردني متزوج من أردنية ـ ولكن المقيمة فعلا في البلاد، ومنذ وقت لا يقل عن خمس سنوات، حقوقا مدنية تيسّر حياتهم، فإن عدم تحديد شرط الإقامة ذاك، سوف يؤدي إلى هجرة أسر من الضفة الغربية وسوريا ولبنان إلى الأردن فورا. ويمكننا تقدير عددها الاجمالي بما لا يقل عن ربع مليون شخص، سوف يبدؤون، وقد بدأ بعضهم بالتوافد بالفعل، للإقامة في البلاد. كذلك من المتوقع أن تنشط آليات الزواج المرتبط بالحقوق المدنية لتيسير هجرة فلسطينيين من الضفة إلى الأردن، بما لا يقل عن ربع مليون في غضون السنوات الثلاث القادمة؛ وهكذا نشأت آلية 'إنسانية' لتخفيف الأعباء الديموغرافية عن العدو الإسرائيلي، والشروع في تنفيذ خطة كيري فورا.


رابعا، تبشير وزير التنمية السياسية، خالد كلالدة، العضو الحكومي النصير في مجموعة السيد النائب ، بإحداث ' انقلاب' في قانون الانتخاب العام، في هذا الظرف بالذات، لا يمكن فصله عن خطة كيري للتوطين السياسي للاجئين والنازحين والمهجرين الفلسطينيين في الأردن. وتبدو الحكومة في حالة خضوع لهذه ' الاصلاحات' التي يستعجلها النائب الذي يتزعم الحكومة، وهي لا تفعل شيئا سوى البصم على أوامرهـ ؛ ذلك أن هناك نوعا من سباق الوقت لإنجاز كل المهمات المطلوبة، أميركيا وصهيونيا، في غضون الأشهر المقبلة، كجزء من التوصل إلى اتفاق بين رام الله وتل أبيب.


بالمحصلة، يجب أن يكون واضحا أمام الوطنيين الأردنيين، أن سلسلة الإجراءات التي تتحمل مسؤوليتها حكومة النسور والبرلمان والأعيان، سوف تؤدي إلى تحقيق أغلبية ساحقة لا تقل عن 70 بالمائة للأردنيين من أصل فلسطيني. وهي واقعة سوف تطرح استحقاقات سياسية لا مهرب منها، جوهرها إعادة هيكلة الدولة الأردنية بحيث تكون، بالفعل، وطنا بديلا للفلسطينيين تعيش فيه أقلية أردنية مفقَرة ومهمّشة ومستعدة للانخراط في التطرف والشروع في صراع دام سوف يهدم عوامل الامن والاستقرار في البلاد نهائيا، ويحوّل الأردن إلى دولة فاشلة.


يتحمل النسور وأعضاء فريقه والنواب والأعيان وكل أردني يصمت في هذه اللحظة التي تتهدد الكيان الوطني الأردني، مسؤولية التفريط بالبلد، ومسؤولية المآسي اللاحقة.


نعيد ونكرر، هنا، أن قيام دولة فلسطينية مهما كان شكلها، ينبغي أن يكون بداية لإعادة تأسيس وحدة الشعب الفلسطيني، سياسيا، إن كان ذلك صعبا على المستوى الجغرافي. ولذلك، فإن المصالح الوطنية الأردنية، المنسجمة مع القانون الدولي، تفرض منح جميع الفلسطينيين الوافدين إلى البلاد ، اعتبارا من 5 حزيران 1967، الجنسية الفلسطينية، دون المساس بحقوق الإقامة في البلاد، وهو ما يسمى العودة السياسية، وتخصيص الموارد الممكنة لإعادة توطينهم في بلادهم، أي العودة الفعلية، بينما يكون للاجئين الحق في الحصول على تلك الجنسية كخيار.


لا يمكن لوطني أردني لديه الحد الأدنى من الضمير أن يقبل بتجنيس الوافدين الفلسطينيين إلى البلاد بعد 1988، قطعيا، ولا يمكنه أن يقبل بالصيغة الحالية لقرار منح أبناء الأردنيات، الحقوق المدنية، من دون ملاحظة الإقامة الفعلية، كشرط يضمن عدم استغلال القرار الانساني لأسباب سياسية، وتهجير المزيد من الفلسطينيين نحو الأردن.


ولا يمكن لأردني يحترم كيانه ودولته وجواز سفره أن يقبل، من حيث المبدأ، بمنح أي كان جوازات سفر مؤقتة، فما بالك بتلك التي تتساوى مدتها مع الجواز الدائم، مما يجعلها خطوة نحو المواطنة.


ليس في ما ذكرناه، أعلاه، أي تهويل. زد على ذلك أن رائحة نائب المحافظين الجدد في البرلمان الأردني، تثير الريبة؛ فهو لا يبرز يبرز في عشيات المصائب: كان له دور كبير فيعشية معاهدة وادي عربة وبعدها، وفي عشية العدوان على العراق العام 2003 وبعده ـ حين سعى، علنا ومن دون أن يرف له جفن ـ إلى استضافة وفد المحافظين الجدد لإقناع الأردنيين بالاحتلال وفوائده.


بالطبع، ليس ' النائب' المذكور، مهما في ذاته، ولا يشكل فريقه سوى مجموعة من الموعودين الواهمين، ولكنه يبرز حين يكون هناك مصيبة مقدرة على البلاد، أميركيا وإسرائيليا.



انتبهوا ايها السادة في كواليس الحكم؛ فلو كنت مكانكم ـ والعياذ بالله ـ لخفت من الصمت أكثر مما أخاف من الضجيج... فالأرض تقاتل مع بنيها، والانفجارات الكبرى الحاسمة لا يمكن توقعها... ' إذا زلزت الأرض زلزالها'!


انتبهوا أيها الضالعون في مؤامرة الوطن البديل: شعبنا يحفظ الأسماء، ويعرف الأدوار، ولن يسامح!

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012